فوائد أخرى لعقار "أوزمبيك" غير محاربة السمنة

اكتشف الخبراء تأثيرا أوسع لعقار "أوزمبيك" المخصص لعلاج مرض السكري والسمنة، حيث يمكن لهذا العقار أن يقلل من خطر التدهور المعرفي، وتعاطي المخدرات، وحتى التهاب الدماغ، مقارنة بأدوية السكري الأخرى. ويستخدم “أوزمبيك” في تحسين مستويات السكر في الدم لدى البالغين المصابين بداء السكري من النوع الثاني، وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية الرئيسية.
لندن - تشير الأبحاث إلى أن حقن إنقاص الوزن “أوزمبيك” يمكن أن تساعدعلى تعزيز صحة الدماغ وحتى تقليل اعتماد الناس على النيكوتين. وتمت الإشادة بأدوية “سيماغلوتايد”، التي تباع تحت الأسماء التجارية “أوزمبيك” و”ويغوفي” و”رويبلسيس”، باعتبارها إنجازا رائدا في مكافحة السمنة.
ووفقا لخبراء بريطانيين، يمكن لهذه الحقن أيضا أن تقلل من خطر التدهور المعرفي وتعاطي المخدرات وحتى التهاب الدماغ، مقارنة بأدوية السكري الأخرى.
ولم يحدد الباحثون لماذا قد تساعد الأدوية التي تنتمي إلى فئة من الأدوية تسمى منبهات (جي إل بي ـ 1)، بهذه الطريقة.
وبدلا من ذلك وصفوا النتائج بأنها مهمة وقالوا إنها يمكن أن تمهد الطريق لعلاجات جديدة، لكنهم حذروا من أن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث.
وقال الدكتور ريكاردو دي جيورجي، خبير الطب النفسي للبالغين في جامعة أكسفورد والمؤلف الرئيسي للدراسة، “تشير نتائجنا إلى أن استخدام ‘سيماغلوتايد’ يمكن أن يمتد إلى ما هو أبعد من إدارة مرض السكري، ما قد يقدم فوائد غير متوقعة في العلاج والوقاية من التدهور المعرفي وإساءة استخدام المواد. وبالتالي فإن نتائج دراستنا لا تساعد فقط على طمأنة الملايين من المرضى الذين يعتمدون على”سيماغلوتايد” لإدارة مرض السكري، ولكن إذا تم تأكيدها فقد تكون لها أيضا آثار كبيرة على الصحة العامة من حيث تقليل العجز المعرفي ومعدلات التدخين بين مرضى السكري”.
الحقن يمكنها أن تقلل من خطر التدهور المعرفي وتعاطي المخدرات وحتى التهاب الدماغ، مقارنة بأدوية السكري الأخرى
وأضاف الدكتور ماكس تاكيه، المؤلف المشارك في الدراسة والخبير في علاج الاضطرابات النفسية في جامعة أكسفورد، “دراستنا قائمة على الملاحظة، وبالتالي يجب تكرار هذه النتائج في تجربة عشوائية لتأكيد وتوسيع نطاق النتائج التي توصلنا إليها. ومع ذلك، فهي أخبار جيدة للمرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية، والذين يواجهون احتمالات متزايدة للإصابة بمرض السكري”.
وفي الدراسة تتبع الباحثون أكثر من 120 ألف أميركي مصاب بمرض السكري من النوع الثاني بين عامي 2017 و2021.
وعلى مدى عام من المتابعة قاموا بمقارنة مخاطر 22 حالة عصبية ونفسية بين المرضى الذين يتناولون عقار “سيماغلوتايد” مع أولئك الذين يتناولون دواء “سيتاغليبتين” لمرض السكري من النوع الثاني.
وتم تحليل مجموعة ثانية من مستخدمي “سيماغلوتايد” مقارنة بمن يتناولون “إمباغليفلوزين” و”غليبيزيد”، وكلاهما أيضا من أدوية مرض السكري من النوع الثاني.
وتشمل الحالات الـ22 التي تم تقييمها التهاب الدماغ ومرض باركنسون والعجز المعرفي والخرف والصرع والصداع النصفي والأرق واضطرابات الأعصاب وأمراض العضلات والنزيف داخل الجمجمة.
