"فالصو" منصة تتابع أخطاء الصحافة المصرية لتصويبها

تعامل الموقع مع الأخبار الكاذبة لا يقتصر على الميديا التقليدية، بل يمتد إلى أخبار مواقع التواصل الاجتماعي.
الأربعاء 2019/08/07
تصحيح المعلومات ومجابهة الشائعات

القاهرة - أطلقت مجموعة من الشباب الصحافيين موقعا إلكترونيا بعنوان “فالصو” مهمته متابعة الشائعات وتصحيح المعلومات الخاطئة المنشورة في وسائل الإعلام، وفضح الأكاذيب وفبركة الأخبار المختلقة.

وكشف محمود سعدالدين رئيس تحرير “فالصو”، أن الفكرة بدأت كصفحة على مواقع التواصل الاجتماعي منذ بضعة شهور، قبل أن تتحول إلى موقع إلكتروني بعد اتساع الجمهور المتابع واهتمام جهات عديدة برعاية الموقع.

وقال لـ”العرب” إن الفكرة جاءت بعد انتشار غير مسبوق للشائعات في وسائل الإعلام التقليدية، ما دفعه إلى تصميم صفحة للإبلاغ عن أي أخبار منشورة غير صحيحة والعمل على تصويبها.

وأضاف أن ذلك دفع مهتمين بالإعلام إلى تبني الفكرة وتأييدها، بل وتحويلها إلى موقع إلكتروني تابعا لشركة خاصة، يعمل به الآن 40 باحثا وصحافيا، بإشراف مجموعة من أساتذة الإعلام المتخصصين في مهمة توفير ظهير نقدي وبحثي لكشف الشائعات والأخبار الكاذبة وتقليل آثارها السلبية على البيئة السياسية
والاقتصادية.

وترمي المحاولة الجديدة إلى مساعدة العاملين في الحقل الإعلامي على ضبط الأداء وتلافي الثغرات الفنية، وامتلاك القدرة على فرز المحتوى واكتشاف ثغراته، ما يؤدي إلى خلق جدار صلب لمواجهة الرسائل الموجهة والملونة لأغراض غير مهنية.

ينقسم تصميم موقع “فالصو” إلى ستة أقسام رئيسية هي “عين على الميديا”، “فالصو شائعات”، “المختصر الصحيح”، “جار التحقيق”، “فالصو غراف”، و”كذب في كذب”، وثمة أيقونة بعنوان “أبلغ عن خبر كاذب” تخص الجمهور المتفاعل ويمكن من خلالها للمتابع الإبلاغ عن الأخبار الكاذبة، ويتم بعد ذلك كشف حقيقة الأمر.

ولا يقتصر تعامل الموقع مع الأخبار الكاذبة على الميديا التقليدية، كالمواقع الإلكترونية والصحف الورقية، وإنما تمتد المراجعة إلى أخبار مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى قنوات يوتيوب الشخصية.

ويرى البعض من الخبراء أن أزمة الميديا لا تقتصر على تدهور الأوضاع الاقتصادية للصحف ووسائل الإعلام، بقدر ما يشمل الأمر ضعف المحتوى، وتكرار الأخطاء المهنية، وعدم التدقيق في الكثير من البيانات والتواريخ، والجري وراء فكرة جذب أكبر عدد من الزوار دون التفات إلى المصداقية أو التأكد من صحة معلومة ما.

وفي تصورهم، أن عدم وجود رقابة ذاتية أو مراجعة للمحتوى الإعلامي يساهمان في قلة

 الاهتمام بتدقيق المعلومات ويدفعان الكثير من العاملين في مجال الصحافة إلى استسهال الحصول على المعلومة من شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، ما يجعلهم يشاركون في نقل أخبار مختلقة “فييك نيوز”.

لا يقتصر الأمر على الأخبار المختلقة أو الشائعات، فهناك معلومات ترد بين سطور مقالات الرأي، بعيدة تماما عن الصحة.

ورغم أن المقالات مسؤولية أصحابها، إلا أن جمهور القراء لا ينسب الخطأ في المعلومة إلى كاتب المقال وحده، إنما يمتد تحميل الخطأ إلى الجريدة كلها، لتوصم بأنها صفراء أو غير مهنية وتسمح بنشر أكاذيب.

Thumbnail

أوضح صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، لـ”العرب” أن الصحافة المصرية تواجه أسوأ أوضاعها على المستوى المهني، ولا توجد بالفعل جهات لمراجعة المعلومات أو الرقابة الذاتية في الصحف نفسها، ما يجعل كل تجربة تستهدف تصحيح أخطاء الميديا محل اهتمام وتقدير.

وأشار إلى أنه صار من المزعج جدا أن كل ما يكتبه الصحافي يجد مكانا للنشر، بغض النظر عن دقة وصحة المعلومات التي يعرضها تحت دعوى خاطئة تقول إن مقالات الرأي مسؤولية أصحابها وحدهم.

كانت أقسام التصحيح في المؤسسات الصحافية تعمل في الماضي على التصحيح اللغوي والنحوي، بجانب تدقيق المعلومات وتحسين الصياغة، لكنها الآن تعرضت للتدهور ذاته الذي أصاب كافة أقسام الصحف، فلم تعد تهتم بمراجعة المعلومات، واكتفت بمراجعة اللغة فقط.

وينصح الخبراء بضرورة قيام الصحف بإنشاء أقسام مراجعة ومحاسبة داخلية على غرار تجربة “فالصو” تكون مهمتها التدقيق والمراجعة وتصحيح الأخطاء، ومن غير المعقول أن نجد معظم الصحافيين يعملون لأكثر من عشرين عاما دون الحصول على منحة تدريبية في كيفية البحث عن المعلومة والحصول عليها والتأكد من
صحتها.

ورأى أسامة السعيد مدير مركز التدريب الصحافي بمؤسسة “أخبار اليوم” الحكومية، أن الأخبار المختلقة تحولت في ظل التطور التكنولوجي إلى أدوات لدول وأجهزة استخبارات عالمية للتأثير في توجهات جماهير بعينها، وهناك برامج متخصصة يمكن من خلالها إظهار رئيس دولة ما وهو يهاجم طائفة في بلاده دون أن يكون ذلك حقيقيا من خلال استخدام تقنيات التكنولوجيا الحديثة.

وأكد لـ”العرب” أن الصحافة في العالم تقاوم الأخبار المختلقة والصور الموجهة بعدة طرق تقنية، فضلا عن تخصص بعض الصحف في تتبع صحة الأخبار والتحقيقات المنشورة في الصحف الكبرى، ما يدفعنا إلى ضرورة اللحاق بتلك المنظومة لإنقاذ الميديا المصرية من عثرتها المهنية.

18