فلسطيني يعيد الحياة للسيارات الكلاسيكية

الطموح والعزيمة يعززان هواية الفلسطيني منير الشندي في تجميع وترميم السيارات الكلاسيكية رغم أنه يعيش في قطاع غزة المحاصر، لكنه ينجح في إعادة الحياة لسيارتي مرسيدس من طراز 1929 وأرمسترونغ 1946 صنعهما تقريبا بنفسه.
غزة (الأراضي الفلسطينية) - ينطلق الفلسطيني منير الشندي بسيارة قديمة فاخرة من حيّه في شرق مدينة غزة فيخطف أنظار المارة، وتلاحقه مجموعة من الأطفال محاولين لمس السيارة النادرة في القطاع الفقير والمحاصر. واعتاد الشندي التجوّل بفخر تارةً بسيارة مرسيدس من طراز 1929 بسقفها المكشوف، وطورًا بسيارة أرمسترونغ 1946 صنعهما بنفسه، رغم حظر استيراد قطع غيار السيارات في قطاع غزة.
ويقول الشندي "أكون في قمة السعادة وأنا أقود السيارتين، الجميع في الشارع ينبهر ويطلب التقاط الصور". ويقول حسام أيوب الذي يملك ورشة لخراطة المعادن بجانب مرآب الشندي “السيارتان ملفتتان للنظر، من المستغرب أن يهتم شخص في قطاع غزة بتجديد سيارة قديمة". ويواجه الشندي (40 عاما) الذي يملك ورشة لتصليح ودهان السيارات في حي التفاح، صعوبات في توفير قطع الغيار النادرة للسيارات القديمة التي يقوم بإصلاحها.
وتبرّر إسرائيل منع استيراد قطع غيار السيارات وغيرها من المنتجات بقلقها من احتمال استغلالها في صناعة مواد متفجرة وعمليات ضدها. وصنع الرجل بنفسه سيارته المرسيدس بنز (غزال) الألمانية "من الألف إلى الياء" في ورشته الواقعة في شرق مدينة غزة، مستخدمًا ما توفّر محليا من قطع باستثناء بعضها التي أحضرها بواسطة أصدقاء له من الولايات المتحدة عبر الإمارات، كما يقول.
وسيارات "مرسيدس غزال" صممها فرديناند بورشه، وساعدت شركة مرسيدس كي تهيمن على عالم سباقات السيارات في أواخر العشرينات وبداية الثلاثينات، ووفقا لمواقع السيارات الكلاسيكية أنتجت مرسيدس نحو 300 مركبة من هذا الطراز. ويقول "مدة ترميمها وجودتها وشكلها كانت لتكون أفضل لو توفّرت الإمكانيات". ويضيف "جلبت عبر أصدقاء لي في الإمارات بعض قطع الغيار للسيارة وهم استوردوها بدورهم من الولايات المتحدة، لكنها وصلتني بعد ثمانية أشهر".
وبدأ الشندي العمل على سيارة المرسيدس في العام 2015، وقد استغرقت عاما كاملا بسبب نقص قطع الغيار. ويروي الشندي أنه بدأ العمل في مجال إصلاح وصيانة السيارات منذ كان بعمر 15 عاما، عندما غادر في العام 2003 إلى الإمارات وهناك عمل في شركة كبيرة تهتم بالسيارات الكلاسيكية والقديمة واكتسب خبرة كبيرة في المجال. ويضيف “أصبح لدي شغف هائل بالمركبات القديمة وقرّرت أن أحصل على واحدة وخصوصا مرسيدس غزال طراز 1929”.
وعاد الشندي إلى قطاع غزة في العام 2009 لأسباب عائلية، وافتتح ورشته الخاصة التي يستخدم جزءا من إيراداتها في تمويل صناعة سيارات أحلامه، على حدّ تعبيره. ويفخر بسيارته المرسيدس ذات اللون البيج مع كراس مكسوة بقماش جلدي أحمر وتصل قطعة خشبية إطاراتها الأمامية بالخلفية. ويقول بحماس "بعد أن أنجزت سيارة المرسيدس، ازداد شغفي بأن أحضر سيارات قديمة وأقوم بتجديدها".
◙ الشندي بدأ العمل في مجال إصلاح وصيانة السيارات منذ كان بعمر 15 عاما عندما كان بالإمارات وهناك عمل في شركة كبيرة تهتم بالسيارات الكلاسيكية والقديمة
وقبل أكثر من عامين، عثر الشندي على هيكل مهترئ لسيارة أرمسترونغ البريطانية. واستغرقت عملية إعادة تصنيعها وتجميع قطعها أكثر من عام حتى ظهرت بشكلها النهائي، بلون أزرق وسقف جلدي متحرك بلون بيج. ويقول “هوايتي تجميع السيارات القديمة، كونها عبارة عن جواهر وتحف نادرة، خاصة أن سيارات أرمسترونغ تعد من المركبات البريطانية الفارهة ونالت شهرة كبيرة في الأربعينات وأصبحت الآن من القطع النادرة جدا". ويضيف "السيارة فيها محرّكها الأصلي، اجتهدتُ لكي أطابقها مع شكلها الأصلي باستخدام قطع معينة من سيارات أخرى أو قريبة منها وقمت بالتعديل عليها".
ولا تختلف المركبتان الكلاسيكيتان كثيرا عن النسخ الأصلية منهما. وفي سقف الورشة يعلّق الشندي هيكل مركبة من شركة "أودي" الألمانية من طراز 1960، كما توجد في الورشة سيارة من نوع "فورد" الأميركية من طراز العام 1951 وسيارة "ساب" سويدية من طراز 1975، والسيارتان مهترئتان، لكنه عازم على ترميمهما. ويركن السيارتين اللتين صنعهما في مرآب قريب ويغطيهما بقماش، ويأسف لعدم إمكان إخراجهما من قطاع غزة بسبب الحصار.
ويقول "هذه هواية، السيارات ليست للبيع والشراء رغم أن أشخاصا كثيرين اتصلوا بي من الخارج وطلبوا شراءها، لكن إخراجها من القطاع مستحيل من حيث المبدأ بسبب الحصار"، مشيرا إلى أنه تقدّم قبل سنوات بطلب للحصول على تصريح للعمل في إسرائيل قوبل بالرفض. ويضيف "مجال عملي متوافر هناك، وهذا سيساهم في تطوير مهاراتي وسيحسّن دخلي ما سيمكنني من ترميم باقي السيارات". وكشف الشندي أنّ أمنيته المشاركة “في معرض دولي للسيارات القديمة والعمل في أي دولة أجنبية تهتم بهذا السوق”.