ومن بين الأمراض الأخرى السكتات الدماغية وإساءة استخدام الكحول وإساءة استخدام المواد الأفيونية وإساءة استخدام القنب وإساءة استخدام المنشطات وإساءة استخدام النيكوتين والذهان والاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب والقلق واضطراب الوسواس القهري والانتحار.
وكتب العلماء في مجلة “إي كلينيكل ميدسين”: “لم يرتبط ‘سيماغلوتايد’ بزيادة خطر حدوث نتائج عصبية ونفسية. بدلا من ذلك، بعد تصحيح الاختبارات المتعددة، ارتبط ‘سيماغلوتايد’ بانخفاض خطر العديد من هذه النتائج”.
ولوحظ أكبر انخفاض في المخاطر في التهاب الدماغ، حيث كان لدى المرضى الذين يتناولون “سيماغلوتايد” احتمال أقل بنسبة 74 في المئة للإصابة بالحالة مقارنة بمن يتناولون “غليبيزيد”، وأقل بنسبة 65 في المئة من مرضى “سيتاغليبتين”.
كما كان لدى مستخدمي “سيماغلوتايد” احتمال أقل بنسبة 28 في المئة للإصابة بالتدهور المعرفي مقارنة بمن يتناولون أدوية السكري الأخرى.
ولوحظت انخفاضات كبيرة أخرى في الإصابة بالخرف، حيث كانت هناك احتمالات أقل بنسبة 48 في المئة مقارنة بـ”سيتاغليبتين” و37 في المئة لـ”غليبيزيد”.
وبلغت نسبة إساءة استخدام النيكوتين أقل من 28 في المئة مقارنة بـ”غليبيزيد”، و23 في المئة مقارنة بعقار “إمباغليفلوزين”. وبالرغم من ذلك أقر الباحثون أن الدراسة فيها “العديد من القيود” بما في ذلك عدم التحكم في المتغيرات مثل ما إذا كان المريض ملتزما بتناول أدويته بانتظام، فضلا عن أن الدراسة قائمة على الملاحظة.
ويمثل “أوزمبيك” قفزة هائلة في علاج مرض السكري من النوع الثاني وفقدان الوزن. ويبدو أنه مختلف عن الأدوية الأخرى، ليس فقط من الناحية الدوائية ولكن أيضا من حيث تأثيره المحتمل الأوسع، وفقا لما كتبه شون إلينج ويوهان هاري في موقع فوكس.
ويستخدم “أوزمبيك” في تحسين مستويات السكر في الدم لدى البالغين المصابين بداء السكري من النوع الثاني، وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية الرئيسية، مثل السكتة الدماغية أو النوبات القلبية أو الوفاة، للبالغين المصابين بداء السكري من النوع الثاني والذين يعانون أيضا من أمراض القلب.
وينتمي “أوزمبيك” إلى فئة من الأدوية تسمى “ناهضات الببتيد – 1 الشبيهة بالغلوكاغون، والتي تعمل عن طريق الارتباط بمستقبلات “جي إل بي – 1 التي تحفز إفراز الأنسولين من البنكرياس عندما تحتاج إليه.
كما يساعد على تقليل كمية السكر التي يفرزها الكبد، ويبطئ خروج الطعام من المعدة، ويساعد الجمع بين هذه التأثيرات على خفض مستويات السكر التراكمي “إيه 1 سي” والسكر في الدم، وقد يساعد أيضا على تقليل الشهية.
ويعمل “أوزمبيك” بآلية جديدة تماما، فإذا أكل الشخص شيئا ما تنتج أمعاؤه هرمون “جي إل بي ـ 1″، وهو جزء من الإشارات الطبيعية للجسم تخبر الشخص بأنه قد اكتفى.
لكن “جي إل بي ـ 1” الطبيعي يبقى في النظام الغذائي بضع دقائق فقط، وما تفعله هذه الأدوية هو حقن المريض بنسخة صناعية من “جي إل بي ـ 1، ولكن بدلا من أن يستمر بضع دقائق يبقى في النظام الغذائي مدة أسبوع كامل، وفقا للكاتب يوهان هاري.
