في شرق سوريا.. أطفال "خلافة" متداعية

مستقبل مجهول ينتظر الآلاف من الفارين من مناطق سيطرة التنظيم وبينهم أجانب من جنسيات فرنسية وتركية وروسية وأوكرانية.
الأربعاء 2019/02/13
المجهول يحاصر أطفال ولدوا داخل أسوار دولة الخلافة

قرب الباغوز (سوريا) – ولدوا في “دولة” أصبحت أثرا بعد عين، غالبيتهم لآباء قتلوا خلال المعارك، وأمهات لا ترغب بلدانهن في استعادتهن. هم أطفال “دولة الخلافة” الخارجون من الكيلومترات الأخيرة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا، والمولودون خارج كل الأطر القانونية والطبيعية التي يمكن أن تضمن لهم حياة طبيعية كغيرهم.

تتصدر وجوههم المتّسخة العشرات من الشاحنات الصغيرة التي تضيق بهم وبأمهاتهم المتشحات بالنقاب الأسود، بانتظار نقلهم إلى مخيم مخصص لهم، بعد وصولهم إلى مواقع قوات سوريا الديمقراطية. وفي تلك الشاحنات، يجلس أطفال من مختلف الأعمار، لا يتخطى عمر بعضهم الثلاثة أشهر. ولعل الجوع هو القاسم المشترك بينهم جميعا. ويحدّق من هم أكبر سنا بصمت في حشود الصحافيين الذين يتجمّعون حولهم.

يرتدي هؤلاء الأطفال كل ما أمكن لأمهاتهم إلباسهم، قمصانا من الصوف وسترات وقبعات تقيهم برد الصحراء القارس. أما الأمهات وغالبيتهن شابات صغيرات، فإن النقاب يخفي ملامحهن من دون أن يخبّئ نظرات الخوف والإرهاق في عيونهن وأيديهن النحيلة المتسخة.

ويعيش المدنيون في آخر نقاط التنظيم، ظروفا بائسة، خصوصا منذ تكثيف قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية هجومها على المنطقة خلال الأسابيع الأخيرة.

وبين ذراعيها، تحمل مراح (17 عاما) طفلتها خديجة التي ولدت في كنف “الخلافة” قبل عام، وهي التي قصدت برفقة زوجها ريف دير الزور الشرقي قادمين من مدينة منبج الواقعة على بعد المئات من الكيلومترات شمالا.

نحو المجهول
نحو المجهول

وبعد وصولها إلى منطقة الفرز، تضع قوات سوريا الديمقراطية والد خديجة الشاب في شاحنة تقلّ العشرات من الرجال للتوسع في التحقيق معهم. ولدى سؤال مراح عن المستقبل الذي تريده لابنتها، تحدّق في وجه خديجة مطولا، وتلتزم الصمت.

وينتظر مستقبل مجهول الآلاف من الفارين من مناطق سيطرة التنظيم وبينهم أجانب من جنسيات فرنسية وتركية وروسية وأوكرانية، ممن يتم نقلهم إلى مخيمي الهول وروج، حيث توضع عائلات المقاتلين الأجانب في جزء خاص يخضع لحراسة مشددة.

وللوصول إلى المخيمين، يجتاز هؤلاء المئات من الكيلومترات على متن شاحنات صغيرة لا تقيهم غبار الصحراء ولا الحرارة المنخفضة.

وأحصت الأمم المتحدة وفاة 35 من الأطفال وحديثي الولادة خلال الشهرين الأخيرين معظمهم بسبب البرد، أثناء فرارهم مع عائلاتهم من الجيب الأخير للتنظيم، الذي تستهدفه قوات سوريا الديمقراطية بهجومها منذ سبتمبر.

وفي باحة الاستقبال داخل مخيم الهول، تجلس نساء وأطفالهن الصغار على أكوام من البطانيات والأغطية بانتظار توزيعهم على خيام خاصة بهم.

وفي خيمة تحولت إلى عيادة طبية، تدخل النساء أطفالهن تمهيدا لفحصهم. ولدى خروج أم شابة تحمل طفلا رضيعا تقول “اكتشفت أنني حامل”، بطفل لن يكون مستقبله أفضل حالا حتى لو كان سيولد خارج أسوار “دولة الخلاقة”.

7