فتح تفرمل اندفاعتها صوب حماس ورعاتها خشية عزلها عربيا

نصائح مصرية أردنية لعباس بشأن توجهه صوب تركيا وتداعياته الخطيرة على الملف الفلسطيني.
الخميس 2020/10/08
لحظة تأمل لاستيعاب ما يجري

رام الله - فرملت حركة فتح اندفاعتها صوب غريمتها حماس والقوى الإقليمية الموالية لها، في ظل إدراكها بأن هذا النهج قد يكلفها الكثير سياسيا، حيث أنه قد يعرضها لعزلة خانقة في محيطها العربي، فضلا على أن من شأنه أن يشرع الباب نحو المزيد من التمكين لحماس.

وكشفت مصادر مطلعة عن ضغوط مورست من الداخل على الرئيس محمود عباس بشأن إعادة النظر في خطواته، لاسيما في قرار إجراء انتخابات في ظل المرحلة الدقيقة التي تمر بها حركة فتح.

وقالت المصادر إن تيارا في فتح يرى بأن إجراء الاستحقاقات الانتخابية في هذا التوقيت ستكون حركة حماس المستفيدة الرئيسية منه، وستتمكن من تحقيق حلم إحكام القبضة على السلطة، وإخراج فتح من المعادلة.

وذكرت المصادر أن مصر والأردن وجها بدورهما جملة من النصائح لعباس، بأن التوجه صوب تركيا التي تحاول انتهاز أي فرصة لاختراق المنطقة، سيخلف تداعيات خطيرة على الملف الفلسطيني.

وأثار تطبيع كل من الإمارات والبحرين العلاقات مع إسرائيل في سبتمبر غضب الفلسطينيين، ودفع السلطة برئاسة محمود عباس إلى اتخاذ جملة من الخطوات “الارتجالية” كرد فعل على هذا المسار.

من بين تلك الخطوات التوجه صوب تركيا واتخاذ خطوات لعقد مصالحة مع حماس الإسلامية برعاية أنقرة، وكان توج ذلك بإعلان الحركتين في سبتمبر عن اتفاق لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون ستة أشهر، على أن تجرى الانتخابات التشريعية أولا ومن ثم الرئاسية وآخرها انتخابات المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية.

بالتوازي مع ذلك وجه المسؤولون الفلسطينيون وقيادات في حركة فتح انتقادات لاذعة في بعض الأحيان للدول العربية، لاسيما بعد فشل تمرير قرار يرفض تطبيع الإمارات العلاقات مع إسرائيل في جامعة الدول العربية.

ويقول مراقبون إن السلطة الفلسطينية أرادت من خلال تلك الخطوات أن تضغط على الدول العربية، لاسيما المحورية منها، من خلال الإيحاء بأنها لا تزال تملك زمام المبادرة ونسج تحالفات إقليمية جديدة.

أحمد فؤاد أنور: الجغرافيا السياسية تلعب دورا في خيارات قيادات فتح
أحمد فؤاد أنور: الجغرافيا السياسية تلعب دورا في خيارات قيادات فتح

ولا يخلو تصعيد السلطة الفلسطينية من دوافع مادية، في ظل تراجع المساهمات العربية في الأشهر الأخيرة ما ضاعف من أزمتها المالية وأثار مخاوف من عجزها عن تسديد رواتب موظفيها، وسبق أن اتهمت السلطة الولايات المتحدة وإسرائيل بشن حرب مالية عليها.

ويلفت المراقبون إلى أن السلطة برئاسة محمود عباس لم تكن تستطيع السير إلى مدى أكبر من ذلك الذي خطته لأنه سيعني قطع خط الرجعة مع محيطها، وهذا سيكون ليس فقط مكلفا بل ومدمرا أيضا لها ولحركة فتح.

ومن هنا يأتي تخفيف اندفاعتها وتخفيض النبرة العالية تجاه الدول العربية، وقال رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية الأربعاء إن “الضغط الأميركي الإسرائيلي (من أجل التطبيع) سوف يتبخر، وأقول لبعض الإخوة العرب اتعظوا من التاريخ فهؤلاء الناس لا يحترمون مواثيقهم ووعودهم”.

ويقول متابعون إن التعاطي العربي ولاسيما المصري الهادئ حيال رد فعل السلطة الفلسطينية، مع فتح قنوات تواصل معها لثنيها عن اتخاذ المزيد من الخطوات التي قد تفهم على أنها معادية، كتعزيز تموقع تركيا شكل أيضا سببا لعدول الأخيرة عن توجهاتها.

وقال الخبير في الشؤون الفلسطينية أحمد فؤاد أنور، إن حركة فتح تعرف أهمية العلاقة مع محيطها لاسيما مع مصر، ويصعب أن تضحي بها، فهي تاريخية وممتدة، وإذا خسرتها في هذا الوقت سوف تكون لها انعكاسات سياسية قوية على الحركة، بحكم الدور الذي تلعبه القاهرة في جوانب كثيرة من تفاصيل القضية الفلسطينية.

وأضاف لـ”العرب”، أن قيادات فتح الكبار يعرفون الدور الذي تلعبه الجغرافيا السياسية بالنسبة لقضيتهم، فمصر والأردن هما الفضاء الذي يصعب التضحية به، ومن الضروري ضبط الدفة، وتجاوز بعض المناوشات التي جاءت على خلفية لقاء الأمناء العامين في لبنان ورام الله، أو اللقاء الذي عقده وفد فتح مع حماس في إسطنبول.

وأوضح أن الظروف داخل فتح لا تساعد على رفاهية التباعد عن مصر، في وقت تعاني فيه الحركة من اختلالات كبيرة، يحتاج ضبطها المزيد من التدقيق في الحسابات، خاصة أن الثقة في حماس لا تزال مهزوزة، وقيادات فتح يعلمون كم التفاهمات التي جرت والاتفاقيات التي عقدت ونكصت بها حماس، وهو ينسحب على مخرجات إسطنبول.

وإلى جانب الخشية من فقدان الغطاء العربي، فإن دوافع كثيرة تجعل قيادات فتح تفكر مرارا قبل الإقدام على أي خطوة باتجاه المصالحة مع حماس لاسيما إجراء انتخابات ذلك أن الحركة تعاني من تراجع كبير في شعبيتها في الضفة الغربية، وخوض غمار الاستحقاق قد يقود إلى مزيد من التمكين لحماس التي تسيطر على قطاع غزة.

وخيار السير في قائمة مشتركة مع الحركة الإسلامية سيكون في حال جرت لعبة مكشوفة، ذلك أن الجانبين يقفان على طرفي نقيض فكريا وسياسيا، وبالتالي فإن هذا التمشي مستبعد.

وسبق أن شككت حركة الجهاد الإسلامي الجمعة الماضية في إمكانية إجراء الانتخابات الفلسطينية خلال الفترة المقبلة.

2