عُمان تضفي زخما على خصخصة الشركات الحكومية

أوكيو للطاقة تبيع حصتها البالغة 30 في المئة بمشروع مشترك لصناعة التعدين مع فالي البرازيلية.
الأربعاء 2023/02/15
نموذج آخر عن كفاءة المنشآت

رجح محللون ظهور سباق بين المستثمرين بعدما أطلقت سلطنة عمان جولة جديدة من صفقات الخصخصة، التي تراهن عليها من أجل استكمال برنامجها المتعلق بتعزيز جاذبية مناخ الأعمال لتحقيق أعلى استفادة ممكنة تحت مظلة تنويع الاقتصاد وإصلاحه.

مسقط - دشنت الحكومة العمانية جولة جديدة في برنامج خصخصة الشركات الحكومية، التي يشرف عليها صندوقها السيادي، في الوقت الذي تسعى فيه إلى دعم أوضاعها المالية مستفيدة من استمرار طفرة عوائد تجارة النفط والغاز.

وتقتفي مسقط خطى السعودية وإماراتي أبوظبي ودبي في بيع حصص في أصولها المتنوعة، وتشمل الطاقة والتعدين وغيرهما، لجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية.

وأعلنت شركة فالي البرازيلية للتعدين الثلاثاء شراء حصة المجموعة العالمية المتكاملة للطاقة (أوكيو) في مشروعهما المشترك فالي عمان لتكوير خام الحديد والبالغة 30 في المئة لتصبح شركة أجنبية بالكامل بعد عملية الاستحواذ، لكنها لم تكشف عن حجم الصفقة.

وكانت أوكيو المملوكة لجهاز الاستثمار، والتي كانت تعرف سابقا باسم شركة “النفط العمانية”، قد اشترت حصة في فالي عُمان عام 2010.

وجاءت الصفقة في إطار الجهود التي تبذلها أوكيو لجذب الاستثمارات الأجنبية، والدخول في شراكات تسهم في تحقيق أقصى استفادة من الثروات الطبيعية في البلاد.

طلال العوفي: الصفقة تتماشى مع خطط جهاز الاستثمار لجذب رؤوس الأموال
طلال العوفي: الصفقة تتماشى مع خطط جهاز الاستثمار لجذب رؤوس الأموال

ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى طلال العوفي، الرئيس التنفيذي لمجموعة أوكيو، قوله إن الخطوة “تأتي تماشيا مع توجهات جهاز الاستثمار وتنفيذا لإستراتيجية جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال بيع حصص مملوكة لها في شركات أخرى”.

وأضاف “هذه العمليات ستسهم في تعظيم الاستفادة من الثروات الطبيعية وتنويع الاقتصاد في البلاد”، مشيرا إلى أن هذه الاتفاقية دلالة على كون سلطنة عُمان سوقا جذابة للمستثمر الأجنبي.

ومن المتوقع أن تكتمل عملية نقل ملكية حصة أوكيو في ذراع التعدين، التي تأسست قبل 16 عاما خلال الربع الثاني من هذا العام بدعم كامل من كلا الطرفين.

وبحسب المعطيات المنشورة على المنصة الإلكترونية لشركة فالي عُمان، فإنها تمتلك مصنعا متطورا لتكوير خام الحديد تزيد طاقته الإنتاجية عن 9 ملايين طن، بالإضافة إلى مركز توزيع بطاقة 40 مليون طن.

وتشهد الشركة نموا في المنطقة مع إدخال مصنع القولبة في مدينة صحار العُمانية، وهي خطوة من شأنها أن توفّر المزيد من فرص العمل في سلطنة عمان وتعزّز التجارة العابرة للحدود.

وتعد فالي، الشركة الأم، من أكبر شركات التعدين في العالم ولها أكثر من 30 فرعا، كما أنها من بين الكيانات العملاقة المنتجة للحديد والمواد الرئيسية لصناعة الصلب.

وقال جيليرمي رينيش رئيس مجلس إدارة فالي عُمان إن “أوكيو تقوم بدور حيوي يدعم جميع شركائها في سلطنة عُمان، حيث وفرت التوجيه للشركة فيما يخص العديد من قرارات الأعمال والاستثمارات الناجحة في المنطقة”.

وأوضح أن فالي عُمان تواصل تعزيز توسعها في السلطنة ومنطقة الشرق الأوسط بما يتماشى مع أهداف تحقيق الحياد الكربوني العالمي مع الاستثمار في رأس المال البشري المحلي ومبادرات القيمة المحلية.

