فايروس كورونا عدو الإنسان صديق الحيوان

وباء قاتل يتحوّل إلى ملاذ لأكثر الحيوانات عرضة للتهريب في الصين.
الاثنين 2020/03/02
وباء يأكل الأخضر واليابس

على عكس التأثيرات الواضحة على صحة الإنسان، بعدما تسبب فايروس كورونا في إبادة الآلاف من الناس في دول عديدة، فإن هذا الوباء المحدق بالعالم ومحور حديث الجميع مرشح إلى أن يكون ملاذا لبعض الحيوانات التي كانت عرضة للتهريب في الصين ومنها آكل النمل الحرشفي.

بكين – حول فايروس كورونا الذي اجتاح العالم في الأشهر الأخيرة الحديث من الصراعات السياسية والعسكرية والتجارية بين الدول العظمى خاصة بين الصين والولايات المتحدة إلى الاهتمام بآخر مستجدات وباء لا يعترف بهوية ولا بجنسية بعدما تمكن من اختراق دول عدة بمختلف القارات.

ومع تصاعد المخاوف من هذا الوباء الذي ساهم في تعطيل الحركة التجارية وحركة السفر بمختلف المطارات والموانئ، يرى خبراء أن هذا الفايروس القاتل يمثّل فائدة لبعض الحيوانات النادرة على عكس الإنسان.

وقد يؤدي تفشي فايروس كورونا المستجد في الصين إلى إنقاذ أحد أكثر الحيوانات تعرضا للتهريب في العالم بعدما أعلنت بكين فرض حظر تام على الاتجار بآكل النمل الحرشفي واستهلاكه.

وهذه الثدييات التي اعتبر الاتحاد العالمي لحفظ الطبيعة أنها مهددة بالانقراض، تعتبر طعاما تقليديا في أنحاء الصين ومعظم دول جنوب شرق آسيا.

ضحايا الوباء

وارتفع عدد ضحايا فايروس كورونا المستجد حول العالم إلى 87.565 إصابة و2990 وفاة، وفق حصيلة جمعتها وكالة فرانس برس من مصادر رسمية حتى الساعة الحادية عشرة صباحا ت.غ الأحد.

وسجلت منذ آخر إحصاء، السبت، 1646 إصابة جديدة. وسجلت الصين (دون احتساب هونغ كونغ وماكاو)، حيث ظهر الوباء نهاية ديسمبر، 79.824 ألف إصابة منها 2870 وفاة.

وفي بقية العالم، انتشر الفايروس في 64 دولة ومنطقة، وسجلت 7741 إصابة حتى الساعة الحادية عشرة صباحا ت.غ الأحد، بينها 120 وفاة و1073 إصابة جديدة.

وشهدت كوريا الجنوبية، ثاني أكثر بلد متضرر، تفشيا واسعا للفايروس، وسجلت 586 إصابة جديدة، وتجاوز العدد الإجمالي 3.736 إصابة بينها 18 وفاة.

وسجلت إيران أكبر حصيلة وفيات بعد الصين، إذ سجلت السلطات 54 وفاة إجمالية الأحد فقط. وبلغ العدد الإجمالي وفق السلطات 978 إصابة، بينها 385 إصابة جديدة.

وأعلنت أول وفاة في أستراليا لشخص كان على متن سفينة دايموند برنسيس التي سجلت على متنها 700 إصابة بينما كانت تحت الحجر الصحيّ في اليابان. وبعد أيرلندا ولوكسمبورغ مساء السبت، أعلنت أرمينيا تسجيل أول إصابة.

وعقب دراسة ربطت حيوان آكل النمل الحرشفي بنقل كورونا المستجد إلى البشر في بؤرة تفشي الفايروس في ووهان، فرض المسؤولون الصينيون، الاثنين، حظرا على أكل هذا الحيوان البري.

فايروس كورونا المستجد تحذير للبشر للسعي إلى الحفاظ أكثر على الطبيعة أو مواجهة الانعكاسات الصحية والمالية

وقد تساعد هذه التدابير التي تهدف إلى الحد من انتشار الفايروس الذي أصاب أكثر من 80 ألف شخص في أنحاء العالم وأودى بأكثر من 2700، في إنقاذ عدد من الحيوانات المهددة بالانقراض، لكن فقط إذا استمر الحظر لفترة طويلة.

وقال جيف هيه، مدير الصندوق الدولي لرعاية الحيوانات في الصين، “نشيد بهذا الحظر ونرى أن الحكومة الصينية مصممة على تغيير تقليد عمره الآلاف من السنين ويعتبر أمرا غير مناسب في مجتمعنا اليوم”. وأضاف “أعتقد أن الحظر خطوة مهمة للحفاظ على الحياة البرية في الصين”.

ودعا إلى “مراجعات أقوى وأكثر تقدما” لقوانين حماية الحياة البرية الموجودة حاليا في الصين.

واتخذت بكين تدابير مماثلة عقب تفشي فايروس سارس في أوائل العام 2000، لكن تجارة الحيوانات البرية بما فيها الخفافيش والثعابين واستهلاكها، عادت مرة أخرى.

وقال هيه “أعتقد أن الحكومة رأت أن الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الوطني والمجتمع جراء استهلاك الحيوانات البرية أكبر بكثير من فوائدها”. يعد آكل النمل الحرشفي أكثر الثدييات التي يتم الاتجار بها في العالم نظرا إلى لحمه اللذيذ وحراشفه الفريدة التي يقال إنها تتميز بخصائص طبية.

