عين ليوناردو الحادة مفتاح عبقريته

نيويورك – يعتقد العلماء أن عين الرسام الإيطالي ليوناردو دا فينشي فائقة السرعة ربما هي ما ساعده على التقاط السحر الغامض لابتسامة الموناليزا.
وسمحت هذه السمة الخارقة، التي قد يشاركه فيها أيضا لاعبو التنس والبيسبول الكبار، لسيد عصر النهضة بالتقاط ما حوله بدقة فائقة، وحتى الطيور وحشرات اليعسوب أثناء طيرانها.
وكان مؤرخو الفن قد تحدثوا منذ فترة طويلة عن “عين ليوناردو” السريعة، لكن ديفيد إس ثالر من جامعة بازل السويسرية حاول قياسها في دراسة حديثة نُشرت الخميس تُظهر كيف أضفى على رسوماته ولوحاته عمقا عاطفيا غريبا.
وتدور أبحاث ثالر حول سرعة عين ليوناردو إلى درجة أنه تمكن من اكتشاف أن أجنحة اليعسوب الأمامية والخلفية تتحرك بإيقاع مختلف، وهو اكتشاف احتاج العلماء لتوظيف تقنية التصوير البطيء لإثباته بعد أربعة قرون.
ورسم الفنان، الذي عاش من 1452 إلى 1519، كيف يرفع اليعسوب أجنحته الأمامية عندما يخفض أجنحته الخلفية، وهو أمر كان غير معروف بالنسبة لثالر ولزملائه عندما حاولوا ملاحظة الفرق بأنفسهم.
وقال ثالر إن قلة من البشر يمكن أن تدرك سر لوحة ليوناردو الأكثر شهرة، موضحا “ابتسامة الموناليزا غامضة للغاية لأنها تمثل لحظة تغير تعابير وجهها. والتقطت عين ليوناردو السريعة ذلك وسجّلها في ذاكرته”.
وتابع “غالبا ما تكون ذكرياتنا في شكل صورة ثابتة، وليست حركة. كان لدى ليوناردو وربما فنانين آخرين تلك القدرة على التقاط لحظة تحول تعابير الوجه أو العاطفة”.
ويشك ثالر في أن الرسام الياباني هوكوساي (1760-1849) المعروف بلوحة “موجة كاناغاوا العظيمة” لديه نفس القدرة. فقد لاحظ الفرق في أجنحة اليعسوب، مما دفع ثالر إلى التساؤل عما إذا أدرك ذلك بنفس طريقة ليوناردو.
وعمل ثالر على قياس “تردد اندماج الوميض” لقياس حدة عيون ليوناردو غير العادية في الدراسة التي أجرتها جامعة روكفلر في الولايات المتحدة كجزء من مشروع أوسع يدقق في عصر النهضة. وتكمن هذه الطريقة المعتمدة على بناء صورة ثلاثية الأبعاد واحدة من خلال دمج العديد من الصور الملتقطة في فترات زمنية مختلفة وغير متباعدة.
ويعتقد أن ليوناردو أدرك أن بإمكانه تجميد اللحظات المنفصلة التي نبني بها تصورنا. وأضاف بأنه مفتون بقضية الأميركي تيد ويليامز، أسطورة البيسبول الذي يزعم أنه تدرب على رؤية كرات البيسبول وهي تتجه نحوه.
وأشار ثالر إلى أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه الحالة وراثية أم أنه يمكن تعلمها. كما وصف الباحث في ورقة أخرى كيف استخدم ليوناردو الفيزياء النفسية، التي لا يزال الكثير منها غامضا لليوم، لإيصال الجمال والعاطفة.
وقال إن إتقان ليوناردو لتقنية مزج الألوان أو سفوماتو، التي تمحو حواف الصور ببراعة وتخلق تأثيرا ثلاثي الأبعاد، سمح له بتقديم تعبيرات نابضة بالحياة وأعطى نظرة حميمية على صوره. ويعتقد أن دا فينشي طبّق هذه التقنية في الصور عن طريق الرسم تحت الغيوم وضوء سماء المساء، حيث يكبر بؤبؤ العينين للسماح بدخول المزيد من الضوء.