عُمان تستعد لجولة جديدة في إدراج شركاتها الحكومية

تستعد سلطنة عمان لتدشين مرحلة جديدة في برنامج إدراج الشركات الحكومية بالبورصة المحلية، في الوقت الذي تسعى فيه لدعم أوضاعها المالية بشكل أكبر حتى مع تحقيقها لوفرة مالية في الأشهر الستة الماضية نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغاز.
مسقط - كشفت البورصة العمانية الأربعاء أن الحكومة ستطرح مجموعة من الشركات المملوكة لجهاز الاستثمار بسوق المال وذلك في سياق خططها بتوفير سيولة إضافية وفي الوقت ذاته تحسين كفاءة كياناتها التي تنشط في مجالات مختلفة.
وذكر الرئيس التنفيذي لبورصة مسقط هيثم السالمي خلال مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ الشرق أنه يجري حاليا تجهيز أربع شركات للاكتتاب، مشيرا إلى أن قيمة هذه الطروحات قد تصل إلى ملياري دولار.
ورجح السالمي أن يتم طرح هذه الشركات، التي لم يذكرها بدقة، خلال النصف الأول من العام المقبل، والذي من المتوقع أن يشهد أيضا تخارج الحكومة من شركات أخرى.
ووفق الخطط المطروحة تستهدف الحكومة جمع نحو 6.5 مليار دولار عبر تخارج الجهاز من ثلاثين مشروعا حتى العام 2026.

هيثم السالمي: سيتم طرح أسهم 4 شركات في النصف الأول من 2023
وكان الجهاز يعتزم التخارج من ستة استثمارات قبل نهاية هذا العام بطرح وحدتين تابعتين لشركة الطاقة أو.كيو بالإضافة إلى شركة صناعية، للاكتتاب العام، إلا أن السالمي ألمح في حديثه إلى أن عمليات التخارج قد لا تتم أيضا في 2022.
وإلى جانب ذلك سيتم بيع حصص بشكل كامل أو جزئي في مشروعين تابعين للمجموعة العمانية العالمية للوجستيات (أسياد)، وآخر تابع لمجموعة فنادق ومنتجعات تابعة لشركة عمران.
وحتى يعزز من كفاءة أعماله تمكن الجهاز منذ تأسيسه قبل عامين من تحقيق عوائد من بيع أصول، منها التخارج الكامل من مؤسسة كوجنت بايوسيرفس الأميركية المختصة في الأجهزة الطبية.
كما باع كامل أصوله في متاجر مايغروس في تركيا، وتخارج أيضا من سيراميك رأس الخيمة، وجزئيا تم التخارج من شركة فيرست ديتا الأميركية المتخصصة في تقنية المعلومات.
وكانت ثريا البلوشي مديرة دائرة التنوّع الاقتصادي في جهاز الاستثمار قد قالت في يوليو الماضي إن التخارج من الشركات الست “يمثّل البداية”.
وأوضحت أن الجهاز الذي يمثّل الصندوق السيادي للبلاد يعمل مع الشركات التي تندرج تحته والبالغ عددها 175، على خطط للتخارج منذ العام 2020.
وقالت البلوشي حينها لوكالة بلومبرغ إن الشركات التي تم تحديدها “كمرحلة أولى”، هي التي بلغت مرحلة النضوج وتتوزّع على قطاعات الخدمات اللوجستية والسياحة والأمن الغذائي والثروة السمكية.
وتمكن الجهاز منذ تأسيسه من الاستثمار في العديد من القطاعات وعقد شراكات في أكثر من أربعين بلدا، من بينها شركة سبيس إكس الأميركية. كما أسس صندوقا للاستثمار في تقنيات المستقبل مع البنك الصيني التجاري الدولي.
وتشير التقديرات إلى أن أصول الصندوق لا تتعدى العشرين مليار دولار، ما يجعله من أصغر الصناديق السيادية بين دول منطقة الخليج العربي.
