"فلسطين" لبؤة تدفع مخالبها ثمن ملاعبة الأطفال في حديقة رفح

لبؤة في حديقة حيوانات رفح تلاعب الأطفال بعد إجراء عملية جراحية لتقليم مخالبها بصورة حادة لاقت انتقادات واسعة على صفحات التواصل الاجتماعي.
الخميس 2019/02/14
ألفة الزوار مؤلمة

رفح (الأراضي الفلسطينية) – يتسنى لزوار حديقة الحيوانات في رفح (جنوب غزة) اللعب مع لبؤة سميت “فلسطين” أجريت لها أخيرا عملية جراحية لتقليم مخالبها بصورة حادة، في مسعى من القيّمين على هذا الموقع إلى بثّ الفرح في نفوس سكان القطاع الفقير والمحاصر.

ويقول محمد جمعة (53 عاما) صاحب الحديقة “يعنيني جدا أن يلعب الأطفال الذين يزورون الحديقة مع اللبؤة، وحتى لا تشكل خطرا عليهم،  أحاول الحد من عنف اللبؤة لتكون أليفة مع الزوار”.

ويراقب الطبيب البيطري فايز الحداد (59 عاما) الذي أجرى العملية الجراحية قبل نحو أسبوعين سلوك اللبؤة التي أخرجت من القفص الحديدي لفترة قصيرة كي تلعب مع الأطفال وقد تماثلت للشفاء.

يقول “يتم اللجوء إلى هذا النوع من العمليات حين يكون الحيوان المفترس مروضا، فنلجأ إلى هذه الخطوة حتى لا يؤذي من يلعب معه”.

ولا يوجد في غزة أي مستشفى متخصص للحيوانات، ما اضطر الطبيب البيطري إلى إجراء العملية داخل الحديقة التي تفتقر إلى الإمكانيات.

ويمسك الطبيب مع اثنين من مساعديه اللبؤة في وسط الحديقة ويتفحص الجرح الملتئم. ويقول “أجريت عملية جراحية ناجحة للبؤة البالغة 14 شهرا قبل أسبوعين وتم تقليم المخالب حتى لا تنمو بسرعة ويصبح بإمكان الزوار والأطفال اللعب معها”. ويضيف الطبيب أن هذه العملية لا تؤثر صحيا على اللبؤة في حديقة الحيوانات لأنه يتم تقديم الطعام لها، لكن ذلك يؤثر في سلوكها لو كانت تعيش في الغاب، حيث ستصبح عاجزة عن اصطياد فريستها بنفسها.

يعيش أنس عبدالرحيم (12 عاما) على بعد مئات الأمتار عن الحديقة وهو أتى لزيارتها مع عدد من أصدقائه. وقد تسنّى له أن يمسك باللبؤة من دون أن يتعرض لتمزيق ملابسه كما كان يحصل في زياراته السابقة.

تبدو اللبؤة متوترة بعض الشيء وهي تتجه نحو العرين وتحاول الإمساك بمخالبها المقلمة بجذع شجرة نخيل قرب القفص. ووسط ضحك مجموعة من الأطفال الذين أتوا للتفرّج عليها، تحاول اللبؤة الإمساك بقطة أسرعت لتختبئ خلف القضبان.

وتضم الحديقة المقامة على مساحة ألف وخمسمئة متر مربع، إلى جانب أنواع قليلة من الطيور وعدد من الحيوانات الأليفة، خمسة أسود بينها ثلاثة أشبال. ويرتادها العشرات من الزوار يوميا خصوصا من تلاميذ المدارس.

ويقول صاحب الحديقة إنه يعاني من أزمة مالية خانقة، مضيفا “لم يعوّضنا أحد خسائرنا عندما دمّر الاحتلال الحديقة عام 2004، حيث  بلغت نصف مليون دولار”.

وكانت الحديقة دمرت كليا خلال عملية تجريف قام بها الجيش الإسرائيلي في رفح سنة 2004. ونفقت العشرات من الطيور والحيوانات ومنها عدد من الأسود، قبل أن يقوم جمعة بإعادة إنشائها قبل عامين. ونفقت في الشهر الماضي أربعة أشبال في الحديقة “بسبب البرد”، خلال ذروة المنخفض الجوي الذي مرت به البلاد في منتصف شهر يناير.

قال فتحي جمعة إنه كان ينوي بيع الأشبال ليتمكن من إطعام باقي الحيوانات وصيانة الحديقة التي تعرضت للأضرار أكثر من مرة، مناشدا جمعيات الرفق بالحيوان إنقاذ باقي الحيوانات.

ويوضح أحمد جمعة (26 عاما) الذي يعمل مشرفا في حديقة الحيوانات أن اللبؤة كانت تمزق ملابس الأولاد عندما كانوا يقتربون من القفص، “أما الآن فهي أليفة ولا تؤذيهم”.

ويقول أنس “أنا سعيد لأنه تسنّى لي اللعب مع اللبؤة. وقد أمسكت بها ولم تعضني ولم تمزق ملابسي”.

ويتابع “أصحابي شاهدوا صوري وأنا ألعب مع اللبؤة بعد أن نشرتها على  فيسبوك وواتساب. وهم سيزورون الحديقة للعب أيضا مع اللبؤة وأخذ الصور”.

لكن الطبيب فايز الحداد، وهو خريج كلية الطب البيطري في أنقرة بتركيا، يلفت إلى أن مخالب الأسد يمكن أن تنمو مجددا خلال ستة أشهر، قائلا “الأسود لن تتخلى عن طبيعتها الغريزية الهجومية”.

وواجهت هذه العملية العديد من الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي لأنها غير مسموحة دوليا، وترفضها جمعيات الرفق بالحيوان.

وتحذر منظمة “باو بروجكت” المعنية بالاهتمام بالسنوريات، من أن اقتلاع مخالب هذه الحيوانات قد يلحق أذى دائما بها.

وتوجد في قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل منذ أكثر من عقد ثلاث حدائق حيوانات صغيرة ومتواضعة وفيها أعداد قليلة ومحدودة من أنواع الحيوانات وبعض الطيور.

يذكر أن معظم الحيوانات في حدائق غزة تم تهريبها من مصر إلى القطاع عبر الأنفاق قبل سنوات. وكانت مجموعات دولية لرعاية الحيوانات أجلت خلال مهمات عدة حيوانات وطيور كانت تعيش في ظروف بائسة في غزة، وأعادت توطينها في أماكن أخرى مثل الأردن.

20