في انتصار دبلوماسي للإمارات.. العدل الدولية ترفض شكوى السودان

من شأن قرار العدل الدولية إضعاف موقف الحكومة السودانية وتقويض ادعاءاتها ويظهر في الوقت ذاته قوة الموقف الاماراتي ووجاهة جهود أبوظبي القانونية والدبلوماسية في ابطال مزاعم الجيش السوداني.
الاثنين 2025/05/05
ممثلة الإمارات أمام محكمة العدل الدولية: دعوى السودان لا تستند إلى أسس قانونية أو واقعية

لاهاي - رفضت أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة الإثنين دعوى رفعها السودان ضد الإمارات العربية المتحدة بتهمة التواطؤ في ارتكاب إبادة جماعية في الحرب التي تمزق البلاد منذ أكثر من عامين، في انتصار دبلوماسي لأبوظبي التي أكدت مرارا بطلان الدعوى ونفت صحة مزاعم حكومة الأمر الواقع بقيادة قائد الجيش رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان.

ومن شأن هذا القرار إضعاف موقف الحكومة السودانية وتقويض ادعاءاتها ويظهر في الوقت ذاته قوة الموقف الاماراتي ووجاهة جهودها القانونية والدبلوماسية في ابطال تلك المزاعم.

كما يمثل رفض الدعوى نكسة للجهود الدبلوماسية التي تبذلها حكومة أمر الواقع في السودان في سعيها لعزل قوات الدعم السريع دوليا وتجريم من تزعم أنهم من داعميها.

وأكدت محكمة العدل الدولية أنها لا تتمتّع بالاختصاص القضائي للبتّ في القضيّة، بينما يحمل الرفض في طياته دلالات مهمة باعتبار أن الادعاءات السودانية لا تستند لأدلة موثوقة ولا يوجد ما يبررها.

وكانت السلطات الإماراتية قد أحبطت قبل أيام من قرار العدل الدولية محاولة تهريب أطراف لأسلحة للجيش السوداني في عملية أظهرت سياسة الخداع التي ينتهجها البرهان ضمن محاولات اظهار أن أبوظبي تزود قوات الدعم السريع بالأسلحة والذخيرة.

وفي مارس الماضي، اتّهم السودان الإمارات أمام محكمة العدل الدولية بالتواطؤ في إبادة جماعية في حقّ قبيلة المساليت من خلال دعمها قوات الدعم السريع المنخرطة منذ أبريل 2023 في حرب مع الجيش السوداني.

لكن أبوظبي أدخلت لدى توقيعها اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية عام 2005 "تحفظا" عن بند رئيسي يُمكّن الدول من ملاحقة إحداها الأخرى أمام محكمة العدل الدولية في أي نزاعات تنشأ بينهما.

وقالت المحكمة في قرارها "في ضوء التحفّظ الصادر عن الإمارات العربية المتحدة... لا تتمتّع المحكمة كما يبدو بوضوح بالصلاحية اللازمة للبتّ في طلب السودان".

وأشادت ممثّلة الإمارات بالقرار. وقالت نائب مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية ممثلة دولة الإمارات أمام محكمة العدل الدولية ريم كتيت، إن الدعوى التي رفعها السودان "لا تستند إلى أسس قانونية أو واقعية... مما يجعل الادعاءات الموجهة ضدها لا أساس لها من الصحة".

ولطالما نفت الإمارات تقديم دعم لقوات الدعم السريع، واصفة القضية بأنها "مسرحية سياسية" تنطوي على "محاولة أخرى لصرف الانتباه عن هذه الحرب الكارثية" التي أودت بحياة عشرات آلاف الأشخاص وشرّدت الملايين وتسبّبت بمجاعة في أجزاء كبيرة من البلاد الواقعة في شمال شرق إفريقيا.

ويشهد السودان، ثالث أكبر دولة إفريقية من حيث المساحة، منذ أبريل 2023 حربا مدمرة اندلعت على خلفية صراع على السلطة بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للسودان منذ انقلاب العام 2021، ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.

وأسفرت الحرب عن سقوط عشرات آلاف القتلى وتشريد 13 مليون نسمة، فيما تعاني بعض المناطق المجاعة، وسط "أسوأ أزمة إنسانية" في العالم بحسب الأمم المتحدة.

وتأكد مقتل نحو 540 مدنيا في ولاية شمال دارفور السودانية في الأسابيع الأخيرة. وندّدت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي بأعداد "مرعبة" للقتلى وبتفشي العنف الجنسي. وأصبحت ولاية شمال دارفور ساحة معركة رئيسية في الحرب

ووفق تقرير مدعوم من الأمم المتحدة، تضرب المجاعة خمس مناطق في السودان، بما في ذلك مخيما زمزم وأبوشوك وأنحاء في جنوب البلاد. وقال مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن "فظاعة ما يحدث في السودان هي بلا حدود".

وأعربت محكمة العدل الدولية عن "بالغ القلق إزاء المأساة الإنسانية في السودان التي تشكّل خلفية للمنازعة القائمة". وندّدت بـ"الآثار المدمّرة للنزاع العنيف التي تزهق الأرواح وتثير معاناة لا توصف، لا سيّما في غرب دارفور".

وفي جلسات استماع مطلع مايو، زعم القائم بأعمال وزير العدل السوداني معاوية عثمان أن "الدعم" الذي قدمته الإمارات لقوات الدعم السريع "يبقى المحرك الرئيسي للإبادة الجماعية".

وتعتبر أحكام محكمة العدل الدولية التي تنظر في النزاعات بين الدول، نهائية وملزمة، لكن المحكمة لا تملك الوسائل لضمان الامتثال لها.

والأحد، استهدفت ضربة نفذتها قوات الدعم السريع بواسطة مسيّرات لأول مرة مطار بورتسودان، الواقعة على البحر الأحمر والمقر الحالي للحكومة السودانية الموالية للجيش، في ظل تكثيف هجماتها على معاقل الجيش السوداني في الأسابيع الأخيرة.