فسيفساء من الأزياء على سجاد الجونة الأحمر

رئيس مهرجان الجونة السينمائي يؤكد أن المهرجانات الناجحة توازن ما بين تحقيق عنصري الإبهار بحضور النجوم والجانب الحقيقي المتمثل في المسابقات.
السبت 2020/10/31
بوديوم موضة

هجر مهرجان الجونة السينمائي في دورته الرابعة الكثير من أهدافه الأساسية في تطوير الإنتاج السينمائي وتبادل وجهات النظر حول التجارب الدولية الجديدة لصناعة تعاني في خضم جائحة كورونا، لصالح عروض ملابس الحضور على السجاد الأحمر من السيدات والرجال.

القاهرة - بدا مهرجان الجونة في دورته الأخيرة التي اختتمت فعاليتها الجمعة، معادلا لعروض الأزياء، فالاهتمام الإعلامي انصب على ملابس الفنانين والفنانات على السجاد الأحمر، وتناقلت صورهم المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي.

بدأ التركيز على ملابس الفنانات في المهرجانات قبل عامين، عقب ظهور الفنانة رانيا يوسف في حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي بفستان عارٍ يكشف جسدها بشكل لافت، وحينها تبارت الصحف المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي في تحليل الفستان ونوعية نسيجه، والاستعانة بخبراء في الأزياء لمعرفة محتويات تلك النوعية من الملابس.

في دورة مهرجان الجونة الأخيرة لم تبتعد التغطية الإعلامية عن القضية ذاتها واستحدث بعضها صفحات باسم “شرطي الموضة” ووضع بعضها الآخر أسئلة لرأي الجمهور حول أسوأ وأفضل إطلالة، بل المثير أن بعض وسائل الإعلام المصرية خلت من تناول الأفلام المشاركة في المهرجان بقدر من التفصيل، ولم تكتب عنها عرضا شافيا يتضمن آراء نقدية عنها.

وجدت وسائل الإعلام في صور المهرجانات وسيلة لتحسين فرص تصنيفها بين المواقع الأعلى تصفحا، والذي يعتبر مؤشرا ضروريا على جذب الإعلانات في سوق تعاني من ضعف التمويل، حتى أن صحيفة إلكترونية شهيرة أرسلت طاقما من المصورين دون أي صحافي لتغطية عروض السجادة الحمراء فقط.

في نقاش هامشي على جانب المهرجان، تبارت فنانتان من جيل الوسط في الحديث عن الجديد في عالم الماكياج وكيفية مواراة تجاعيد الزمن.

لا تعرف الفنانة، التي لا تخفي قضاء أيام المهرجان السبعة في الاستمتاع بالبحر في المنتجع السياحي الشهير الذي يحتضن المهرجان وفي جلسات السمر مع زملائها حول أعمالهم المشتركة وذكرياتهم بشأنها، أن الفيلم المصري غاب عن المسابقة الرسمية للمهرجان للأعمال الطويلة للعام الثاني على التوالي.

وقال الناقد طارق الشناوي، إن الحديث عن الملابس أصبح مرتبطا بالمهرجانات المصرية منذ انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي تبحث عن شيء ما لإثارة جلسات النميمة حوله، ما أعطى إحساسا لدى الجمهور بأن المهرجان لا يتعدى حدود الصراع بين الفنانات على الملابس.

وأضاف لـ”العرب”، أن مهرجان الجونة هدفه أسمى بكثير من التركيز على الشكليات التي لا يخلو منها أي مهرجان في العالم كله، باعتباره يحمل دلالات إنسانية، تتعلق بضرورة استمرار الحياة والفن والإبداع رغم أزمة كورونا.

وتعتبر بعض الفنانات اللاتي انحسرت حولهن الأضواء، أن الملابس الغريبة أسرع وسيلة للوصول إلى الجمهور الجديد وإعادة تقديم أنفسهن للمنتجين والمخرجين.

Thumbnail

لكن المثير في هذه الدورة أيضا هو التركيز على الملابس الرجالية في العرض بعدما جاء بعضها لافتا، كارتداء البعض ملابس رعاة البقر، أو سترات بأكمام مختلفة الألوان تتضمن بعض الورود، وأنماط من الأحذية الرياضية الطفولية على سترات رسمية.

وجذب الفنان المخضرم محيي إسماعيل الأنظار إليه على السجاد بارتداء قميص بحر على بنطال رياضي منزلي وقبعة رأس روسية، ولم يحضر العرض الخاص بالفيلم الأسترالي “حارس الذهب” الذي يشارك الفنان المصري أحمد مالك في بطولته، بحجة أنه يستيقظ من النوم متأخرا، ولا يستطيع اللحاق بموعد عرضه.

وأكد رئيس مهرجان الجونة السينمائي انتشال التميمي، أن المهرجانات الناجحة توازن ما بين تحقيق عنصري الإبهار بحضور النجوم والجانب الحقيقي المتمثل في المسابقات والعروض والندوات والمناقشات والفعاليات التي تقام على الهامش، علاوة على الأمر المتعلق بالتحكيم والجوائز.

وأوضح الناقد الفني رامي عبدالرازق لـ”العرب”، أن ملابس الفنانات متحررة بطبيعتها طوال التاريخ وكانت موضات الملابس القصيرة هي السائدة في الستينات دون  أدنى مشكلة، لكن الذي تغيّر هو طبيعة المجتمع، والنهم المستجد لديه حول الفضائح، وقد أغرت وسائل الإعلام الإلكتروني تلبيته بتتبع الحياة الخاصة للمشاهير واستخدام عناوين تثير ذلك النهم.

وربما تكون محدودية الإنتاج المحلي دافعا لعدم التركيز على الأفلام المشاركة في المهرجانات، فالإعلام لن ينصب كثيرا على تحليل أفلام سينمائية لأوروبا الشرقية أو أميركا اللاتينية تتناول أفكارا محلية مهما كانت جودتها، لأن القارئ العربي لن يهتم بها أو يقرأها، ويبحث عما يتناسب مع طبيعة الجمهور.

كان التمثيل العربي في المهرجان على مستوى الأفلام الطويلة محدودا، وجذب الأنظار فقط  فيلم “200 متر” إخراج أمين نايفة، وفيلم “ميكا” إخراج إسماعيل فروخي، من إنتاج المغرب، عن قصة طفل يعيش في أحد الأحياء الفقيرة مع أبوين مريضين  يلفت أنظار مدرّبة تنس وتدفع به للعبة.

وجذب فيلم “الرجل الذي باع ظهره” للمخرجة التونسية كوثر بن هنية الذي تم عرضه في الافتتاح الأنظار عن بيع شاب سوري هرب من الحرب الدائرة في بلاده ظهره لرسم عمل فني عليه مقابل حصوله على فيزا للسفر إلى بلجيكا، لكن العمل لم يكن خاصا بالمهرجان وسبق له الفوز بجائزتين في الدورة الـ77 لمهرجان فينيسيا السينمائي.

ورغم أن أحد الأهداف الرئيسية للمهرجانات توصيل المنتجين بأصحاب الأفكار من المؤلفين والمخرجين لتوفير الدعم المالي اللازم لخروج مشروعاتهم الفنية إلى النور، إلا أن ذلك الغرض لم يظهر في الدورة الأخيرة للجونة.

24