عيد نوروز يحل زاهيا في إقليم كردستان العراق

يحتفل العراقيون، وخاصة الأكراد في إقليم كردستان، بعيد نوروز الذي يصادف حلول الربيع في أجواء احتفالية مميزة، مرتدين الأزياء التقليدية الزاهية، ويرقصون على إيقاع أغاني الفلكلور الكردي، بينما يتم إشعال النيران كطقس يعكس التراث الثقافي الكردي.
بغداد - في الحادي والعشرين من مارس 2025 من كل عام، يحتفل العراقيون وخاصة الأكراد بعيد نوروز، حيث تشهد مدن إقليم كردستان احتفالات واسعة على أنغام أغاني الفلكلور الكردي والدبكات الشعبية، مرتدين الأزياء التقليدية.
قالت أشارا حميد بزيها الكردي، “أجمل شيء في نوروز هو قدوم أطياف العراق من عرب وتركمان سنة وشيعة للمشاركة، كأننا شخص واحد… إنه شعور جميل.”
كلمة “نوروز” هي مزيج من كلمتين كرديتين، “نو” تعني جديد، و”روز” تعني يوم، ليصبح المعنى الكامل “اليوم الجديد”. ويصادف عيد نوروز بداية السنة الكردية الجديدة ويعد أول أيام العام الكردي. التاريخ يعود إلى الألف الرابع قبل الميلاد، حيث بدأ الاحتفال به في العصور الميدية في منطقة الشرق الأوسط وآسيا.
وبجانب كونه بداية فصل الربيع، الذي يعني الخصب والتجدد في الثقافات المختلفة، يرتبط عيد نوروز في الثقافة الكردية بفكرة التحرر والانتصار على الظلم. وتروي الأسطورة الكردية قصة كاوة الحداد الذي أشعل النار في وجه الطاغية الضحاك، ليعلن عن انتصار الشعب وتحرره.
وقال عبدالعزيز رمضان أحد المحتفلين بالمناسبة “عيد نوروز هو عيد قومي وتاريخي بالنسبة للكرد فهو رمز الحرية بدءا بقصة (القائد الكردي) كاوا الحداد الذي قام بمحاربة الملك الظالم وإحلال الحرية على شعبه.”
من أبرز طقوس عيد نوروز تنظيف المنازل وتجديدها، وهي عادة تجسد فكرة التجدد التي يرتبط بها عيد نوروز. كما يُعدّ الأكراد أطعمة تقليدية مثل “الكليجة” وحلويات موسمية للاحتفال بالعيد.
ويستعد العديد من العراقيين للذهاب في رحلات إلى المناطق الطبيعية، مثل الجبال والحدائق، للاحتفاء بجمال الطبيعة الربيعية.
ويشهد إقليم كردستان احتفالات شعبية واسعة النطاق تشمل إشعال النيران، وهي طقوس تقليدية لها رمزية خاصة تعود إلى الزرادشتية، حيث يعتبر إشعال النار رمزا للنور والتطهير.
في يوم العيد، يتجمع الأهالي في الساحات العامة حول النيران، ويقوم الكثيرون بالقفز فوق النيران كنوع من التحدي الرمزي، ما يعكس فكرة التخلص من الخوف واستقبال الربيع بطاقة إيجابية.
نائب رئيس فرع أربيل لجمعية المطاعم والفنادق في إقليم كردستان شكور عزيز أعلن أن “اجتماعا عقد استعدادا لاستقبال السياح في نوروز، وستكون الفنادق مفتوحة في وجه السياح خلال أيام العطلة.”
وأضاف شكور “نستعد لاستقبال عدد كبير من السياح، لكن بسبب شهر رمضان وقرب موعد الامتحانات، لا يبدو أن الكثير من السياح سيقصدون إقليم كردستان.”
أما في باقي المدن العراقية، فيعكس نوروز روح الوحدة والتعايش بين جميع المكونات العراقية، حيث يتمتع العيد بشعبية واسعة تتجاوز الحدود العرقية والدينية.
وقالت نجمة زادة، وهي كردية قادمة من إيران، وكانت ترتدي الزي الكردي “في إيران لا نستطيع أن نحتفل بنوروز كما يحدث هنا.. كل شيء هناك يخضع للرقابة.. سيأتي يوم ونكون مثل كردستان العراق.”
من جانب آخر، يحمل عيد نوروز لدى بعض الطوائف الشيعية في العراق دلالات دينية وتاريخية إضافية، إذ يعتقد البعض أن هذا اليوم، الحادي والعشرين من مارس، يتوافق مع ذكرى تكليف الإمام علي بن أبي طالب بالخلافة في غدير خم، وهو حدث ذو مغزى ديني عند الشيعة.
وعلى الرغم من أن الاحتفال بهذا اليوم لا يحظى باعتراف رسمي ديني موحد، إلا أن الكثير من الشيعة في العراق يحيون المناسبة بطرق تجمع بين الفرح الشعبي والتأمل الروحي، حيث تقام المجالس العائلية، وتزور العائلات المراقد المقدسة في هذا اليوم، مما يضيف بعدا روحيا جديدا إلى الاحتفالات.
يأتي عيد نوروز 2025 هذا العام في يوم الجمعة، الذي هو يوم عطلة أسبوعية، مما أثار تكهنات حول إمكانية تمديد العطلة لتشمل يوم الخميس العشرين من مارس، ليحظى العراقيون بعطلة ممتدة لعدة أيام.
وعلى الرغم من شائعات انتشار هذا القرار عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، فإن الحكومة العراقية لم تصدر بيانا رسميا حتى الآن بشأن هذا الأمر. مع ذلك، من الممكن أن تتخذ بعض المؤسسات أو المحافظات قرارات محلية ليكون هذا اليوم عطلة، مع إعلان سفارات عراقية في الخارج مثل سفارة العراق في ألمانيا إغلاق أبوابها في هذا اليوم احتفالا بهذه المناسبة.
يعد نوروز ليس فقط مناسبة للاحتفال في العراق، بل هو عيد تحتفل به العديد من الشعوب عبر العالم. يحتفل أكثر من 300 مليون شخص في مختلف البلدان مثل إيران وأذربيجان وتركيا وتركمانستان وطاجيكستان وكازاخستان، بالإضافة إلى شعوب القوقاز وآسيا الوسطى.