فيللا مدمرة لثري كردي شاهد على محدودية قدرات الاستخبارات الإيرانية

هجوم أربيل "يمكن أن يكون أيّ شيء سوى على قاعدة إسرائيلية".
الاثنين 2022/03/21
مركز استخباري إسرائيلي أم غرفة للأطفال؟

كشف الهجوم بالصواريخ على فيللا لثري كردي عن محدودية الاختراق الاستخباري الإيراني لمنطقة حيوية بالنسبة إلى إيران. فالحرس الثوري الإيراني يريد أن يستعيد بعضا من اعتباره بعد تلقيه لضربات قاسية خلال الأعوام الماضية. والنتيجة بائسة إلى الآن.

أربيل (العراق) - دُمرت فيللا كبيرة يمتلكها رجل أعمال كردي عراقي يعمل في قطاع النفط بوابل من الصواريخ على مقربة من مجمع للقنصلية الأميركية في أربيل مطلع الاسبوع الماضي.

وقال الحرس الثوري الإيراني إنه شن الهجوم يوم الأحد الماضي، حيث أطلق 12 صاروخ كروز على ما وصفه بأنه “مركز استراتيجي” لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد ردا على غارة إسرائيلية في سوريا أسفرت عن مقتل اثنين من قوات الحرس الأسبوع الماضي.

ونفى باز كريم برزنجي، الرئيس التنفيذي لمجموعة كار النفطية الكردية العراقية، أي صلات بالموساد. وقد دمرت الصواريخ منزله لكنه يقول إنه ممتن لأن عائلته لم تصب بأذى.

كما لم تتضرر القنصلية الأميركية ولم يبلّغ عن وقوع إصابات في الهجوم. وقالت الولايات المتحدة إنها لا تعتقد أن ذلك كان الهدف. لكن وابل الصواريخ يمثل تصعيدا كبيرا بين الولايات المتحدة وإيران. وغالبا ما ظهر العداء بين الخصمين القدامى في العراق، الذي تتحالف حكومته مع كلا البلدين.

وأشار برزنجي إلى حفرة كبيرة حيث كان مكتبه المنزلي قائما، في جولة على الأنقاض يوم الجمعة. وقال إنه كان مع زوجته وطفليه المراهقين يزورون مزرعة قريبة عندما وقع الهجوم.

وأصبحت غرف الجلوس الفخمة، حيث كان المسؤولون الحكوميون والدبلوماسيون وغيرهم من الشخصيات ذات النفوذ يلتقون، مبعثرة الآن بالزجاج وقطع الخرسانة وأكوام الحطام. واختفت النوافذ والسقف وأصبحت الأرضيات مغطاة بالركام. وقال: “هذا منزل عائلتي، كانت كل صورنا وممتلكاتنا هنا”.

وتروي ابنته، بان كريم، كيف احتمت في الحديقة مع كلاب العائلة بينما كانت الصواريخ تدوّي في سماء المنطقة. وقالت متحدثة باللغة الإنجليزية: “لا نعرف ما إذا كان بإمكانهم رؤيتنا، ولا نعرف ما إذا كانت طائرات دون طيار، ولا نعرف أيّ شيء عن الصواريخ، وما الذي سيحدث الآن”.

ويتكهن المراقبون بأن توقيت الهجوم كان مهما لأن تركيز العالم ينصب على حرب روسيا في أوكرانيا. وتحافظ المنطقة الكردية في شمال العراق التي تتمتع بحكم شبه ذاتي على روابط سرية مع إسرائيل من خلال بيع نفطها. وأشرفت مجموعة كار على بناء خط أنابيب وتشغيله والتصدير إلى جيهان في تركيا من خلال مشروع مشترك مع شركة روسنفت الروسية.

الكاظمي وبارزاني شاهدان على استعراض القوة الإيراني
الكاظمي وبارزاني شاهدان على استعراض القوة الإيراني

ومن الواضح أن ما يتحدث عنه الإيرانيون غير صحيح. وقال هيوا عثمان، المحلل السياسي الكردي العراقي، عن الفيللا التي دُمّرت، “يمكن أن تكون أيّ شيء سوى قاعدة إسرائيلية”.

كما رفض مسؤول في المخابرات العراقية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشته الهجوم، المزاعم بأن المنزل كان مركز تجسس إسرائيلي، مضيفا أنه مكان يعقد فيه الدبلوماسيون اجتماعات اجتماعية في الكثير من الأحيان.

ويعني الاستهداف الخاطئ لمنزل الثري الكردي أن الاختراق الاستخباري الإيراني لشمال العراق، وخصوصا المنطقة التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني، أقل بكثير مما يكان يعتقد.

وتنتشر أجهزة الاستخبارات الإيرانية المختلفة، ومنها تلك التابعة للحرس الثوري، في أرجاء العراق، وتخصص جزءا معتبرا من جهدها الاستخباري للمناطق الكردية حيث تحظى بعلاقات قوية مع قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يسيطر على مناطق السليمانية المحاذية لإيران.

وكان الهجوم هو الاستهداف الإيراني الأول على الأراضي العراقية منذ الضربة الصاروخية في يناير 2020 على قاعدة عين الأسد الجوية التي تؤوي القوات الأميركية، والتي جاءت ردا على الضربات التي أودت بحياة القائد الإيراني البارز قاسم سليماني خارج مطار بغداد.

قال حمدي مالك، الزميل المشارك في معهد واشنطن والمتخصص في الميليشيات الشيعية، إن هذه رسالة من إيران إلى قاعدتها وشعبها. فهي بحاجة إلى رفع المعنويات لأنهم تعرضوا للإذلال لفترة طويلة.

ويعتقد مالك أن التخطيط لهجوم يوم الأحد كان دقيقا لتقليل الخسائر إلى الحد الأدنى وعدم التسبب في أيّ ضرر مباشر للمصالح الأميركية مع إرسال رسالة إلى واشنطن وسط المحادثات النووية المتوقفة بين إيران والقوى العالمية في فيينا: في المرة القادمة يمكن أن تكون أكبر وأكثر خطورة.

كما عمل الهجوم على تذكير بغداد بالنفوذ الإيراني، حيث تتآكل المحادثات بشأن تشكيل الحكومة وحيث يهدد مقتدى الصدر باستبعاد الأحزاب المدعومة من إيران من خلال تشكيل تحالف مع الأكراد والسنة.

وقال مالك إن رسالة إيران إلى الشركاء العراقيين هي أنه بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات.. “يبقى العراق فناءنا الخلفي ويمكننا أن نفعل ما نريد، متى نريد”.

لكن كل هذا يعني بالضرورة إحساسا بالضعف لدى الإيرانيين الذي يفترضون تمتعهم بسيطرة شبه شاملة على ما صار يعد معبرا يربط بين إيران وشرق المتوسط، في سوريا ولبنان، ونقطة احتكاك مهمة مع الند التركي القريب صاحب النفوذ الأكبر على حزب مسعود بارزاني وجناح الحكم التابع له في الحكومة الكردية.

6