فل جازان تاج الصبايا وعطر السعودية

تشتهر منطقة جازان بزراعة الفل وإنتاجه، بل دخل في عادات المنطقة وتقاليدها، فهو لا يغيب عن بيت أو حديقة كما لا يغيب عن المناسبات والأفراح، تتزين به النساء فيفوح منهن عطرا وسعادة.
جازان (السعودية) - تشتهر منطقة جازان بنبتة الفل حتى ارتبط كل منهما باسم الآخر، فأصبح الفل “فل جازان” وأصبحت جازان “جازان الفل… مشتى الكل” وأصبح من عادات أهالي المنطقة الموروثة ومرادفا للسعادة في مناسباتهم وحكاياتهم وأشعارهم وأهازيجهم الشعبية.
ويوجد في المنطقة أكثر من 1000 مزرعة، فيها نحو 500 ألف شجرة فل، تنتج سنويا 600 طن من الفل، فضلا عن “ردائم الفل” التي لا تكاد تخلو منها مداخل المنازل وأفنيتها في عادة توارثها الأهالي منذ المئات من السنين، وتهتم السيدات خصوصا في جازان بزراعة أشجار الفل داخل المنازل والأسوار، كما يمكن ملاحظة انتشاره في الحدائق والميادين العامة.
وتحظى نبتة الفل بعناية مزارعي المنطقة، حيث يبدأ المزارع في زراعة “ردائم الفل” في فصل الربيع لانخفاض درجات الحرارة لتُتعهد بعد ذلك أشجار الفل “الردائم” بالري وبناء بيت من ألواح الخشب المربعة، وذلك للسماح لها بالنمو والتسلق وهي تكبر إذ يصل ارتفاعها إلى نحو ثلاثة أمتار، ولها أوراق دائمة الخضرة ذات ملمس جلدي ناعم على أغصان لينة، وأزهار بيضاء أنبوبية لها رائحة عطرية نفاذة.
نبتة الفل تحظى بعناية مزارعي المنطقة، ولها أوراق دائمة الخضرة ذات ملمس جلدي ناعم على أغصان لينة، وأزهار بيضاء أنبوبية لها رائحة عطرية نفاذة
وتتعدد أنواع الفل وأشكاله ومسمياته فالفل “العزان” ذو الحبات الكبيرة ينمو في المناطق الجبلية بمنطقة جازان وهو أصفر اللون وحجمه أكبر من حجم الفل الأبيض المتعارف عليه في المنطقة، وينظّم في عقد طويل تتراص حباته جنبا إلى جنب في اتساق جميل يلفه الرجال في المناطق الجبلية، خاصة حول رؤوسهم كونه مظهرا من مظاهر الزينة، مستفيدين في ذلك من شكله ورائحته الجملية.
وللفل أنواع كثيرة منها “الفل البلدي” و”الفل العريشي الأبيض” ذو الحبات الطويلة شديد البياض والعبق خاصة بعد أن تتفتح حباته ليلا، ويتباينان في حجمهما ولونهما، وإن كانا يتمتعان بنسبة عالية من عبق الرائحة وأريجها.
وتُعد عملية تطوير زراعة وصناعة الفل، والنباتات العطرية الأخرى “الكادي والنرجس والوزاب والبعيثران والشيح والبرك” في منطقة جازان خطوة مهمة نحو تعزيز الاستثمار الزراعي السياحي، وتوفير فرص عمل لشباب وفتيات المنطقة، إضافة إلى تعزيز مكانتها بصفتها مركزا رائدا في إنتاج هذه المنتجات العطرية ذات الجودة العالية التي اشتهرت المنطقة بزراعتها.
وتوجت جهود الأهالي في زراعة وإنتاج الفل بتأسيس جمعية الفل والنباتات العطرية بمنطقة جازان بهدف تطوير منتجاتهم وإنشاء مصانع لتقطير الفل واستخراج زيته، وتنظيم المهرجانات الزراعية والتسويقية للفل، وتأهيل المزارع للحصول على الشهادات اللازمة لتصدير منتجاتها إلى خارج المملكة.
وأوضح رئيس جمعية الفل والنباتات العطرية بالمنطقة طارق طعنون أن الجمعية بالتعاون مع مركز الأبحاث الزراعية وجامعة جازان بدأت في إجراء التجارب الزراعية المبشرة لاستخراج زيت زهرة الفل، بهدف استكشاف الخصائص المميزة لهذا الزيت العطري، مع التركيز على طرق الاستخلاص الحديثة التي تضمن جودة الزيت وفعاليته لاحتوائه على مجموعة من المركبات الفعالة، وتقديم نتائج دقيقة وموثوقة تخدم مزراعي الفل. وتنظم المنطقة مهرجانا سنويا للفل والنباتات العطرية بمحافظة أبوعريش، إلى جانب البرامج التي تدعم زراعة الفل والنباتات العطرية.
والفل في جازان هو المدعو الوحيد في مختلف المناسبات الذي لا يحتاج إلى دعوة للحضور بل هو الضيف الأول والأساس في مناسبات الأفراح والأعياد واستقبال الضيوف والاحتفاء بالمواليد وفي مختلف المناسبات، وهو من الهدايا ذات القيمة العالية التي تقدم لضيوف جازان وأبناء المنطقة. وتتوارث نساء جازان تقليد تزيين رؤوسهن بـ”عقود الفل” في المناسبات المختلفة مثل الأعراس والمواليد واستقبال الضيوف.
تتنوع طرق تشكيل الفل قبل اقتنائه، حيث تُصنع عقود الفل بأشكال متعددة، مثل “الكبش” الذي يُنسق بشكل طويل بحبات متراصة، كما يتميز العقد الإسطواني بأحجامه وأطواله حسب طلب الزبون. يبتكر الباعة في طرق تنسيق الفل، ومن أبرزها طريقة “الرصاص”، التي تتميز بتراص الحبات عموديا وتثبيتها بالخيوط، لتصبح في النهاية كالحزام.
يبقى الفل هو الخيار المفضل والفريد بين النباتات العطرية في جازان، حيث تتوفر محلات بيع الفل في الأسواق الشعبية الأسبوعية بمختلف محافظات المنطقة لتلبية احتياجات سكان جازان من الفل الجازاني ذي الرائحة العطرة الذي يكمل جمال العروس.