فنانون وطهاة يروجون للاستدامة كأسلوب حياة في الإمارات

لم تعد الاستدامة يختارها البعض منهجا له للحفاظ على البيئة، بل يسعى فنانون وطهاة إماراتيون ومقيمون إلى جعلها أسلوب حياة يتبعه الجميع لتحقيق مستوى عيش نظيف في كل الفضاءات التي حولنا برا وبحرا.
أبوظبي ـ بدءا من الاستفادة من بقايا الطعام في المطاعم إلى تنفيذ عمل فني من القمامة المترسبة في قاع البحر، يأمل مدافعون عن الاستدامة مقيمون في الإمارات في إلهام الآخرين للعمل والعيش في بيئة بشكل أكثر استدامة.
ففي سوق السمك بأبوظبي، أول ما تقع عليه أعين الناس حين يدخلون عمل فني من قطع تم جمعها من حطام سفينة.
وكانت الفنانة التشكيلية عائشة حاضر، التي استوحت فكرتها من الأيام التي أمضتها في منزل عائلتها الشاطئي في منطقة الضبعية الساحلية، وظلت تغوص إلى حطام السفينة في نهاية كل أسبوع على مدار عام لجمع بعض الأغراض الغارقة.
وقالت، “على مدار عام أو ما يقرب من ذلك، دخلت إلى حطام السفينة وذهبت للغوص في عطلة نهاية كل أسبوع تقريبا، أو ما يقرب من ذلك لجمع هذه القطع التي نراها في أعمالي الفنية. في كل مرة أذهب فيها أكتشف أشياء جديدة، فالأمر لا يتعلق فقط بما يعطيني إياه حطام السفينة، وإنما بما أعطيه أنا أيضا للحطام. هناك هذا التفاعل، كما تعلمون. ما قمت به كتجربة، أردت في البداية أخذ أشياء منه، الأشياء التي أراها تضر بالمكان”.
ولفتت إلى أنها ورثت مهارة الغوص في البحار من ذويها وعائلتها البحارة، فيما تنفذ مشروعها حالياً في إحدى الجزر التابعة لإمارة أبوظبي بالقرب من «دوبة» غارقة في المياه، وهي سفينة كانت تستخدم في الماضي لنقل مواد مختلفة ثقيلة عبر البحار.

ولا يمثل العمل الفني، الذي يحمل اسم “الدوبة”، ذكريات طفولة الفنانة فحسب، وإنما يهدف أيضا إلى أن يبعث برسالة حول استدامة البحار والمحيطات.
وتابعت “أردت حقا أن أقول للناس ألا يلقوا القمامة، إنه البحر، نحن بحاجة إلى الاعتناء به لأنفسنا ولجيلنا القادم. هذه واحدة من الرسائل التي أفكر فيها، وهذا شيء أريد أن أطوره في عملي أكثر وأكثر، فبدلا من إنشاء شيء جديد، كان العثور على شيء موجود بالفعل وإنتاج قصة جديدة أو الإضافة إلى قصة”.
يذكر أن الفنانة الإماراتية كانت تحمل معها الأزياء التراثية إلى البحر، وتتركها لأعوام لترصد التغيرات الفيزيائية التي تطرأ على الكنادير المحلية والفساتين مع مرور الزمن عبر التقاط صور فنية لها ومقاطع فيديو.
وفي الوقت نفسه في دبي، يمارس كارلوس فرونزي دي جارزا، رئيس الطهاة في مطعم تيبل، شكلاً آخر من أشكال الاستدامة في مطبخه.
فبدلا من إلقاء الفواكه والخضروات المتبقية في سلة المهملات، يدمج دي جارزا العناصر في وصفات جديدة ليُثبت أن كل طاه يمكنه تجنب إهدار الطعام مع الاستمرار في تقديم طعام رائع.
وقال، “أشعر بالحزن كطاه عندما أرى ذلك، لأنني أعرف أنني أستطيع أن أفعل شيئا منه، يمكنني إعداد وجبة جيدة منه وبيعها للزبائن”.

ووصف الطاهي، الذي يصنع طعاما بدءا من الصلصات إلى الخل والزيوت وشاي كومبوتشا، الاستدامة بأنها “أسلوب حياة في المطبخ”.
وتابع “رأيت الكثير من الطهاة يتخلصون من مواد غذائية، لكن أصبح الآن هناك اتجاه الاستدامة وتجنب إهدار الطعام، والذي لا يُفترض أن يكون اتجاها، من المفترض أن يكون أسلوب حياة في المطبخ حيث لا ترمي الأشياء ولكن تستخدمها فقط وتفكر فيها بشكل مختلف، انظر إلى مكون واحد أو أحد الخضروات، فكر في كيفية استخدامك لها من البذور إلى الثمرة واستخدامها بالكامل، يمكنك تقشيرها، يمكنك عمل سلطة، يمكنك إعادة البذور للمزارعين، الذين يستطيعون إعادة زراعتها، ثم يمكننا صنع شيء من النوى أو القشور، يمكننا صنع زيوت، يمكننا صنع خل، يمكننا صنع صلصات. وهذا هو الهدف”.
وتوجد العشرات من عبوات الفواكه والخضروات المُختمرة داخل مطبخ الطاهي الذي يستخدم إبداعاته لإضفاء لمسة على أطباقه.
وأضاف “نحن نُخمر ونصنع الكومبوتشا، فالسائل نستخدمه في صنع غرانيتا (حلوى شبه مجمدة)، واللُب نحوله إلى مسحوق نستخدمه في الحلوى. وبالأساس، نستخدم كل شيء.. الزعتر والتوت بنسبة مئة في المئة مع المسحوق والغرانيتا”.
وبالإضافة إلى الطهي بطريقة مستدامة، يعمل دي جارزا بشكل وثيق مع المزارعين كمدافع عن تأمين الحصول على المكونات محليا والاستفادة من المحاصيل المهدرة.
