فلسطينيو غزة ينبشون أكداس البالة بحثا عن كسوة العيد

غلاء الأسعار يحاصر سكان القطاع في دائرة شظف العيش.
الثلاثاء 2022/04/26
هدية مستعملة

يعاني سكان غزة من صعوبة اقتناء احتياجاتهم بسبب غلاء الأسعار والحصار الذي يشهده القطاع منذ سنوات، وفي الأسبوع الأخير من رمضان توجّه الأولياء مجبرين إلى سوق البالة للحصول على ملابس العيد لأطفالهم، بعد أن أنهكتهم مصاريف شهر الصيام بسبب غلاء المواد الغذائية.

غزة  (فلسطين) - تشهد أسواق “البالة” المخصصة لبيع كل ما هو قديم وبأسعار زهيدة، إقبالا كبيرا من الغزيين، لشراء ملابس العيد، خاصة للأطفال، لعدم قدرتهم على اقتنائها من محلات أخرى نظرا لارتفاع أسعارها، والظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة.

هذا العام، توجهت المواطنة علا سعيد (34 عاما) لأول مرة إلى محلات البالة لشراء كسوة العيد لأطفالها الثلاثة، بعد ما لمسته من ارتفاع على أسعار الملابس.

تقول سعيد إنها لا تستطيع تحمل تكلفة شراء ملابس العيد لأطفالها، بعد “الأسعار الخيالية” التي يطلبها أصحاب المحلات في غزة.

وتضيف “هذه أول مرة أقبل على شراء ملابس العيد من البالة التي تحوي خامات جيدة بأسعار معقولة تناسب وضعنا المادي، بينما تجار الملابس الجديدة يطلبون أسعارا باهظة جدا وهي ليست في مقدوري، فزوجي يعمل على بند البطالة، ويحصل على راتب 750 شيكلا فقط، ونحن عائلة مكونة من خمسة أشخاص”.

أطفال يحتاجون إلى كسوة العيد
أطفال يحتاجون إلى كسوة العيد

علا ليست الوحيدة التي تشتكي من غلاء أسعار الملابس لهذا الموسم، فأم أحمد، هي الأخرى ترى أن الأسعار لا تناسب ذوي الدخل المحدود.

تقول “لدي أربعة أطفال يحتاجون كسوة العيد، الأسعار مرتفعة جدا ولا أدري ماذا سأفعل؟ فالوضع الاقتصادي سيء جدا، أبحث عن ملابس تكون متوسطة التكلفة فزوجي لا يعمل ونعتاش على كفالة من الخارج”.

يقول صاحب أحد محال البالة رائد صالحة “هذا الموسم هناك إقبال كبير على شراء ملابس البالة خاصة فئة الأطفال، لأن الزبائن يبحثون عن أسعار منخفضة مقارنة بالسوق”.

ويضيف “لدينا ملابس جميلة وغريبة التصميم وأسعارنا مقبولة للشارع الغزي، لذلك هناك إقبال جيد جدا هذا الموسم”.

سعر أي بنطال في مغازات الثياب الجديدة يصل إلى 40 شيكلا في حين يوجد في أسواق البالة بـ10 شواكل مع جودة عالية

ويعلق إبراهيم صالحية وهو بائع ملابس أطفال، “نستورد ماركات تركية عالمية، ونتحمل مسؤولية الأسعار والمواصفات والموديل وجميعها موديلات جديدة وليست قديمة”.

ويضيف “ليست لدينا بضائع قديمة أو بالة من داخل أراضي عام 48، ولا من محافظات الضفة ولا من الصين، هذه بضاعة تركية غالية الثمن علينا نحن كتجار، وهناك ظاهرة ارتفاع عالمية على كل شيء”.

ويؤكد “أسعارنا تتراوح من 40 إلى 200 شيكل والأمر يتوقف على الحداثة والجودة، لأن موسم العام الماضي كان ضعيفا، وكان هناك كساد للبضائع، واضطررنا لعرضها هذا العام بسعر أقل ما تسبب بخسارة لنا”.

ويختم حديثه بالقول “هناك حسابات لنا كتجار فنحن ندفع مصاريف شحن ونقل وأجرة موظفين ومحل والباقي ربح وهو لا يتجاوز 5 في المئة من قيمة إجمالي السعر، عدا عن الضرائب”.

ويعاني المواطنون في قطاع غزة، (أكثر من مليوني نسمة)، من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة جراء استمرار الحصار الإسرائيلي للعام الـ16 على التوالي.

ويقول إبراهيم السكسك وهو أب لخمسة أطفال “أن أسعار البالة غالية أيضا ولكنها أرخص من الملابس الجديدة، إضافة إلى أن الجودة العالية هي سبب لإقبالي على محلات بيع البالة لكسوة أبنائي خلال عيد الفطر”.

وتابع السكسك “لا مصدر للدخل هذه الأيام وما أصرفه حاليا فتات ما ادخرته سابقا وهذا لا يجعلني قادرا على شراء أي ملابس جديدة لأبنائي، بل أقوم بشراء ملابس من البالة، حيث نقوم بغسلها وكيها لتصبح وكأنها جديدة”.

وقدم أحمد سعيد مقارنة سريعة بين أسعار الملابس من البالة التي أصبحت منتشرة بصورة كبيرة وبين أسعار الملابس من المحال التجارية العادية، حيث قال إن “سعر أي فستان من أي محل 60 شيكلا، في حين يصل سعره من البالة إلى 15 شيكلا، وسعر أي بنطال من الخارج يصل إلى 40 شيكلا في حين تجده في البالة بـ10 شواكل”.

ولفتت أم محمد إلى أن الخصم الكبير على راتب زوجها والأوضاع الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة، أجبرتها على شراء ملابس البالة، مستدركة “بل أجبرت جميع طبقات المجتمع على ارتياد هذه المحلات وشراء ما يلزم لأبنائهم من ملابس، خاصة وأنها تبدو جديدة كونها من الماركات العالمية”.

سلع متنوعة
سلع متنوعة

وتابعت “رغم حزني الكبير عند شرائي ملابس البالة، إلا أن جودتها الكبيرة دفعتني إلى الشراء مجددا دون أي خجل ولإدخال الفرحة على أطفالي”.

أما التاجر ربيع مسلم (65 عاما) فيقول “هذا الارتفاع سببه مصاريف الشحن من تركيا إلى غزة والتي ارتفعت جراء ارتفاع الدولار على الليرة التركية، ولتعويض هذا الخلل اضطر الأتراك لرفع سعر البضاعة”.

ويضيف “هناك مصاريف شحن أيضا والتي قد تتأخر في الموانئ، وندفع ثمن هذا التأخير أيضا إضافة إلى خسائر جائحة كورونا، في الماضي كنا ندفع على الكونتينر الواحد 1500 دولار بينما اليوم ندفع 20 ألف دولار فالفرق يتحمله سعر القطعة”.

ولفت إلى أن قطاع غزة يعاني أوضاعا اقتصادية خانقة نتيجة الحصار الإسرائيلي، وظروف الانقسام، والنتيجة ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

بلغ معدل البطالة بين المشاركين في القوى العاملة في فلسطين (15 سنة فأكثر) في عام 2021 حوالي 26 في المئة، بمعدل 47 في المئة في قطاع غزة مقارنة بـ16 في المئة في الضفة الغربية.

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء فقد سجلت محافظة بيت لحم أعلى معدل بطالة في الضفة وبلغ 25 في المئة، بالمقابل سجلت محافظة دير البلح أعلى معدل بطالة في قطاع غزة وبلغ 53 في المئة.

18