غربلة المستفيدين من الدعم الحكومي تثير مخاوف الطبقة الوسطى في الكويت

حكومة الشيخ صباح الخالد تتجه لإلغاء الكثير من برامج المساعدات الإنسانية.
الاثنين 2022/01/10
وضع اقتصادي ضاغط

تتبنى الحكومة الكويتية سياسة متدرجة لرفع الدعم الحكومي عن الكثير من السلع والخدمات في سياق محاولتها التقليل من الإخلالات التي تعانيها المالية العامة، بيد أن هذا التوجه لا يخلو من تحديات ومخاطر في حال لم يجر ضمن مخطط شامل للإصلاح، وضمن إرادة حقيقية لوضع حد للفساد.

الكويت - تحاول الحكومة الكويتية ضبط النفقات العامة، التي تثقل موازنة الدولة من خلال اتخاذ جملة من التدابير والإجراءات ومن بينها إعادة النظر في سياسة الدعم الحكومي، لكن هذا التوجه يطرح الكثير من التساؤلات من بينها من هي الشرائح المجتمعية المستهدفة بقرار رفع الدعم.

وكلف مجلس الوزراء الكويتي عددا من الجهات الحكومية من بينها وزارة الشؤون والأمانة العامة للتخطيط، بتنفيذ برنامج خاص في السياسات الاجتماعية يقوم على إعادة تصميم الهياكل التنظيمية والسياسات العامة لتطوير عمل الأجهزة ذات الصلة بالتنمية والأمان الاجتماعي.

وينص البرنامج الحكومي على ضرورة إعادة تحديد الفئات المستفيدة من الدعم الحكومي، وإعادة ربط سياسات العمل بالشؤون الاجتماعية وتقييم دعم العمالة الوطنية من خلال إجراء مسح وطني لجمع البيانات الاجتماعية والحالة المادية لمتلقي المساعدات بشكل دقيق، حتى يتسنى لوزارة الشؤون على إثرها تحديد حجم الدعم المستحق والمطلوب تقديمه للمستفيدين.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن الحكومة ستعمل على إنشاء منصة رقمية لتوحيد جمع البيانات المطلوبة وتأكيد الأهلية لمتلقي المساعدات، كما يتضمن برنامجها خطة لتطوير نظام تأمين اجتماعي تابع للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للتعامل مع المواطنين العاطلين عن العمل.

الحكومات المتعاقبة عمدت إلى إطلاق بالونات اختبار حول رفع الدعم لكنها لم تكن تملك الإرادة للذهاب بعيدا في ذلك

ويشدد البرنامج الحكومي على ضرورة مراجعة نظام التأمينات الاجتماعية لضمان المزيد من الاستدامة له، وضرورة إلغاء العديد من برامج المساعدة الاجتماعية التي تقدم مساعدات عينية للفئات الضعيفة في المجتمع، مثل دعم المواد الغذائية واستبدال المنح النقدية بها للمستهدفين.

وتعاني الكويت منذ سنوات من إخلالات كبيرة في ميزانيتها نتيجة التضخم الكبير في النفقات العامة، في مقابل تراجع إيرادات النفط -القطاع الرئيسي المنتج للإمارة الخليجية- متأثرا بتذبذب الأسواق العالمية والذي فاقمه تفشي فايروس كورونا.

وسعت الحكومات السابقة إلى إعادة النظر في سياسة الدعم، وبالفعل جرى اتخاذ قرارات في هذا الصدد من قبيل رفع الدعم عن بعض المشتقات النفطية، لاسيما الديزل، في العام 2016 الأمر الذي تسبب حينها بأزمة سياسية أدت إلى حل مجلس الأمة والدعوة إلى انتخابات برلمانية.

وتتعاطى الحكومات الكويتية المتعاقبة بحذر شديد مع قرار رفع الدعم، في ظل خشية من أن يفجر ذلك احتجاجات شعبية ضدها، وأن يعمق التوترات مع مجلس الأمة. وسعت تلك الحكومات في السنوات الثلاث الماضية إلى إطلاق بالونات اختبار حول رفع الدعم لكنها لم تكن تملك الإرادة للذهاب بعيدا في ذلك.

ويقول خبراء إن قرار رفع الدعم ضروري في سياق حاجة الدولة إلى تعزيز إيراداتها من الموارد غير النفطية فضلا عن أن هناك العديد ممن لا يستحقون الدعم، لكن عمليا الحكومة مكبلة باعتبارات سياسية واجتماعية، مشيرين إلى أن التوجه الحالي لغربلة المستفيدين من الدعم ينطوي على غموض كبير.

Thumbnail

ويلفت الخبراء على سبيل المثال إلى الطبقة الوسطى داخل الكويت والتي تعاني من ظروف ضاغطة نتيجة الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة، وبالتالي فإن رفع الدعم عنها في خدمات أساسية كالماء والكهرباء، والعديد من السلع التموينية، سيلحق ضررا كبيرا بها.

ومن التساؤلات المطروحة على الساحة الكويتية هل سيقتصر الدعم على السلع والخدمات التي تقدم للأسر والأفراد، أم سيشمل إلغاء الدعم الذي يقدم للشركات والمؤسسات الاستثمارية والعقارية والتجارية.

وكلف مجلس الوزراء الكويتي خلال اجتماعه الأخير عددا من الجهات الحكومية بالعمل على مراقبة ودراسة شبكة الرعاية الاجتماعية الحالية، وإعداد نموذج لضمان التوزيع العادل للثروة بين الكويتيين والأشخاص الأكثر احتياجا، اعتمادا على مستوى كثافة الإصلاحات التي تؤثر في فاتورة الأجور والدعوم الحكومية، وبالتالي على الشعب الكويتي ككل، على أن يتم الانتهاء من الإصلاحات المطلوبة والعمل بها في غضون أربع سنوات.

ومن بين التكليفات؛ مراجعة الهيكل الحالي لشبكة الأمان الاجتماعي، وإعداد دراسة اجتماعية واقتصادية وتقييم الأثر على الشؤون المالية للحكومة في المستقبل وعلى السكان بالنسبة إلى مختلف سيناريوهات شبكة الأمان الاجتماعي لضمان العدالة والشفافية، وتصميم مخطط توزيع الثروات المستهدف (بما في ذلك معايير الأهلية والسياسات وعمليات الوصول إلى السكان المحتاجين).

وتشمل التكليفات وضع استراتيجية للتواصل مع الشعب الكويتي وإبلاغه بالمخطط الجديد في حالة التغيير، والتواصل والتعاون مع الجهات الحكومية المعنية لإطلاق الهيكل الجديد، ورصد تنفيذ خطط التعويضات الجديدة لقياس أثرها على شبكة الأمان الاجتماعي، ولضمان العدالة لمتلقيها.

ويرى الخبراء أن الحكومة تسعى إلى تبني سياسة متدرجة لرفع الدعم الحكومي، لكن هذا النهج لا يخلو من منغصات خاصة إذا ما جرى بشكل مجتزئ وليس في إطار برنامج إصلاحي شامل، ويلفت الخبراء إلى أن خطوة رفع الدعم سلاح ذو حدين فمن جهة هو سيخفف أعباء النفقات العامة على كاهل الدولة، لكنه في المقابل سيقود إلى ارتفاع جنوني في الأسعار وإلى زيادة معدلات التضخم وهذا الأمر سينعكس على نحو كبير على الطبقتين الوسطى ومحدودة الدخل.

3