وقال هاري “نظرا إلى أن هرمون ‘جي إل بي ـ 1’ يتم تصنيعه في الأمعاء، فقد كان يعتقد أن هذه الأدوية تؤثر في المقام الأول على الأمعاء، وأنها تعمل عن طريق إبطاء نظام المعدة لدى الشخص. وهذا صحيح، فهناك بالتأكيد تأثير على الأمعاء لكن أيضا لدى مستقبلات “جي إل بي ـ 1” تأثير على الدماغ. وأضاف “إذا أعطيت هذه الأدوية للقوارض ثم قمت بفتح أدمغتها، فسترى أن الدواء ينتشر في كل مكان بأدمغتها. ويشير علماء الأعصاب الذين أجريت معهم مقابلات إلى أن هذه الأدوية تعمل في المقام الأول عن طريق تغيير رغبات القوارض”.
وهناك أيضا جدل كبير حول التأثيرات السلبية والإيجابية التي قد تحدث، فهناك جدل حول ما إذا كانت أدوية ناهضات “جي إل بي ـ 1 ” تسبب الاكتئاب أو حتى مشاعر انتحارية لدى أقلية من المستخدمين.
"أوزمبيك" يمثل قفزة هائلة في علاج مرض السكري من النوع الثاني وفقدان الوزن. ويبدو أنه مختلف عن الأدوية الأخرى، ليس فقط من الناحية الدوائية ولكن أيضا من حيث تأثيره المحتمل الأوسع
هذا محل خلاف كبير، فهناك نظريات مختلفة حول ما يفعله “أوزمبيك” وناهضات “جي إل بي ـ 1 “بالدماغ، ولكن هذه المرحلة تخمينية، ولا يعرف الخبراء ذلك على وجه الدقة.
وهناك نظرية تقول إن هذه الأدوية تعزز نظاما في الدماغ. كما أوضح البروفيسور بول كيني، وهو رئيس قسم علم الأعصاب في جامعة ماونت سيناي، أنه بالإضافة إلى نظام المكافأة في دماغ الشخص شيء يسمى نظام الشبع لديه.
والشبع هو مفهوم مهم حقا لفهم كيفية وصول الشخص إلى أزمة السمنة وكيفية عمل هذه الأدوية، وشبعه هو مجرد شعوره بأنه قد اكتفى ولم يعد يريد المزيد.
وقد تكون هذه الأدوية لا تقلل من نظام المكافأة الخاص بالشخص بقدر ما تقلل من نظام الشبع لديه.
وأصبحت حقن “أوزمبيك” وأدوية إنقاص الوزن الأخرى التي تعمل بالطريقة نفسها من أكثر الأدوية التي يتم الحديث عنها في العالم خلال فترة زمنية قصيرة بشكل ملحوظ.
ومع زيادة معدلات السمنة لدى البالغين في جميع أنحاء العالم اتجه الناس إلى العديد من الأساليب والأدوية بحثًا عن الحل الأمثل لفقدان الوزن على مدى سنوات عديدة. وفي السنوات القليلة الأخيرة ظهرت مجموعة من الأدوية تسمى ناهضات “جي بي إل ـ 1” كانت تستخدم لعلاج مرض السكري منذ عام 2005، لكن قامت هيئة الغذاء والدواء الأميركية بالموافقة على أول دواء من هذه العائلة في عام 2014 خصيصًا لخفض وزن الأشخاص الذين لديهم مؤشر كتلة الجسم 30 أو أكثر أو مؤشر كتلة الجسم 27 على الأقل مع أحد الأمراض المصاحبة المرتبطة بالوزن. وتمت الموافقة على حقن “أوزمبيك” (سيماغلوتايد) في عام 2017 من قبل هيئة الغذاء والدواء لاستخدامها في معالجة مرض السكري من النوع الثاني لدى البالغين.
وتستخدم حقنة “أوزمبيك”مع ممارسة الرياضة والنظام الغذائي لتحسين نسبة السكر في الدم للبالغين المصابين بمرض السكري من النوع الثاني. كما تُستخدم أيضًا لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية الكبرى مثل السكتة الدماغية أو النوبة القلبية لمرضي السكري من النوع الثاني المصابين بأمراض القلب المعروفة.