فلسطيني يحول "قنابل الغاز" إلى تحف سلام

بيت لحم - بين مقتنياته البسيطة ومنشاره التقليدي في مشغل صغير داخل منزله في مخيم عايدة شمال بيت لحم، يصنع أكرم الوعرة تحفا فنية هي الأولى من نوعها في فلسطين من قنابل الغاز التي تطلقها قوات الاحتلال خلال المواجهات.

يقول الوعرة لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) “من الجميل أن أُحوِّل أداة شر وقتل كقنابل الغاز إلى أداة خير ومحبة وسلام، فأصنع منها الحُلي والإكسسوارات والتحف الفنية التي باتت تحمل رسالة فلسطينية بامتياز لشعوب العالم”.

ويضيف أكرم الذي درس الهندسة المدنية، “قبل أن أشتغل على قنابل الغاز كنت أصنع من خشب الزيتون قطعا فنية، مثل، حنظلة، وحمامة السلام، وعلم فلسطين، وصورا رسمها الفنان البريطاني الشهير بانكسي على جدار الفصل العنصري الملاصق للمخيم، بالإضافة إلى تحويل الملاعق وشوك الطعام إلى حلي وإكسسوارات”.

ويضيف، “جاءت فكرة العمل على قنابل الغاز منذ خمس سنوات حيث كانت المواجهات في أشدها، والمحل الذي يعرض فيه مشغولاته قريب على مدخل المخيم، فكانت قنابل الغاز ترمى بكثرة عند باب المحل، ما يضطره إلى إغلاقه، الأمر الذي جعله يفكر كيف يمكن الاستفادة من هذه القنابل، فرب ضارة نافعة”. “قمت بجمع عدد قليل من القنابل وتفحصتها جيدا وأنا أفكر كيف يمكنني الاستفادة منها، فأنا لا أعرف كيف أنظفها أو كيف أتعامل معها، وعلى الرغم من ذلك بدأت بالعمل فيها وامتلأ مشغلي برائحة الغاز القوية، ولكن جعلني ذلك أُصرُ على إخراج شيء ذي قيمة”.

ويقوم أكرم اليوم بتصاميم فنية من مخلفات قنابل الغاز، حيث يقوم بتصميم أشكال فنية متعددة تعتبر جزءا من الزينة والحلي التي تستخدمها النساء والفتيات، حيث أصبح محلّه مركزا للزيارة وشراء هذه الحلي والمقتنيات التي تعكس الواقع الفلسطيني.

ويقبل السياح على محل أكرم لشراء المقتنيات والحلي المصنوعة فلسطينيا، يقول أكرم إنهم يتشجعون أكثر عندما يسمعون منه الفكرة، وكيف أنه صمم هذه الإكسسوارات وما هي فكرتها ومصدر هذه الصناعة.

ويؤكد أكرم أن هناك إقبالا وحركة متزايدة حتى أنه تلقّى طلبات عبر الإنترنت لشراء واقتناء هذه الحلي والأشكال والنماذج والتحف المصنوعة من قنابل الغاز، معربا عن أمله بأن يصل فنه وعمله إلى الوطنية والعالمية.

ويتطرّق الوعرة إلى آلية عمله، بقوله، بدأت بعمل قطع كبيرة كتحفة حمامة السلام، فقمت بتنظيف القنبلة ثم قص الجزء السفلي منها وفتحها وعملها بشكل مستطيل ثم حفها بورق الزجاج على “البرداخ”، ثم رسم الشكل المطلوب عليها، ثم تخريمها وقصها حسب الحاجة.

وفي حديثه عن الصعوبات التي يواجهها أشار إلى أن عمله يدويّ مئة بالمئة، وللأسف لا تتوفر الماكينات الحديثة لتسهيل مهمة القص والتنظيف، منوّها إلى أن التعامل مع القنبلة وملامستها تسبب أمراضا للجلد وصعوبة في التنفس، وفي بعض الأحيان تسبب جرحا في اليد كونها تلامس المقص بشكل مباشر على الرغم من أخذ الاحتياطات.

وأشار إلى أنه قبل نحو عامين، وبعد إعداد إحدى الجامعات الأميركية لبحث، فحواه أن مخيم عايدة أكثر منطقة في العالم تتعرض للغاز السام، قامت وكالة الغوث باستقدام متخصصين لتعليم عمّال الوكالة بكيفية التعامل الآمن مع هذه القنابل السامة، وجاء مختص وشرح كيفية تنظيف القنابل بحيث نقلل قدر الإمكان من الأضرار التي تسببها من خلال نقعها بمواد التنظيف عشرة أيام، مبينا أنه كان ينظف القنبلة بشطفها بالماء والصابون في ذات اللحظة ويبدأ بالعمل فيها فوراً.

وبيَّن الوعرة أن معظم الوافدين إلى محله هم سوّاح وأجانب وبعد أن ينتهوا من جولتهم يبتاعون منه التحف التي يصنعها من قنابل الغاز التي يشرح لهم قصتها، وبدورهم ينقلون هذه الرسالة إلى بلدانهم بأن الاحتلال يضرب قنابل الغاز على الفلسطينيين، وتسبب لهم ألاما كثيرة ولكنهم يصنعون من ذلك أملا كبيرا.

ويشارك في معارض فنية دولية وعالمية وعربية، لأنه يتوقع أن هذا الفن نادر كونه يحوّل أدوات شر وقتل إلى أدوات حياة وفرح.

ويتطلّع الوعرة للمشاركة في معارض أخرى التي من خلالها يطمح بإيصال رسالته الإنسانية من خلال تحفه التي جاءت بسبب مواجهات الشبان الفلسطينيين مع الاحتلال، ودفاعهم عن وطنهم، مؤكداً أنه يجب أن نظهر للعالم كيف أن الإنسان الفلسطيني لا ييأس، ويظل يكافح ويناضل حتى من خلال أداة القتل التي يرميها الاحتلال باتجاهنا وتحويلها لأداة سلام.