فلسطينيان يصنعان أقواس الرماية ويحلمان بالبطولات الأولمبية

الشابان يتدربان من أجل التأهل لأولمبياد باريس 2024، رغم عدم وجود ملاعب متخصصة في رياضة الرماية.
السبت 2022/10/29
من لا يخطئ لا يتعلم

غزة - بأدوات بسيطة ومتاحة، نجح شابان من قطاع غزة في صناعة أقواس رماية ذات معايير أولمبية حصلت على إشادة من خبراء دوليين، خاصة وأنها يدوية ومحلية الصنع.

ويقول أحمد الزهار من مدينة دير البلح وسط القطاع لوكالة شينخوا إن فكرة صناعة أقواس الرماية استحوذت على تفكيره قبل سبعة أعوام بعد مشاهدته مسلسلا تاريخيا ناطقا باللغة العربية يعتمد أبطاله على أقواس الرماية في محاربتهم للدول المعادية.

ويضيف الزهار (38 عاما)، وهو أب لأربعة أبناء، أن سبب شغفه بمختلف أنواع الرياضة، مثل كرة القدم وكمال الأجسام والجري وركوب الخيل، شجعه على تجربة رياضة الرماية لتمضية وقت الفراغ.

ويشرح الزهار قائلا “حاولت أن أشتري الأقواس ولم أجدها في غزة ولا حتى في الضفة الغربية، وفشلت جميع محاولاتي لإدخالها إلى القطاع بعد شرائها من الخارج بسبب منع إسرائيل إدخالها لأنها تندرج في قائمة الأسلحة الممنوعة”.

ورغم ذلك لم يستسلم الزهار للصعوبات التي واجهها، خاصة وأن شغفه الشديد بممارسة رياضة الرماية لم يفارقه نهائيا، ويقول “قررت أن أصنع تلك الأقواس بيدي حتى دون أن أكون ملما بالطريقة اللازمة لفعل ذلك”.

الشابان يعتمدان الجهد الذاتي في تعلّم أبجدية هذه الرياضة من خلال "البحث والتواصل مع مدرّبين وخبراء، عبر مواقع التواصل الاجتماعي
الشابان يعتمدان الجهد الذاتي في تعلّم أبجدية هذه الرياضة من خلال "البحث والتواصل مع مدرّبين وخبراء، عبر مواقع التواصل الاجتماعي

وفي محاولة لتسهيل التعقيدات التي تحيط بمهمته الجديدة لجأ الشاب إلى صديقه وسيم نايف من غزة لمناقشة فكرته الجديدة، فقابله بالتشجيع والاستعداد لخوض غمار المغامرة معه.

ويقول نايف “إيمانا منا بأن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة، لجأنا إلى المواقع الإلكترونية ومنصة يوتيوب المتخصصة في أقواس الرماية لتعلم كيفية صنعها محليا”.

ويضيف “من خلال بحثنا عرفنا أن هناك فئتين من الأقواس التي عادة ما يتم استعمالها في رياضة الرماية، وهي الأقواس المركبة والأقواس المعقبة أو المتعارف عليها باسم ‘ريكيرف’ التي قررنا صنعها نظرا لإمكانية توفير أدواتها”.

ويتكون القوس بحسب الشاب من ثلاثة أجزاء رئيسية، وهي طرفان وقطعة مركزية تسمى “الناهض” الذي يجب أن يكون مصنوعا من الألمنيوم ليكون خفيف الوزن، بالإضافة إلى “الوتد”، وهو الخيط الذي يربط بين طرفي القوس ويستخدم لإطلاق السهام التي قاما بصنعها محليا. وحوّل الزهار غرفة من منزله إلى ورشة ليتناوبا على صنع أقواسهما، معتمدين بشكل أساسي على مبدأ التجربة والخطأ في صنع الأقواس.

ولتفادي المزيد من الفشل يستذكر الزهار "لجأنا إلى طريقة البحث العلمي والعملي، حيث تابعنا العديد من التصميمات التي تعدها شركات عالمية مختلفة للتوصل إلى التصميم النهائي للقوس الأولمبي الخاص بنا”.

ويشرح “لقد قمنا بتصميم شكل الأقواس الخارجي يدويا وتواصلنا مع خبراء دوليين عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتأكد من أنها تحاكي الأقواس الأولمبية، وذلك من خلال إرسال صور عنها وعن المعادن التي سنستعملها في التصنيع”.

وعلى الرغم من حصول الشابين على إشادة بعض الخبراء الذين تابعوا بدورهم عملية تصنيع أول أقواس أولمبية بغزة، إلا أن العملية استغرقت حوالي ستة أشهر متواصلة وتطلبت إنفاق الكثير من الأموال.

◙ رغم حصول الشابين على إشادة بعض الخبراء، إلا أن العملية استغرقت حوالي ستة أشهر متواصلة وتطلبت إنفاق الكثير من الأموال

ويقول نايف “لقد تنقلنا كثيرا بين ورش الحدادة والنجارة في غزة وكنا نشرف على كل شيء في تصنيع الهيكل الخارجي للقوس، خاصة وأنه يجب أن ننتبه إلى كل ملّيمتر من سمك الطرفين والقطعة المركزية”، منوها إلى أنهما أنفقا حوالي 1700 دولار أميركي في صنع القوس الأول.

وما إن انتهى الشابان من تحقيق حلمهما أخيرا، حتى انشغلا بالتدرب على طريقة ممارسة رياضة الرماية في مناطق واسعة بعيدة عن السكان لتفادي إصابة أي منهم بضرر، على حد قولهما.

ولكن حلمهما لم يتوقف عند هذا الحد، إذ قررا مواصلة صنع المزيد من أقواس الرماية التي وصلت إلى سبعة أقواس أولمبية حتى الآن، بالإضافة إلى عشرة أقواس عربية لا تدخل في نطاق المنافسات الدولية.

والتحق الشابان بالاتحاد الفلسطيني الرياضي الرسمي للرماية، حيث مثلا فلسطين في بطولة الرماية التي أقيمت في العراق عام 2021. ويقول الشابان "على الرغم من أننا لم نفز في هذه البطولة، إلا أننا تمكنا من التعرف عن قرب على الأقواس الأولمبية، وهو ما ساعدنا على إجراء بعض التعديلات على ما نمتلكه".

ويوضح الشابان أنهما يعتمدان الجهد الذاتي في تعلّم أبجدية هذه الرياضة من خلال "البحث والتواصل مع مدرّبين وخبراء، عبر مواقع التواصل الاجتماعي".

ويقول الزهار إنهما ما زالا يكتسبان مهاراتٍ جديدة في التدريب، ويُصوّبان أخطاءهما ويحاولان النهوض بهذه الرياضة من خلال الممارسة والتجارب، مضيفا، أن الدعم والاهتمام من السلطات من شأنهما أن ينهضا باللاعبين المحليين لتمثيل فلسطين في البطولات العالمية. ويستعد الشابان حاليا للتأهل إلى أولمبياد باريس 2024، إلا أنهما يفتقدان إلى وجود ملاعب متخصصة في ممارسة هذه الرياضة.

حلم يكبر وينمو ويأمل بمعانقة العالمية
حلم يكبر وينمو ويأمل بمعانقة العالمية 

18