فرقة شعبية تحوّل شوارع القاهرة إلى مسرح مفتوح في رمضان

القاهرة – يسير أعضاء فرقة مسرحية، ينتمون إلى ثقافات متعددة، في شوارع القاهرة القديمة ويقرعون طبولا وأدوات إيقاع مختلفة داعين سكان الأحياء الفقيرة من المهمشين إلى الحضور وإلى مشاهدة عروضهم.
والفرقة جزء من مدرسة النهضة لفنون المسرح الاجتماعي “ناس” التي تُقدّم عروضا في الشوارع والميادين العامة في مناطق عادة لا يُتاح لسكانها على وجه العموم الذهاب إلى المسارح سواء التجارية أو الحكومية.
وغالبا لا تُعلن أسماء الممثلين في العروض قبل بدئها، كما يتضمّن الجزء الأول من كل العروض موكبا يشمل غناء ورقصا للفت انتباه الناس وجذبهم للعرض.
وتناقش عروضهم مشكلات اجتماعية كالاختلاف وتقبّل الآخر والهجرة، وعمد طلاب المدرسة التي تحمل الاسم ذاته “ناس”، إلى تقديم عروض خاصة بمناسبة حلول شهر رمضان.
ورقص أعضاء فرقة ناس وردّدوا أناشيد رمضانية قبل أن يقدّموا ثلاثة عروض مسرحية للأطفال وللكبار. والمسرحيات خصّصت لقضايا ترتبط بشهر رمضان.
وتفاعل أطفال كثيرون مع الممثلين أثناء العرض وصفقوا بحماس مع بلوغ المشاهد الذروة. ويمثّل ذلك التفاعل أحد أهداف الفرقة وفق قول مصطفى الناري عضو مدرسة ناس.
وأوضح الناري “ما نقدّمه يمكن اعتباره تنمويا بعض الشيء لكن الهدف منه اجتماعي بحت، فنحن نقدّم هذا الفن الذي عادة يعرض في المسارح وتكلف مشاهدته مصاريف مجحفة بالنظر إلى الأوضاع الاجتماعية للفئة الشعبية من المواطنين، وهؤلاء أكثر الناس القاصرين على التمتع بهذه النوعية من الفن”، مشيرا إلى أن من بين أهدافهم أيضا “تحويل الأشياء البسيطة إلى فكرة مختلفة تقدّم فنا”.
وبيّن مصطفى وافي، المنسق الفني لمدرسة ناس أن “الفرقة نشأت بالأساس من أجل مساعدة جيل جديد من الشباب على الوصول إلى حوالي 80 بالمئة من الشعب المصري ممن لا يعرفون الكثير عن المسرح ولا يذهبون إليه، لأنه سواء في المسارح التجارية أو المسارح الحكومية لا مكان لهم من الناحية المادية، وبالتالي قررنا تأسيس هذه الفرقة الجوّالة”.
وقالت تينا انجلتسام المُعلمة في مدرسة ناس “هو تحدّ بالطبع، فأنت تأتي لمكان لم يطلب الناس منك المجيء إليه، لذا فالأمر يبدو وكأن عليك أن تقنعهم أو تلفت انتباههم لتجعلهم يبقون”.
وعبّر سكان المنطقة التي قُدم فيها أحد العروض عن سعادتهم البالغة.
وأكدت امرأة من سكان المنطقة أن “أبناءها وأبناء المنطقة فرحوا كثيرا بهذه المبادرة، لا سيما أنها الأولى من نوعها التي تزور منطقتهم منذ وقت طويل عن آخر عرض”، مضيفة أن ما يميّز هذا العرض أنه أنجز بمناسبة شهر رمضان، متمنية للجميع سنة طيبة.
ويؤكد مدرّبو المدرسة أنهم يتعمّدون استخدام رمزية مبسطة بما يتناسب مع الشارع المصري، فلا يُملي العرض على الناس حلولا، بل يترك لهم المجال للتفكير والنقد.
تاريخيّا، اقتصر فن المسرح بشكل كبير في بداياته ومنذ أن عرفته مصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، على قصور الحكام والطبقة الأرستقراطية والمثقفين من أجل الترفيه عن الأغنياء وتسليتهم.
وعلى خلاف ذلك نشأت مدرسة “ناس” للمسرح، بهدف رئيسي يؤكده وافي، وهو “خلق تيار مسرحي يتفاعل مع القضايا المصرية الاجتماعية المختلفة”.
وتحاول المدرسة تجاوز المسافة بين المسرح والمجتمع، من خلال تدريب العارضين والعارضات على مختلف فنون الأداء.