فتيات "دي.دجيه" في تونس ينافسن الرجال في ليلهم

منسقات تونسيات يقتحمن عالم الرجال ويقمن بدورات تدريبية خاصة بهذا النمط الموسيقي.
الجمعة 2021/12/03
نواعم ينسقن موسيقى الليل

عرفت مهنة تنسيق الموسيقى في النوادي والملاهي الليلية بأنها مهنة الرجال خاصة في المجتمعات المحافظة، لكن فتيات تونسيات كسرن هذه القاعدة وصرن منسقات أو “دي.جيه” لاعتقادهن بأن الموسيقى ذوق يشترك فيه الرجال والنساء وأنهن قادرات على ممارسة المهن الليلية رغم مصاعبها.

تونس - تقف ياسمينة من وراء منصة رقمية ترفع نسق الموسيقى وتحاول تلقين مجموعة من الفتيات الموهوبات تقنيات فن تنسيق الموسيقى “دي.دجيينغ” في دورات تدريبية خاصة بهذا النمط من الإيقاعات الذي يحتكره الرجال في تونس.

كانت ندى بالماضي (25 عاما) تلمس للمرة الأولى أسطوانات البلاتين، ذات مساء في مقر المعهد الفرنسي بالعاصمة تونس. درست هذه الفتاة هندسة الصوت وترغب في تعلّم فن الـ”دي.دجيينغ” لأنها تعشق “الصوت والموسيقى” وتريد أن تجمع “المعجبين بالموسيقى الإلكترونية والرقص وبث الموجات الإيجابية” وتسعى إلى إنشاء أستوديو لإنتاج أعمال يوما ما.

تدرك ندى جيّدا أن فكرة تخصص الفتاة في الـ”دي.دجيينغ” في تونس “تثير الرهبة لدى غالبية العائلات” لأن العمل في هذا المجال يستلزم “العودة في ساعة متأخرة ليلا إلى البيت، وهذا حكر على الرجال”.

لكن هذا لا يمثل بالضرورة عائقا أمامها لأن أفراد عائلتها “منفتحون”، تقول “إنهم يشجعونني على القيام بما أحب”.

تساعدها “فوشيكا” المتخصصة في موسيقى “الهاوس” و”أفروهاوس”، واسمها الحقيقي ياسمينة قايدة (29 عاما)، على تعلّم مزج القطع وتنسيقها وتنويع النسق والإيقاعات.

حظيت “فوشيكا” وهي في الأصل مساعدة مصور في مجال السينما، بتدريب سريع لمدة ثلاثة أيّام ثم اتكلت على نفسها لإتقان تقنيات هذا العمل.

وتروي أن “أصحاب الملاهي الليلية كانوا يخشون التعاقد مع فتيات ‘الدي.دجيه’ من أجل إحياء سهرة” إذ يعتقدون أن هذا العمل “ليس للفتيات”.

وترى أنه من الصعب على الفتيات أن يخضن في هذا المجال وتقول “عندما يتقدم رجل للعمل، يقولون له أرسل لنا نماذج”، ولكن حين يتعلق الأمر بفتاة فغالبا ما يطرحون عليها السؤال الآتي “هل قمتِ بهذا العمل في السابق؟”.

وساهم محيطها العائلي في اندماجها السهل في هذا الميدان وفي تحقيق شغفها، فوالدها مسؤول تنشيط في الفنادق ووالدتها مصففة شعر، ولكنها تجد نفسها مضطرة في بعض الأحيان “إلى التحدث مع بعض العائلات”. وتقول “أسعى إلى إقناعها بأننا لا نفعل شيئا سيئا، بل فقط الموسيقى”.

أما ألفة العرفاوي التي أسّست “دي.دجيه أكاديمي فور غيرلز” عام 2018 وتصفه بأنه أول مركز تدريب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للفتيات على مهنة تنسيق الموسيقى، فتعتبر أن “الدي.جيينغ ليس مجالا آمنا بالنسبة إلى التونسيات. بل ينظر له على أنه مهنة خاصة بالرجال وصعبة جدا… ما يحصل في الليل يمكن أن يكون عنيفا على النساء”.

ساهمت الأكاديمية في تدريب نحو مئة فتاة طوال السنوات الثلاث الماضية “وبدأت النساء يقبلن على هذا الفضاء ويندمجن فيه”.

تقدم الأكاديمية دروسا بأسعار معقولة وتعتبرها العرفاوي “مدرسة الفرصة الثانية لمنح مهنة ثانية للفتيات”.

وتشرح العرفاوي أن الهدف من إنشاء الأكاديمية هو تمكين النساء من “توظيف عشقهنّ للموسيقى لكسب موارد مالية” في ظل شح الوظائف لأصحاب الشهادات  من الرجال والنساء.

علاوة على ذلك، يمكن الاستفادة من دورات تدريبية في اختصاص هندسة الصوت والإنتاج الموسيقي.

كذلك تؤدي هذه المؤسسة دورا اجتماعيا من خلال استخدام الـ”دي.دجيينغ” كوسيلة “لمنح النساء ثقة في أنفسهن ومناقشة مسائل حساسة”.

وترى العرفاوي أن هذا النوع من التدريب في الأكاديمية وعبر الموسيقى يبيّن أن “ثمة وسيلة لإرساء تنوع أكثر ومساواة” في تونس التي تناهز فيها نسبة الفتيات الحاصلات على شهادات علمية الستين في المئة، لا تعمل منهنّ سوى 28 في المئة.

وتلقت رؤى بيده (33 عاما) تدريبا في الأكاديمية منذ عام وهي متخصصة في فن “الراب”، وتقول إن فكرة احتكار الرجال هذه المهنة يجب أن تُكافَح بالاتحاد، مضيفة “عندما نصبح موحدات سنفرض أنفسنا ونطالب بحقوقنا وسيمنحنا الناس تبعا لذلك فرصتنا”.

20