فلسطيني يروي حياة الكهوف عبر التيك توك

مواقع التواصل الاجتماعي كتاب حي لتاريخ الفلسطينيين في المستوطنات.
الجمعة 2022/04/22
بلا منازل في أرضهم

يعيش أهالي قرية زنوتا التي تقع داخل دائرة مغلقة من المستوطنات حياة صعبة، ويسعى الشاب عادل الطلة -الذي يسكن مع عائلته داخل كهف- لنقل حياة أهل بلدته اليومية وما يعانونه من مصاعب إلى مواقع التواصل الاجتماعي كالفيديوهات المباشرة عبر التيك توك.

الخليل (الضفة الغربية) - سرعان ما ينشر الشاب عادل الطل من قرية زنوتا جنوب مدينة الخليل في الضفة الغربية فيديوهات قصيرة على حسابه في تطبيق التيك توك تحصد مئات الآلاف من إعجابات متابعيه.

وفي الفيديوهات التي يعرضها يسلط الطل (32 عاما) الضوء على حياته وحياة عائلته المكونة من 12 فردا داخل كهف قديم ومتهالك يفتقر إلى أدنى مقومات الحياة مثل الماء والكهرباء والأثاث المنزلي.

ويعتني الشاب يوميا بالأرض الزراعية التي تملكها عائلته، كبقية سكان أهالي زنوتا الذين يعيشون حياة تقليدية ورثوها عن الأجداد والآباء، إذ يفلحون أرضهم ويرعون ماشيتهم لتأمين قوت أطفالهم وعائلاتهم.

وبعد أن ينتهي من ذلك يعود عادل ثانية إلى الكهف الذي يعيش فيه هو وأسرته، ليعرض عبر مواقع التواصل الاجتماعي تفاصيل الحياة اليومية في “خربة زنوتا” من أجل توثيق تراث آخر قرية سكانية فلسطينية في الضفة الغربية، والحفاظ عليه من مخططات التوسع الاستيطاني.

صعوبة الحصول على تراخيص للبناء في مناطق (ج) من الضفة الغربية، بسبب شروط تعجيزية تضعها إسرائيل

ويتنقل عادل بين كهوف “الخربة” كي يسرد للعالم عبر تقنية البث المباشر المتاحة، ضمن وسائل الإعلام الاجتماعي، فصول معاناة السكان، ثم يخرج إلى سطح الأرض ثانية، موثقاً تداعيات سلب أراضيهم لمصلحة التوسع الاستيطاني، بينما يحرمون هم من السكن والبناء فوق الأرض.

ويلتقط الطلّ صوراً توثق مآسي المزارعين جرّاء حرمانهم من دخول حقولهم أو حتى الوصول إليها نتيجة قربها من المستوطنات، كما يلتقط عشرات الصور توثق مشاهد لأطفال يعيشون داخل كهوف الماضي بعد أن أعدمت إسرائيل حاضرهم وبدّدت طموحهم وأملهم في العيش بحرية وكرامة.

ولجأ الطل إلى استخدام التيك توك قبل نحو عام، ونشر الفيديوهات القصيرة التي يتضمن بعضها طريقة حلب الماعز وصناعة خبز الطابون ورعي الأغنام، بالإضافة إلى اعتداءات المستوطنين على أفراد عائلته داخل الكهف.

ويقول الشاب عادل الطل لوكالة أنباء “شينخوا” إن “الوضع بائس نوعا ما بسبب ظروف الحياة داخل الكهف ولكن نحن اعتدنا على ذلك منذ عشرات السنين من أجل الحفاظ على أرضنا وتاريخنا”.

وتلقى الطل في بادئ الأمر العشرات من رسائل التعاطف والشفقة التي وصلته من الأصدقاء والمتابعين فور إطلاعهم على تلك الفيديوهات، معتقدين أن الفقر أجبر هؤلاء على العيش داخل كهف يفتقر إلى أدنى مقومات الحياة في منطقة نائية.

ويوضح الشاب بينما يجلس حوله أفراد من عائلته -من بينهم أطفال صغار- أن “الواقع عكس ذلك، فنحن نملك النقود الكافية لشراء منزل حديث، ولكننا نريد البقاء والعيش هنا لمواجهة التوسع الاستيطاني بطريقتنا الخاصة”.

وتقع القرية التي يقطنها حوالي 450 نسمة في المناطق المصنفة (ج) الخاضعة لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية حسب اتفاق “أوسلو” للسلام المرحلي الموقع بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، فيما عدد كبير من مساكنها المكونة من الصفيح مهدد بالهدم بحجة البناء دون ترخيص.

ويشكو سكان القرية -التي تبلغ مساحتها نحو 12 ألف كم وسيطرت المستوطنات على غالبيتها- من صعوبة الحصول على تراخيص للبناء في مناطق (ج) من الضفة الغربية، بسبب ما يعتبرونه شروطا “تعجيزية” تشترطها إسرائيل للموافقة على البناء.

العيش تحت الأرض
العيش تحت الأرض

ويشير الطل الذي ينشط في توثيق الإجراءات الإسرائيلية ضد قريته إلى أن التيك توك ساهم بشكل كبير في توصيل رسالته إلى العالم، لافتا إلى أنه يملك أكثر من 60 ألف متابع فيما حصلت منشوراته مؤخرا على أكثر من مليون ونصف المليون إعجاب.

ويحرص الشاب الذي يستمتع بنشر تفاصيل حياته داخل الكهف من خلال الفيديوهات على المواظبة في ذلك كي يتمكن من نقل هذه التفاصيل إلى أكبر عدد من متابعيه الذين قد لا يعرفون الكثير عن فلسطين وتراثها الذي مازالت عائلته تحافظ عليه.

ويقول الطل إن تطبيق “التيك توك أعطاني مساحة كبيرة كي أنقل حياتنا هنا إلى العالم، وكي يتعرف على قضيتنا الأساسية وهي حماية أرضنا من المستوطنين الذين يريدون الاستيلاء عليها وبناء مستوطناتهم”.

ويعتمد سكان القرية الصغيرة على الزراعة وتربية المواشي، ولدى كل عائلة ما يكفيها من الممتلكات الخاصة ويوفرون قوت يومهم من عمل أيديهم مثل البيض والحليب ومشتقاته واللحوم…، فضلا عما تنتجه الأرض من خضروات.

وتقول مريم الطل (67 عاما) والدة عادل إن الحياة “صعبة في القرية بسبب الإجراءات الإسرائيلية التي تعمل على تشريدنا من أرضنا لتنفيذ مخططات الضم والتوسع الاستيطاني”.

وتضيف مريم التي عادة ما تخوض مشادات مع مستوطنين يحاولون الوصول إلى عائلتها أن “المستوطنين يتعمدون مهاجمة سكان القرية باستمرار، فيما تقوم القوات الإسرائيلية بإقامة نقاط تفتيش عسكرية عند مداخل القرية لمنعنا من جلب المياه والاحتياجات الأخرى”.

وعادة ما يقطع عادل وإخوته مسافة طويلة، مستخدمين السيارة أو الحمار كوسيلة للوصول إلى أقرب محطة مياه لشرائها كي تستخدمها عائلتهم، ورغم ذلك لا تخلو القرية من بعض مظاهر الحداثة مثل استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء.

18