فرنسي وأميركي لتركيب ألواح شمسية للمحطة الدولية

واشنطن - عاد رائد الفضاء الفرنسي توما بيسكيه الأربعاء إلى داخل محطة الفضاء الدولية بعد طلعة ثالثة إلى الفراغ الفضائي دامت أكثر من سبع ساعات وشابتها بعض المشكلات الفنية حالت دون إتمام المهمة المحددة بالكامل.
وسيجري بيسكيه وزميله رائد الفضاء الأميركي شاين كيمبرو طلعة ثانية الأحد لمواصلة نصب ألواح شمسية ترمي إلى زيادة قدرات إنتاج الطاقة في محطة الفضاء الدولية.
هذه المهمة مضنية للغاية، إذ أن ”النشاط خارج المركبة يقوم على الركض مئة متر خلال وقت ماراثوني”، على ما أوضح إيرفيه ستيفنان المكلف بالتدريب على هذه الطلعات في وكالة الفضاء الأوروبية.
وقال المدرب إن “العمل بالبزة الفضائية صعب للغاية، القدرات الحسية كلها تصبح محدودة مع نقص في المهارة اليدوية بسبب وضع القفازين: سحب أداة أشبه بالضغط على كرة تنس المئات من المرات خلال ست ساعات”.
ويؤكد عدم وجود أي خطر بأن يهوي رائدا الفضاء في الفراغ بفضل وجود نظام “أمان ثلاثي” بما يشمل سلكا يربطهما باستمرار بالمحطة، ما يقي حصول سيناريو كارثي شبيه بفيلم “غرافيتي”.
لكن قد تحصل حوادث مزعجة أو حتى خطرة، مثل فقدان خاصية منع التسرب في بزة الفضاء بحال ارتطام نيزك مصغر.
ويعد هذا النشاط خارج المركبة هو الأول منذ وصول الرائدين إلى محطة الفضاء الدولية نهاية أبريل، كما أنه غير مسبوق من الناحية التقنية. وكتب بيسكيه عبر تويتر قبل ساعات من الطلعة إلى الفراغ الفضائي “نخرج إلى الفراغ، سأُنقل عبر ذراع آلية حاملا ألواحا شمسية بطول ثلاثة أمتار، سنعمد إلى وصلها ثم العودة إلى المحطة بعد ست ساعات ونصف ساعة”.

وبات في رصيد بيسكيه 19 ساعة و47 دقيقة من الطلعات الفضائية. وهذا الخروج إلى الفراغ الفضائي هو الثالث له في مسيرته، والسابع لكيمبرو، والـ239 في تاريخ محطة الفضاء الدولية المقامة في المدار على علو 400 كيلومتر فوق الأرض.
وقد شغّل الرجلان البطارية الداخلية للبزة الفضائية عند الساعة 12:11 ت.غ من ظهر الأربعاء، ليطلقا رسميا المهمة التي استمرت سبع ساعات وخمس عشرة دقيقة حتى الساعة 19:26 ت.غ.
وترمي المهمة إلى نصب وتثبيت وتشغيل لوح شمسي من الجيل الجديد يحمل اسم “اي روزا”، وهو الأول من سلسلة تضم ستة ألواح.
لكنّ رائدي الفضاء اضطرا إلى وقف المهمة مؤقتا في منتصف الطريق بسبب مشكلات مرتبطة ببزة كيمبرو.
وقد لاحظ طاقم وكالة ناسا انقطاعا في إرسال البيانات التي تتيح التحكم بوضع البزة الفضائية، إضافة إلى ارتفاع مفاجئ للضغط إلى مستوى أقصى في نظام التبريد.
واضطر رائد الفضاء للعودة إلى غرفة فك الضغط في المحطة والقيام بعملية إعادة ضبط قبل الخروج مجددا. وفي هذا الوقت، كان بيسكيه ينتظره معلّقا من رجله بذراع آلية.
وقد استؤنفت المهمة بعد استقرار بيانات التحكم، فيما لم يواجه كيمبرو أي “خطر” طوال المهمة، لكنّ ذلك أدى إلى إهدار ساعة ثمينة من وقت المهمة.
ونقل بعدها رائدا الفضاء اللوح الشمسي المطوي على شكل لفافة ضخمة بزنة تقرب من 350 كيلوغراما، إلى المكان المحدد لوضعه.
وبعدها ثبّتا اللوح وحاولا فتحه، قبل أن تطرأ مشكلة مرتبطة باصطفاف اللوح حالت دون نصبه بالشكل المطلوب، ثم عادا إلى داخل المحطة.
وبات يتعين على وكالة ناسا البت في مصير باقي مجريات المهمة، فهل سينهي رائدا الفضاء الأحد إقامة أول لوح، أم سينكبان على الثاني كما هو مقرر أساسا؟
ويعرف رائد الفضاء الفرنسي المسار جيدا إذ أجرى طلعتين من هذا النوع خلال مهمته السابقة سنة 2017 مع كيمبرو أيضا، لكن هذه المرة الأدوار معكوسة، إذ أنّ الفرنسي في مركز القيادة فيما زميله الأميركي في الموقع المساعد.
وعلق بيسكيه البالغ 43 عاما “الرقم 1 هو القائد الكبير. الآن لم أعد الأصغر سنا”. أما زميله البالغ 54 عاما فكتب عبر تويتر “أنا متلهف لرؤية توما يؤدي هذا الدور وسأكون داعما له”.
وقد كان النهار بلا شك مضنيا، فخلال نزع الخوذة بعد العودة إلى داخل المحطة، كان بيسكيه يفرك عينيه ويطوي أصابعه مرارا وتكرارا، على ما أظهرت مشاهد نقلتها وكالة ناسا مباشرة.
وكان اللوح الشمسي الجديد الذي ثُبّت الأربعاء نُقل خلال مهمة تموين لـ”سبايس إكس”، وسيبلغ طوله 19 مترا بعد بسطه كما سيوضع فوق أحد الألواح القديمة. وهذا الأخير أطول (35 مترا) ما يعني أن جزءا منه سيبقى عرضة لنور الشمس وسيواصل إنتاج الطاقة.
ووُضع هذا اللوح الشمسي سنة 2000 مع أمد حياة متوقع يقرب من خمسة عشر عاما.
وقد يكون اللوح تضرر بفعل الانبعاثات من المركبات المتجهة من المحطة وإليها، والأحجار النيزكية الدقيقة، قالت دانا ويغل المسؤولة في ناسا لشؤون الناسا، “نظن أن الأضرار أسوأ بكثير مما لاحظنا فعليا”.
