فنانة سورية تستعيد رائحة بلدها بصابون غار الحلبي

احتضن فضاء السركال أفنيو في دبي، مؤخرا، معرضا لسارة نعيم، عايش من خلاله الزائرون تجربة فريدة من نوعها حملت إليهم روائح حنين الفنانة إلى وطنها سوريا.
دبي – قامت الفنانة التشكيلية السورية سارة نعيم، بحثا عن وطن بديل في معارضها، بمزج رائحة سوريا في أعمالها الفنية التي تعرض بعضها حاليا في معرض بدبي.
واستخدمت نعيم لاستحضار حنينها إلى الوطن، بشكل مكثف، قوالب صابون مصنوع من زيت الزيتون لإبداع تركيبات فنية تجريدية برائحة الوطن الذي لم يعد بإمكانها دخوله.
ودمج أحدث معرض -جاء مؤخرا ضمن برامج غاليري السركال أفنيو في دبي الذي يهدف إلى تشجيع الفنانين المحليين والعالميين من منطقة الشرق الأوسط، تحت عنوان “بلدينغ بلوكس”، لهذه الفنانة السورية المقيمة في العاصمة الفرنسية باريس – بين موضوعات عن الحدود والحنين إلى الوطن، حيث استحضرت من خلاله حنينها الشخصي كفنانة عبر ثلاثة عناصر رئيسية وهي الياسمين من حديقة جدتها في دمشق، والتربة، وصابون حلب.
واعتمدت الفنانة في معرضها على مجهر إلكتروني للمسح الضوئي كي تلتقط البنية الخلوية لكل عنصر من هذه العناصر، ومن ثم قامت بتضخيمها وتثبيتها على الخشب والبلاستيك، إلا أنها تترك فيها بعض الخلل مثل تسرب الضوء والخطوط المتقاطعة التي تذكّر بفقدان الدقة في الذاكرة مع مرور الوقت. وتمّ تصوير عملية إنشاء هذه الأعمال الفنيّة في فيلم قصير حتى يتمكن المشاهدون من الاطلاع على تجربة نعيم.
وقضت نعيم ساعات في ترتيب قطع الصابون لبناء منشآت تشبه وطنها. وقالت إن مشاعرها بدأت تتحرك وتبعث فيها رغبة في أن يتحقق الأمن في بلدها الذي لم يعد دخولها إليه ممكنا. وأشارت إلى أنها تنظر إلى هذه الأشياء مكبرة 50 ألف مرة، وأحيانا 20 ألف مرة، ولهذا لا تعرف حتى ما كانت تبحث عنه.
ويجلب أقارب لنعيم المواد التي تستخدمها في أعمالها الفنية من سوريا، لكن الصراع المستعر جعل من الصعب جلب سلع سورية أصلية مثل الصابون المصنوع من زيت الزيتون.
وأوضحت الفنانة السورية قائلة “الصابون يأتي أساسا من مدينة أنطاكيا التركية التي تبعد حوالي 100 كلم غربي حلب. وهو المصنع نفسه الذي أدارته ستة أجيال، ويقع المصنع الأقدم في حلب، وقد تعرض للنهب والتدمير، حتى قوالب الصابون أُخذت. وبالتالي فقد عبَر الحدود، وفي الواقع ليس زيتونا، هو صابون من زيت الزيتون، لم يعد الزيتون يأتي من سوريا على أي حال، إنه من تركيا”. وتأمل أن تتمكن في المستقبل من إبداع قالب صابون يتسنى لها أن تنتج منه المزيد من قطع الصابون الصلبة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المعرض الذي انطلق في السادس عشر من فبراير الحالي واستمر حتى السابع والعشرين منه، يعد المعرض الفردي الثاني في رصيد الفنانة، وقد كشف عن انشغال الفنانة بالصور الدقيقة والتقاطعات بين القرب والمسافة في فحص الذاكرة.