فالي عُمان تنتج 9 ملايين طن من خامات الحديد سنويا ولديها مركز توزيع بطاقة 40 مليون طن
فالي عُمان تنتج 9 ملايين طن من خامات الحديد سنويا ولديها مركز توزيع بطاقة 40 مليون طن

وتدعم فالي عُمان مبادرات القيمة المحلية المضافة، بما في ذلك تطوير سلسلة التوريد المحلية ومشاريع المسؤولية الاجتماعية للشركات، باستثمارات تصل إلى 1.4 مليار دولار حتى الآن.

وتشير التقديرات إلى أن نسبة الكوادر العُمانية في الشركة تصل حاليا إلى حوالي 75 في المئة، كما يشكل العُمانيون 80 في المئة من كبار القادة في فالي عُمان.

ولتعزيز جاذبية مناخ الأعمال، تعتزم أوكيو جمع ما يصل إلى 244 مليون دولار من طرح عام أولي لوحدتها أبراج المتخصصة في أعمال الحفر بقطاع النفط والغاز.

واجتذبت أبراج الشركة السعودية العمانية للاستثمار، المملوكة بالكامل لصندوق الثروة السعودي، ومكتب شؤون البلاط السلطاني العماني وشلومبرجر عُمان كمستثمرين رئيسيين للاكتتاب في حصة إجمالية نسبتها 40 في المئة من الطرح.

ومن بين شركات الطاقة، التي تبدي الحكومة جدية في خصخصتها، شركة صلالة للميثانول التي تأسست عام 2006 والمملوكة من قبل شركة النفط العمانية بنسبة 90 في المئة، في حين تملك شركة تكامل للاستثمار النسبة المتبقية.

وبدأت مسقط تنفيذ برنامجها للخصخصة قبل خمس سنوات تقريبا حينما باعت شركة الكهرباء القابضة (نماء) في ديسمبر 2019 حصة تبلغ 49 في المئة في الشركة العمانية لنقل الكهرباء إلى مؤسسة شبكة الكهرباء الصينية، بحوالي مليار دولار.

وكانت وزارة المالية قد أعلنت في بداية عام 2017 أنها بدأت في نقل حصص تملكها في شركات مدرجة وخاصة إلى صناديق سيادية وشركات أخرى مملوكة للدولة، في خطوة قال محللون إنها مهدت الطريق أمام بيع تلك الأصول على مراحل.

العُمانيون يشكلون 80 في المئة من كبار القادة في فالي عُمان

وحددت الحكومة بالفعل الخطوط العريضة لخططها الرامية إلى بيع أصول حكومية، في ظل سعيها الدؤوب للتأقلم مع عجز الموازنة عقب هبوط أسعار النفط، الذي أثر على إيراداتها.

ويتمثل الهدف في نقل هذه الحصص إلى ملاّك جدد أكثر ملاءمة لتلك الأصول، فعلى سبيل المثال جرى نقل حصة الوزارة في شركة صلالة لخدمات الموانئ إلى المجموعة العمانية العالمية للوجستيات (أسياد)، التي تعمل في خدمات النقل والدعم.

وأطلقت الحكومة عام 2020 خطة لتنهي الاعتماد على عائدات الطاقة عبر تنويع مصادر الدخل، وأعطت الأزمة في أوكرانيا متنفسا للمسؤولين بعدما ارتفعت أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية مما جعل الدولة تحقق فائضا ماليا نادرا لم تعهده منذ 2013.

وعانى البلد ذو التصنيف الائتماني المنخفض لدى كافة الوكالات الكبرى في السنوات الأخيرة، قبل أن تتحسن التقييمات في الأشهر الأخيرة بفضل تحقيق فوائض مالية في الموازنة هي الأولى منذ عقد تقريبا مع قدرتها على سداد الديون.

وساهمت ثقة أسواق الدين الدولية في تعزيز الخطط الإصلاحية للحكومة، التي حصلت على قرض قبل أشهر قليلة، سيساعدها على مواصلة تنفيذ برنامجها للخروج من أزماتها المالية تدريجيا، وذلك في ظل ارتفاع إيراداتها النفطية.

وفي نوفمبر الماضي أنهت مسقط إجراءات الحصول على قرض إعادة تمويل مع رفع حجم التمويل إلى أربعة مليارات دولار وإطالة أمد الدين.

11