فرنسا تحل منظمة الذئاب الرمادية التركية المتطرفة

باريس - أعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان الاثنين أن الحكومة الفرنسية ستتخذ خلال جلسة لمجلس الوزراء الأربعاء قرارا بحل حركة “الذئاب الرمادية” القومية التركية المتطرفة، في وقت ترسم فيه البلاد طريقا أكثر تشددا في مواجهة التطرف الإسلامي.
ووجهت أصابع الاتهام إلى هذه الحركة بعد الصدامات التي وقعت أخيرا بين الجاليتين التركية والأرمنية في ديسين – شاربيو قرب ليون (شرق). كذلك، كتبت عبارة “الذئاب الرمادية” على نصب تكريمي لضحايا الإبادة والمركز الوطني للذاكرة الأرمنية قرب مدينة ليون ليل السبت الأحد.
ونقلت محطة إذاعة «فرانس بلو» أن “مواجهات وقعت بين ممثلي الجاليتين الأرمنية والتركية في مقاطعة إيزير الفرنسية بجنوب غرب البلاد”.
وأضافت الإذاعة “خرج ممثلو الجالية الأرمنية في مظاهرة، وأغلقوا جزءا من الطريق السريع، في منطقة بلدية ريفانتن – فوغري وذلك للإعراب عن دعمهم لأرمينيا في الصراع مع أذربيجان في ناغورني قره باغ”.
وبعد مرور بعض الوقت، وصل ممثلو الجالية التركية إلى مكان المظاهرة، واندلع نزاع بين الطرفين.
ونتيجة للاشتباك، أصيب العديد من الأشخاص، وتم نقل شخص واحد على الأقل إلى المستشفى. وتدخلت الشرطة في النزاع وقامت بفك الطوق عن الطريق.
وأفاد شهود عيان بأن المهاجمين الأتراك رفعوا شعار منظمة الذئاب الرمادية، وهي إحدى المنظمات التركية اليمينية المتطرفة التي ترصد أجهزة الاستخبارات الغربية نشاطا مكثفا لها في كل من فرنسا والنمسا وألمانيا.
ويتعقب هذا التنظيم المعارضين السياسيين الأتراك من مختلف العرقيات والتوجهات، حيث هاجم في يونيو الماضي مظاهرات نظمتها جمعيات لحماية حقوق الإنسان الكردية في النمسا تنديدا بالعمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش التركي ضد الأكراد في شمال العراق، إلا أن عددا من الشباب الأتراك كانوا يرددون شعارات قومية حاولوا منع المتظاهرين والتعرض لهم ما أدّى إلى اشتباكات عنيفة.
منظمة الذئاب الرمادية تلقى تأييدا من الحكومة التركية التي توظفها في معاركها ضد الأكراد والأرمن في فرنسا والنمسا وألمانيا
ونشأ تنظيم الذئاب الرمادية في منتصف ستينات القرن الماضي في كنف حزب الحركة القومية، شريك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الحكم، مستندا إلى أفكار القوميين المتطرفين الأوائل، لينقل أنشطته بعد ذلك من تركيا إلى الخارج.
وتبنى التنظيم منذ تأسيسه توجهات ضد الأكراد والأرمن واليونان والعلويين والمسيحيين، ونفذ عمليات إرهابية دموية، تمثلت في اغتيالات مفكرين وقادة سياسيين ورجال دين مسيحيين وزعامات من قوميات مختلفة.
ويروج هؤلاء المتطرفون لأفكار عنصرية مثل التفوق العنصري والتاريخي والأخلاقي لجميع الشعوب التركية التي تمتد من أفغانستان والصين إلى الطرف الجنوبي الشرقي من البلقان.
ويقول مؤرخون غربيون إن أفكار هؤلاء الأتراك المتطرفين هي التي مهدت للإبادة الجماعية التي ارتكبتها تركيا بحق الأرمن إبان الحرب العالمية الأولى.
وتستوعب أيديولوجية الذئاب الرمادية الهوية التركية وأبجديات الإسلاميين في توليفة واحدة، كما أن الأكراد والأرمن يشكلون محور العداء الأساسي للذئاب الرمادية، حيث يهتم التنظيم بعدم السماح بتأسيس أي دولة كردية بشتى الوسائل، وهو الهدف نفسه الذي يعمل لأجله الإسلاميون.
وتتقاطع أفكار الذئاب الرمادية المتطرفة في خطوطها العريضة، مع أحلام استعادة أمجاد الخلافة العثمانية التي يقودها أردوغان، ومن هنا سعى الأخير إلى تحالف “ميليشياوي” مع هذه المنظمة بعد التحالف السياسي مع الحزب القومي المنبثقة عنه، فالقوميون بقيادة بهجتلي شركاء أردوغان في الحكم بعد الانقلاب الفاشل في يوليو 2016.
وبرزت أوجه التحالف بشكل جلي بين الإسلاميين والتنظيم اليميني المتطرف في عمليات تعقب الأكراد في شمال سوريا، حيث كان أعضاء التنظيم الطليعة التركية في التعاون مع تنظيم داعش والفصائل الإرهابية، حليفة أردوغان، داخل سوريا لاحتلال شرق الفرات والتنكيل بأكراد عفرين.
ويؤكد تقرير لصحيفة “انتظار” التركية صدر في فبراير 2016 أن أنقرة استخدمت ميليشيات الذئاب الرمادية بجانب داعش والفصائل الإرهابية المسلحة الموالية لها، في مساعيها للسيطرة على الشمال السوري.
ومع تركيز التنظيم على عدائه للأكراد، بادرت السلطة إلى إشراكه في معارك ضد حزب العمال الكردستاني، وهذا ما جعله يلقى قبولا لدى الحكومات التركية المتعاقبة التي استخدمته في معاركها ضد الأكراد، لتمتد معاركه بعد ذلك إلى قبرص والصين وروسيا وفرنسا والنمسا وألمانيا.