فرقة "بيت الرواد" الأردنية تصدح بالأغاني العربية القديمة

فنانون يرفضون اعتزال الإبداع والتقاعد من ممارسة العمل الفني من أجل الغناء الجميل، وحفلة مجانية كل أسبوع لعشاق موسيقى الكبار.
الثلاثاء 2018/05/29
سفر في الطرب الأصيل

عمان – يجتمع عدد من كبار موسيقيي الأردن والعشرات من عشاق الفن العربي الأصيل كل ثلاثاء في إحدى قاعات مركز الحسين الثقافي والمعهد الوطني للموسيقى وسط عمان، لإحياء أغان قديمة محفورة في الذاكرة لمطربين كبار من العالم العربي.

ويأتي ذلك في إطار مشروع "بيت الرواد" الذي ترعاه أمانة عمان وتقدم بموجبه حفلة كل أسبوع مجانا مفتوحة أمام كل الراغبين في حضورها بقاعة المركز التابع لها.

يقول مؤسس فرقة بيت الرواد وقائدها المايسترو صخر حتر (54 عاما)، “هدفنا المحافظة على الموسيقى الأردنية والعربية الأصيلة حيّة من خلال دراستها ونقلها إلى الأجيال، وتوفير جو اجتماعي ترفيهي داعم للفن والفنانين القدامى وتشجيعهم على الاستمرار في العمل خدمة للفن الأصيل ومحبيه".

في القاعة التي هي في الأصل مكتبة للمؤرخ الأردني سليمان الموسى وتحوي كتبا عديدة له حول تاريخ الأردن، يصفق الحضور الجالسون على مقاعد حمراء قبالة المسرح الصغير المستحدث، تصفيقا حارا بينما ينشد بشارة الربضي (62 عاما) موال “أي شيء في العيد أهدي إليك؟” للراحل العراقي ناظم الغزالي.

ويردد بعضهم معه متمتما، “أيّ شيء في العيد أهدي إليك يا ملاكي، وكل شيء لديك؟ أسِوارا؟… لا أحبّ القيود في معصميك..”.

ثم يتحمس الجميع مع الأغنية الشعبية الشهيرة، “طالعة من بيت أبوها رايحة لبيت الجيران”، ويقف بعضهم أمام مقاعدهم يرقصون أو يصفقون، بينما يحمل أحدهم عصا ويلوح بها.

Thumbnail

يؤكد حتر الذي أغرته عائلته بتعلم الموسيقى بدل شراء دراجة هوائية قد تشكل خطرا عليه، وهو الآن رئيس قسم الموسيقى العربية ومدرّس آلة العود منذ العام 1987 بالمعهد الوطني للموسيقى في الأردن، أن جمهور حفلات فرقة بيت الرواد”التي تحتفل هذه السنة بعيد ميلادها العاشر، “من كل شرائح المجتمع؛ كبارا ورجالا ونساء وأطفالا.. والجو هنا، عائلي لطيف”.

وتأسست فرقة بيت الرواد في 2008، يقول حتر، إن الفكرة جاءت بعد اجتماع عقد آنذاك في وزارة الثقافة وقد عرضت خلاله فكرة مشاركة مجموعة من الفنانين الكبار والمخضرمين في افتتاح مهرجان جرش، “ورُفض الاقتراح على اعتبار أنهم غير قادرين على العطاء”.

ويضيف، “آلمني ذلك الاقتراح، فألحت علي فكرة إنشاء الفرقة” التي تأسست بعد “تبني أمانة عمان الكبرى الفكرة”.

وتضم فرقة بيت الرواد، مطربين وملحنين وعازفين من رواد الفن تزيد أعمارهم إجمالا عن 50 عاما، وبينهم المطربون محمد وهيب (84 عاما) وسلوى العاص (74 عاما) وفؤاد حجازي (70 عاما) وغيرهم، ليؤكد هؤلاء الرواد أنهم لم يعتزلوا الإبداع ولم يتقاعدوا من ممارسة العمل الفني.

ويعتبر حتر الذي تعلم الموسيقى في دير كانت رئيسته تهدي عصفورا حيا لمن يجيد حفظ وإلقاء الغناء في طابور الصباح، أن “العطاء عند هؤلاء الفنانين مستمر، وهم على مستوى عال من الصنعة الموسيقية”.

Thumbnail

ويرى الفنان محمد وهيب (84 عاما)، أحد أعضاء الفرقة، أن “بيت الرواد فكرة جميلة جدا جمعت روادا قدموا للفن الأردني والعربي الكثير”.

ويقول الثمانيني الذي بدأ مسيرته الغنائية في إذاعة رام الله عام 1958 ثم الإذاعة الأردنية عام 1959 قبل زمن التلفزيون، مبتسما، “عشقت الفن الطربي منذ طفولتي”، مشيرا إلى أن فرقة “بيت الرواد” أعطته دفعا للاستمرار في العطاء.

ويتابع، “أغاني الطرب القديمة مختلفة عن أغاني هذه الأيام، ومن يأتي إلى بيت الرواد يشعر بأنه في الزمن الماضي الأصيل”.

ويتفاعل وهيب الذي عاصر جيلا من الفنانين العرب الكبار كمحمد عبدالوهاب وفريد الأطرش، بشغف مع جمهور بيت الرواد، خلال أدائه أغاني حفظها الجمهور ويرددها معه بفرح في قاعة مركز الحسين الثقافي، ومنها “عيناك”، و”كيف أنام الليل يا سليمة” التي غناها أيضا مطربون عرب، إضافة إلى أغان وطنية.

لكن على الرغم من تركيزه على الأغاني القديمة، يسعى بيت الرواد إلى مد الجسور مع العصر الراهن.

والفرقة غير مغلقة على ذاتها، فهي تحتفي بضيوفها من الفنانين الأردنيين والعرب، ودائما ما يتضمن برنامجها مشاركة لفنان عربي، أو مغترب أردني، أو موهبة واعدة.

يقول المطرب أسامة جبور (64 عاما)، إن الفرقة “تساهم في الوصل بين القديم والحديث من الأغاني”، مضيفا، “نعمل على توليف القديم من الأغاني

بتوزيع جديد حتى يتعرف الجيل الجديد على ما كان موجودا لدى الجيل القديم”.

في برنامج الحفل أيضا، موشحات أندلسية وأغان لفنانين مختلفين مثل السوري صباح فخري واللبناني وديع الصافي والمصرية أم كلثوم والسعودي محمد عبده، تترافق مع موسيقى تعتمد بشكل كبير على الآلات الشرقية مثل، العود والقانون والناي والأكورديون الشرقي وآلات الإيقاع كالطبلة والدف، وكذلك التشيلو والكمنجات.

وتجلس رسيلة بايزيدي (75 عاما) في مقعد أمامي وتصفق بقوة مستمتعة بأغاني الفرقة، ثم تقول “أنا آتي كل ثلاثاء لأتابع حفل بيت الرواد”.

وتضيف السيدة البشوشة ذات الحجاب الأبيض، “أحب الأغاني الطربية القديمة التي تعيدني إلى الزمن الجميل، وأشعر براحة كبيرة عندما أحضر الحفل”.

20