فيتناميات يداوين جراحهن بالوشم على أجسادهن

هانوي - ازدادت شعبية التاتو والوشم في العالم مؤخرا، ونرى السيدات يتسابقن على رسم أشكال في مناطق مختلفة من الجسد للزينة والتبرج، لكن من النساء من تحمل ندوبا وآثارا على الجسد ما يشعرها بالإحراج أو اليأس، ولاستعادة ثقتها بنفسها تلجأ إلى الوشم لإخفاء عيوبها الجسدية.
وهذا ما تقوم به فنانة وشم فيتنامية قالت إنها تسعى جاهدة لتمكين النساء من الشعور بالجمال والرضى عن منظرهن من خلال تغطية الإصابات التي تعرضت لها جلودهن.
ولكن أحد استخدامات الوشم الأكثر أهمية استخدامه لتغطية الندوب والعلامات التي خلفتها إصاباتنا بالجروح أو الحروق أو مشاكل الجلد الأخرى.
في شقتها الصغيرة في هانوي تتولى نغوك وشم أجسام نساء انقلبت حياتهن رأساً على عقب بسبب الطلاق أو المرض، فلجأن إلى مداواة جراحهن من خلال هذا الفن الذي لا يزال محظورا إلى حد كبير في بلدهنّ.
ورغم أن الوشم غالبا ما يرتبط بأفراد العصابات والبغاء والعالم السري في هذا البلد الشيوعي الذي لا يزال محافظاً جداً، إلا أن فنانة الوشم الشابة أصبحت مشهورة على وسائل التواصل الاجتماعي بمساعدة الناس، خاصةً النساء بسبب إخفاء ندوبهن عن طريق كتابة أعمال فنية جميلة عليها.
نغوك في هانوي تُعرف بأنها ساحرة في فن الوشم لنجاحها في تحويل الندوب إلى رسوم تعيد إلى النساء الثقة بأنفسهن
وقالت الخبيرة التي أطلقت على نفسها لقب “نغوك لايك” وبدأت العمل في هذا المجال قبل أقل من عشر سنوات رغم الانتقادات التي واجهتها “التقيت الكثير من النساء اللواتي قلن لي إنهن يعشقن الوشم لكنهن وُلدن في عصر لم يكن فيه أحد يتقبله”.
البعض من النساء اللواتي بلغن منتصف العمر اخترن إدارة ظهورهن للماضي، ووجدن في حفر الوشم على أجسامهن وسيلة للتحرر من الأعراف المجتمعية الصارمة التي نشأن في ظلها.
وتُعرف نغوك في هانوي بأنها ساحرة في فن الوشم، حيث يعتبر التعامل مع الندوب صعبا للغاية، ولكن يبدو أنها دائمًا تجد أفضل تصميم لإخفائها تمامًا، وقالت “كل امرأة جميلة، ولا أريد أن تكافح أي امرأة مع ندوبها”، مضيفة أنها سعيدة بمساعدة زبائنها على استعادة ثقتهم.
ولاحظت الفنانة البالغة 28 عاماً والتي تشكل النساء معظم زبائنها أن “الحصول على وشم يمثّل مرحلة أساسية في حياتهن”، مشيرة إلى أنهنّ من اللواتي “تجاوزن الخوف من أحكام المجتمع وتكونت لديهن رغبة شخصية في التجديد”.
وتقضي نجوك في بعض الأحيان أكثر من 12 ساعة وهي تشتغل على وشم واحد، لكن النتائج دائمًا تكون مذهلة، وهو ما يظهر عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ترسل الورود والأشجار والرسومات الجميلة حول الندوب، بحيث لا تظهر إطلاقا، وفي نفس الوقت تعطي شكلا مميزا وإيحاء بعدم وجود أي جروح في هذه الأماكن.
ولا تتجاوز نسبة الفيتناميين الذين لجأوا إلى وشم أجسامهم 4 في المئة، وفقاً لأحدث البيانات المتاحة من دراسة أجرتها عام 2015 مجموعة الأبحاث الفيتنامية “كي أند مي”.
وأظهر هذا الاستطلاع أن 25 في المئة من الفيتناميين “يشعرون بالخوف” من رؤية الوشم. لكن تران ها نغوين، وهي معلمة تبلغ 41 عاماً، رأت في وشم جسمها خطوة احتفالية بعد طلاقها من زوجها “المحافظ والمتصلب”.
وأشارت إلى أن طليقها “رفض رفضاً قاطعاً” أن تضع أي وشم على جسمها. وأضافت “من جانبي كنت أخشى أن أفقد وظيفتي إذا كان لدي أي شيء ظاهر”.
وشاءت تران بعد طلاقها أن تضع حدا فاصلاً لما كانت عليه، وأن تفعل أشياء لم تكن تجرؤ عليها من قبل.
من هذا المنطلق اختارت حفر وشم صغير على جسمها لا يستطيع أحد رؤيته إلا إذا كانت ترتدي ثياب السباحة. وقالت “أشعر وكأنني وجدت شخصيتي الحقيقية”.
كذلك تعيش نغوين هونغ تاي (46 عاماً) مرحلة تعاف من الصدمة التي شكلتها وفاة زوجها بسرطان الرئة. واختارت إخفاء ندبة في بطنها بوشم وردة وكتابة عبارة “في قلبي إلى الأبد” على ذراعها.
وكان زوج نغوين راغبا في أن يكون لديها وشم، حيث قالت “لقد رحل الآن، وأعتقد أنه كان يتمنى أن أكون قوية”. وأضافت “لقد منحني الوشم القوة والثقة”.
وأكدت نغوك أن الطلب آخذ في الازدياد. ففي هانوي، حيث يقل متوسط دخل الفرد عن 500 دولار شهريا، غالبا ما تكون زبوناتها مستعدات لإنفاق مبالغ تتجاوز الألف دولار.