فرحة رمضان تتلألأ في القاهرة

محلات بيع الفوانيس تخطف أنظار القادمين إلى منطقة السيدة زينب، بأضواء مبهرة تتلألأ على واجهات المتاجر، إذ تُعد الفوانيس أحد مصادر بهجة المصريين في الشهر الفضيل.
الأربعاء 2025/02/26
شهر بركة على الجميع

تعيش القاهرة أجواء من البهجة والاحتفال مع اقتراب شهر رمضان، حيث تزين شوارعها وأسواقها بالفوانيس المضيئة وأصناف “الياميش” التي تملأ المحلات التجارية وهي تقاليد رمضانية يستعد لها المصريون وتمتد لعدة عقود.

القاهرة - بأضواء مبهجة وفرحة تملأ وجوه زوار منطقة السيدة زينب التاريخية وسط القاهرة، بدأ المصريون الاستعداد لشهر رمضان المبارك الذي يحل بعد أيام بشراء الفوانيس وأصناف المكسرات.

وتحتضن هذه المنطقة التاريخية سنويا محلات بيع الفوانيس و”الياميش” (الفواكه المجففة، التمور، والمكسرات).

وتخطف محلات بيع الفوانيس أنظار القادمين إلى منطقة السيدة زينب، بأضواء مبهرة تتلألأ على واجهات المتاجر، وخامات تتنوع بين الخشب والمعدن والبلاستيك، إذ تُعد الفوانيس أحد مصادر بهجة المصريين في الشهر الفضيل.

وتجذب أسماع الزوار من تلك المحلات أغانٍ تراثية شهيرة، أبرزها “وحوي يا وحوي إيوحه” (كلمة فرعونية تعني الترحاب أو أهلا بالقمر)، و”روحت يا شعبان.. جيت يا رمضان”، و”جبنا الفوانيس أحمر وأخضر”، و”يلا الغفار شهر مبارك”. وبدأت الفوانيس بالظهور لأول مرة بنسختها المصرية خلال العهد الفاطمي في البلاد عام 969 ميلادي.

وإلى جانب الفوانيس، تتراص بشكل لافت ألوان مبهجة أخرى تعرف باسم “زينة رمضان”، وهي التي تزين المحال والمنازل والشوارع، وتصنع من الورق والقماش، وبأسعار متفاوتة.

po

وكعادة كل عام، تزدان شوارع مصر بالزينة والفوانيس المعلقة على واجهات المنازل والمحلات، وكثيرا ما يتشارك أبناء الحي الواحد لتزيينه في تنافس رمضاني شهير بين أبناء مختلف المناطق.

وفي منطقة السيدة زينب، كان لافتا أيضا الزحام أمام محال بيع الفوانيس، وسط مناقشات بين الأطفال وذويهم وحوارات الفتيات والشباب لاختيار الفانوس الأنسب لهذا العام، وسط أذواق متعددة. فبعضهم اختار الفانوس الخشبي، وآخرون فضلوا المعدني أو البلاستيكي.

وعن هذا التقليد الاجتماعي السنوي في رمضان، قالت الطفلة حلا رجب، ذات العشر سنوات، إنها تنتظر شراء فانوس كل رمضان لتفرح وتلعب به، مشيرة إلى أنها تحب الفوانيس التي تصدر الأغاني.

من جانبها، تقول أستاذة علم الاجتماع سامية خضر، إن المصريين يحبون الفرح والأجواء المبهجة ويتميزون بها، لاسيما في رمضان.

وتلفت خضر إلى أن شراء الفوانيس أصبح عادة مصرية وتقليدا سنويا يدخل البهجة على الأطفال وأسرهم والمجتمع. وتوضح أن الفوانيس صارت مصدر سعادة وبهجة للجميع، وبات موسم استخدامها يحمل تغييرا إيجابيا نحو الفرحة، لذا يستمر الإقبال على هذا التقليد.

وفي جوانب أخرى من السيدة زينب، تكثر محال بيع التمور والمكسرات والياميش والمشروبات، وكان لافتا بهجة باعة تلك السلع الذين ارتدى بعضهم طربوشا أحمر وبدأوا يرقصون على أنغام الأغاني الشعبية، ويتجاوب معهم المشترون لجذب الانتباه والترويج للبضائع.

oi

وأمام العديد من تلك المحال تجمعت أسر للتفاوض على أسعار التمور والمكسرات والياميش، التي يتفاوت ثمنها حسب الجودة وبلد الصنع. وكثرت تجمعات الزوار بين صناديق الزبيب وقمر الدين، والتمر هندي، والبندق، والكاجو، واللوز، والتين المجفف، وجوز الهند، وغيرها.

ويعد حي السيدة زينب، الذي يضم جامعا يحمل الاسم ذاته، من أكبر الأحياء في القاهرة، ويُنسَب إلى زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب. وهو مسجد ذائع الصيت تقصده حلقات الذكر الصوفية على مدار العام.

ويجد المصريون مددا روحيا آخر في رحاب مسجد الحسين، وسط القاهرة، الذي يحظى بشهرة دولية تتجاوز نطاق مصر والعالم العربي، مما يجعله مقصدا سياحيا بارزا في البلاد.

ورغم كثافة الإقبال على المسجد طوال العام، إلا أنه يكتسب أهمية خاصة بقدوم شهر رمضان، حيث يتحول إلى مزار سياحي للمصريين والأجانب من مختلف الديانات، نظرا إلى وجوده في منطقة عامرة بالتراث والآثار الإسلامية.

ويتوسط مسجد الحسين (شُيد عام 1154 م في عهد الفاطميين) حي يحمل اسم المسجد ذاته أيضا، وهو محاط بمنطقة خان الخليلي السياحية، والجامع الأزهر، وعدد من البازارات والمقاهي والمطاعم السياحية. ويتميز حي الحسين بأصالة مبانيه التاريخية التي تعود إلى العصرين المملوكي والتي نُحت جمالها على واجهات وجدران المباني الأثرية، مما يجذب أنظار السائحين من مختلف دول العالم.

يقول معروف عبدالقادر، إن أسرته تعتاد زيارة الحسين سنويا في رمضان، لما تشمله الزيارة من روحانيات ومتعة وترفيه تستمر من بعد صلاة المغرب وحتى فجر اليوم التالي.

p

ويُوضح عبدالقادر (موظف) أن جلسته المفضلة بعد أداء صلاة المغرب وتناول الإفطار عادة ما تكون على قهوة الفيشاوي التاريخية (تأسست عام 1797) لاستكمال روح المشهد التاريخي قبل العودة إلى المسجد لأداء صلاة التراويح.

ويضيف “الأجواء الاحتفالية، والروحانيات، والفوانيس المضيئة، والأصوات الصاخبة من المطاعم والمقاهي والمزارات السياحية تضفي على مسجد الحسين طابعا مميزا لا يوجد في مكان سواه طوال شهر رمضان”.

ويتميز المسجدان بوجود لافت لأتباع الطرق الصوفية، حيث يمارسون فعالياتهم وأذكارهم ويتمتعون بالروحانيات من خلال “الحضرة” التي يعقدها الصوفيون عقب صلاة العشاء.

18