ومع ذلك أشار السالمي إلى أن سوق المال يحتاج إلى تجهيز لاستيعاب الطروحات الأربعة المرتقبة التي بصدد إعداد نشرات الاكتتاب الخاصة بها.
175
كيانا حكوميا يديرها جهاز الاستثمار وهي تنشط في مجموعة متنوعة من القطاعات
وقال إنه “قد يكون الوقت ضيقا للطروحات المزمعة خلال هذا العام، لكن بشكل أكيد سيكون في الربع الأول من 2023 لبعضها والربع الثاني للبعض الآخر”.
ومنذ العام 2010، لم تشهد بورصة مسقط أي اكتتاب عام أوّلي كبير عندما جمعت شركة النورس للاتصالات، المعروفة الآن بأوريدو عُمان، 475 مليون دولار.
وتسعى مسقط لمواكبة طفرة الاكتتابات العامة التي تشهدها منطقة الخليج، لاسيما السعودية والإمارات، والتي جمعت أكثر من 14 مليار دولار منذ بداية العام عبر إدراج 35 شركة مملوكة للدولة على مدى السنوات الخمس المقبلة.
ويأمل مجلس إدارة البورصة في رفع سيولة الأسهم المدرجة وزيادة قيمة الشركات والتركيز على تسهيل دخول الاستثمارات الأجنبية.
وأكد السالمي أن الاكتتابات المقررة ستكون متاحة للاستثمار الأجنبي بالكامل، حيث أن إزالة الحدود عن نسب تملك الأجانب من أهم عوامل ترقية سوق المال إلى ناشئة.
وبات البلد الخليجي الذي عانى من تضخم الديون وأزمة مالية وقلة في احتياطاته النقدية قبل الطفرة الأخيرة في أسعار النفط مجبرا على اللحاق بركب جيرانه الخليجيين وخاصة الإمارات والكويت والسعودية في ترقية مستوى نشاط سوق المال ووضع حوافز تتيح جذب الأموال إلى البلاد.
ويعتمد الاقتصاد العماني بشدة على الهيدروكربونات، إذ تشكل منتجات النفط والغاز 35 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي و60 في المئة من الصادرات و70 في المئة من الإيرادات المالية.
مجلس إدارة البورصة يأمل في رفع سيولة الأسهم المدرجة وزيادة قيمة الشركات والتركيز على تسهيل دخول الاستثمارات الأجنبية
وفي يناير الماضي، كشف مجلس إدارة بورصة مسقط خلال اجتماعه الأول لهذا العام أنه يسعى لترقية سوق المال لجعلها ضمن الأسواق الناشئة، وهو تحرك يأتي ضمن خطط الإصلاح الاقتصادي.
وتريد مسقط تحريك تموضعها في مؤشرات كفاءة الأداء المالي إلى مستوى متقدم في تقارير التنافسية العالمية والتي تعتبر معيارا لشفافية وسهولة أداء الأعمال ومدى التطوّر الاقتصادي لأي بلد.
وسيمنح انضمام بورصة مسقط إلى مؤشر فوتسي العام للأسواق الناشئة ومؤشر أم.أس.سي.آي للأسواق الناشئة فرصة كبيرة للبلد من أجل جذب المزيد من تدفقات الأموال الخارجية.
وتضم بورصة مسقط، وهي من أصغر الأسواق المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث القيمة، 76 شركة تنشط في العديد من القطاعات قياسا ببورصة تداول السعودية التي تضم 187 شركة موزعة على 20 قطاعا وهي الأكبر في المنطقة العربية.
كما تعمل إدارة البورصة على تفعيل بعض خصائص التداول كالبيع على المكشوف وإقراض واقتراض الأوراق المالية وغيرها من المبادرات التي تمكن البورصة من ترقيتها في المؤشرات العالمية.
وتحولت سوق مسقط للأوراق المالية في يناير 2021 إلى شركة مساهمة مقفلة باسم شركة بورصة مسقط، وآلت ملكيتها إلى جهاز الاستثمار. وقد تم الانتهاء من هذه العملية في أبريل من العام ذاته.