وقال بيتر نايتس، المدير التنفيذي لمنظمة “وايلد إيد” الخيرية، إنه إضافة إلى الحظر الذي فرضته الصين، هناك حاجة إلى بذل جهود دولية للحد من الانخفاض الكبير في أعداد حيوان آكل النمل الحرشفي في العالم.

وأضاف “السؤال الوحيد هو ماذا سيحدث على المدى الطويل. نأمل أن تتمكن الصين من قيادة الدول لجهة حظر هذه الأسواق على مستوى العالم”.

وأشار نايتس إلى أن فايروس كورونا المستجد يجب أن يكون بمثابة “تحذير” للبشر للسعي إلى الحفاظ أكثر على الطبيعة أو مواجهة الانعكاسات الصحية والمالية.

وتابع “إذا التفتنا إلى التحذير، فلن نحمي حياة البشر فحسب بل يمكننا أيضا أن ننقذ أنواعا مهددة مثل حيوان آكل النمل الحرشفي”.

تجارة آكل النمل الحرشفي

وضع مخيف
وضع مخيف

في عام 2016، تم حظر البيع الدولي لهذه الثدييات بموجب اتفاق الاتجار الدولي بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المعرضة للانقراض.

ويقدر الصندوق العالمي للطبيعة قيمة الاتجار غير المشروع بالأنواع البرية بنحو 15 مليار دولار سنويا، خصوصا في الأسواق الآسيوية المزدهرة.

ورغم أن الحظر حظي بترحيب مجتمعات الحفظ، فإن هناك مخاوف من أن البشر قد يلقون باللوم على حيوان آكل النمل الحرشفي في تفشي فايروس كورونا ويسعون إلى الانتقام منه.

وقال راي يانسن، رئيس مجموعة العمل الأفريقية من أجل آكل النمل الحرشفي والعضو في الاتحاد العالمي لحفظ الطبيعة، “قد يصبح الناس أكثر حذرا من هذه الحيوانات وبالتالي يصبحون أكثر حساسية لاستهلاك لحمها واستخدام حراشفها”.

وأضاف “لكن من الناحية الأخرى، قد يبدأون في اعتبار هذه الثدييات تهديدا ما يعرضهم للخطر. لسنا متأكدين تماما من الطريقة التي سيتعامل بها الناس مع حيوان آكل النمل الحرشفي”.

لكن بالنسبة إلى أندرو موير، المدير التنفيذي لمنظمة ”المؤسسة البرية في أفريقيا” فإن الحل سهل إذ قال “إذا لم نتناول الحيوانات البرية فلن تؤذينا”.

ويثير انتشار الفايروس مخاوف من اندلاع أزمة اقتصادية على مستوى عالمي. وتراجعت بورصات دول الخليج بشكل حاد في بداية أسبوع جديد من التعاملات المالية الأحد، على غرار بورصات عالمية أخرى منيت بخسارة مماثلة، الأسبوع الماضي، بنسب هي الأكبر منذ الأزمة المالية في 2008.

وسجلت أول وفاة في الولايات المتحدة السبت، كما أعلنت أستراليا، الأحد، وفاة أحد الركاب السابقين في سفينة الرحلات “دايموند برنسيس” التي فرضت عليها اليابان الحجر الصحي أمام سواحلها، وهي أول وفاة في أستراليا.وطلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من وسائل الإعلام “عدم نشر الذعر”.

وإلى جانب حالة الوفاة، أحصيت في الولايات المتحدة 21 إصابة يضاف إليها 47 مصابا أعيدوا إلى الولايات المتحدة.

وفي أوروبا، ألغت فرنسا التي أصبحت ثاني بؤرة للوباء في القارة الأوروبية، كل “التجمعات التي تضم أكثر من خمسة آلاف شخص” في مكان مغلق، وألغت في هذا السياق اليوم الأخير من معرض الزراعة، الأحد، في باريس.

وينطبق هذا القرار أيضا على بعض الفعاليات التي تجري في الهواء الطلق، وأُلغي في هذا الإطار سباق نصف الماراثون الذي كان مقررا الأحد في العاصمة الفرنسية بمشاركة 44 ألف عدّاء وعدّاءة. كما اتخذت إجراءات وقائية في المساجد. وبلغ عدد الإصابات في فرنسا مئة إصابة، وتوفي اثنان من المرضى.

أما إيطاليا التي تخطت حصيلة ألف إصابة من بينها 29 حالة وفاة، فاتخذت تدابير بالغة الصرامة، منها إغلاق المدارس في ثلاث مناطق وإلغاء أحداث رياضية أو ثقافية وفرض الحجر الصحي منذ أسبوع على 11 بلدة في الشمال، الرئة الاقتصادية للبلد.

ورفعت منظمة الصحة العالمية، الجمعة، مستوى الخطورة نتيجة انتشار الوباء إلى “مرتفع جدا” ودعت جميع الدول التي لم يطلها بعد إلى الاستعداد لوصوله، محذرة من أن الاعتقاد بأن بلدا ما بمنأى عن كورونا المستجدّ سيكون “خطأ مميتا”. لكن في مؤشر يدعو إلى القلق، سجلت إيطاليا حالة أولى من الإصابة مجددا لدى امرأة في الـ73 من العمر أظهرت الفحوصات إصابتها بالفايروس بعد شفائها منه.

6