فرص تعزيز التكامل الاقتصادي العربي على طاولة قمة تونس

تزايد المؤشرات على أن الملفات الاقتصادية سيكون لها نصيب كبير في القمة العربية التي ستعقد في تونس يوم الأحد، بعد أن باتت برامج التنمية على رأس أولويات معظم حكومات الدول في ظل اتساع ضغوط ومطالب الشارع بتحسين الأوضاع المعيشية.
تونس - تعلق الحكومات العربية آمالا كبيرة على قمة تونس، التي تأتي في وضع استثنائي تشهده المنطقة لتحديد سبل تحفيز النشاط الاقتصادي للوصول إلى نموذج مستدام للتنمية وتوفير فرص عمل جديدة للشباب.
وأقر المجلس الاقتصادي والاجتماعي في اجتماعه التحضيري للقمة العربية الثلاثين الخميس في تونس حزمة من التوصيات التي يتوقع أن يقرها القادة العرب في اجتماعهم المقرر الأحد المقبل.
واعتمد المجلس المقترح الإماراتي بإنشاء المجموعة العربية للتعاون الفضائي، ومشروع قرار بشأن التحرك العربي في مفاوضات تغير المناخ والتعامل مع تغير قضايا المناخ.
وفي ما يتعلق بالملف الاجتماعي، اعتمد الوزراء مشروع قرار بشأن الاستراتيجية العربية لكبار السن المقدم من الاجتماع المشترك لمجلسي وزراء الشؤون الاجتماعية والصحة العرب.
ويتفق خبراء على أن معالجة النماذج الاقتصادية العربية التي تعاني من اختلالات جوهرية ظهرت في مظاهر احتجاج على السياسات المتبعة، هي مفتاح استقرار النمو واستدامته.
وتأتي القمة العربية بينما تشهد معظم دول المنطقة، بما فيها الغنية منها، أزمات اقتصادية بسبب تباطؤ النمو العالمي وعدم استقرار أسعار النفط وسوء إدارة الأوضاع.
وقال وزير التجارة التونسي، عمر الباهي خلال افتتاح أعمال المجلس بعد تسلمه رئاسة الدورة الحالية من وزير المالية السعودي محمد الجدعان، إن “تلبية تطلعات الشباب العربي في توفير فرص عمل تتطلب تحقيق نسبة نمو لا تقل عن 6 بالمئة سنويا”.
وشدد على أن العمل العربي المشترك، هو خيار استراتيجي، في ظل العولمة والمنافسة واتجاه أغلب دول العالم للانضمام لتكتلات اقتصادية دولية قوية.
وأوضح أن التحديات الاجتماعية وتحسين ظروف الحياة وتلبية تطلعات الشباب العربي ورفاه الشعوب العربية تتطلب تحسين مسار التنمية الاقتصادية.
وكشف آخر تقارير منظمة العمل العربية عن واقع صادم لأسواق العمل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحجم التحديات التي تواجهها الحكومات لتقليص البطالة.
ويقول خبراء إن الحماية الاجتماعية هي جدار الصد الأول لتحفيز تلك الأسواق المتعطشة للنمو، في ظل الفرص الكثيرة المهملة مع تسارع الخطوات للتحول إلى الاقتصاد الأخضر والتكنولوجيا.
وأظهر تقرير المنظمة أن التطورات الدولية والعربية المتسارعة خلال السنوات الأخيرة كان لها انعكاس على مستويات البطالة، حيث ارتفعت بشكل ملحوظ في 2016، بينما بقيت شبه مستقرة في البعض الآخر.
وتظل مستويات إنتاجية العمال منخفضة في معظم الدول العربية مقارنة بالمعدلات العالمية وذلك استنادا للتقرير الاقتصادي العربي الموحد، الذي بنت عليه المنظمة تقريرها.
ويحتاج إصلاح أسواق العمل بالمنطقة إلى وضع استراتيجيات جديدة تأخذ في عين الاعتبار التركيز على الاقتصاد الأخضر والأزرق وما يوفره من فرص عمل واعدة بهدف الحد من معدلات البطالة المرتفعة.
ووفق تقرير آفاق الاقتصاد العربي الصادر عن صندوق النقد العربي في سبتمبر الماضي، تدور نسبة النمو بالدول العربية كمجموعة حول 2.3 بالمئة.
ويتوقع الصندوق بلوغ نسبة النمو في الدول العربية كمجموعة خلال هذا العام عند حوالي 3 بالمئة، وهي نسبة غير كافية لامتصاص معدلات البطالة.
وهناك خشية حول استمرار الضبابية لمستقبل أسواق العمل العربية في ظل الظروف غير الملائمة لدفع عمليات الإنتاج وزيادة الاستثمارات بسبب أزمة النمو السكاني، التي تفوق نمو القوى العاملة، فضلا عن أزمة الهجرة البينية العربية.
ويرى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط أنه يجب “القيام بثورة اقتصادية في الدول العربية على المستوى التعليمي حتى تكون متلائمة مع متطلبات أسواق العمل في المنطقة”.
وأكد على ضرورة أن تعمل الحكومات العربية على تحقيق التوازن بين الواقع الديموغرافي من جهة والاكتفاء الذاتي من المياه والغذاء والطاقة، من جهة أخرى.
وحتى الآن تركزت الإصلاحات الاقتصادية، التي أنجزت في بلدان مثل تونس ومصر والأردن بتمويل من صندوق النقد الدولي تحديدا على تقليص عجز الموازنة العامة، لكن تلك التدابير رافقها ارتفاع في الأسعار، وهو ما أثار سخط المواطنين في هذه الدول.
وتعتبر منطقة التجارة العربية الحرة من أهم ركائز التكامل الإقليمي في المجال الاقتصادي، بما أنها ستساعد دول المنطقة على تعزيز مبادلاتها التجارية البينية.
ومنذ مطلع أكتوبر الماضي تم اعتماد قواعد المنشأ للسلع العربية ضمن منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى.
ويتطلب تعزيز التبادل التجاري بين الدول العربية المزيد من الشفافية وضمان أن تكون السلع منتجة بالفعل في تلك الدول.
ويطالب مسؤولون عرب بضرورة اعتماد الإعفاءات الجمركية المقررة ضمن المنطقة العربية الحرة، وعدم تطبيق ضرائب إضافية على السلع المتداولة بين الدول العربية.