عيد العمال هذا العام الأسوأ منذ عشرات السنين في لبنان

بيروت - يحيي العمال اللبنانيون السبت عيد العمال العالمي الذي يصادف الأول من مايو، في ظل أسوأ أزمة تعيشها البلاد منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990.
ويتزامن الانهيار المالي والاقتصادي في لبنان مع أزمة سياسية وعجز الأحزاب عن تشكيل حكومة جديدة تخلف حكومة تصريف الأعمال، برئاسة حسان دياب، التي استقالت في 10 أغسطس الماضي، بعد 6 أيام من انفجار كارثي بمرفأ العاصمة بيروت، أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة حوالي 4 آلاف آخرين.
ووصف بشارة الأسمر رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان (غير حكومي)، عيد العمال هذا العام بأنه "الأسوأ منذ العشرات من السنين".
وقال الأسمر "إن عمال لبنان في حال كارثية"، محذرا من "مجاعة تلوح في الأفق في ظل الانهيار المستمر للدولة والاقتصاد".
وفي ظلّ استمرار الانهيار المالي، حذّر الأسمر من انهيار صناديق الضمان، المسؤولة عن توفير التأمين الصحي للعمال، ما يحرم مئات الآلاف من العمال من حقهم في الاستشفاء.
وأضاف "ما زاد الطين بلة وقف تصدير المنتجات الزراعية إلى السعودية ودول خليجية أخرى، وهذا ما سيؤدي إلى كارثة في القطاع الزراعي وانعكاسه على العاملين فيه".
وفي 23 أبريل الماضي قررت السلطات السعودية حظر دخول الخضراوات والفواكه اللبنانية إلى أراضيها، بحجة استغلال إرسالياتها بتهريب المخدرات من لبنان.
وكرّر رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين (غير حكومي) في لبنان كاسترو عبدالله، التحذير من مجاعة محتملة، بالقول "نحن على أبواب مجاعة حقيقية نتيجة السياسات الاقتصادية والاجتماعية".
وقال عبدالله "إن عمال لبنان يدفعون ثمن الصراع بين قوى السلطة وقد انهارت قيمة رواتبهم وأصبح معظمهم فقراء".
وأضاف "ما يصعب من حال العمال أنهم لا يملكون الوسيلة للدفاع عن أنفسهم نتيجة هيمنة أحزاب السلطة على غالبية النقابات العمالية، ما يحدّ من مطالبات العمال بتحسين ظروفهم بشتى الوسائل المتاحة".
ولفت عبدالله إلى أنّ "انهيار الليرة مقابل الدولار لم يؤد إلى تآكل الأجور وحسب، إنما إلى فقدان قيمة المدفوعات الاجتماعية، كبدل المواصلات ومنح التعليم".
وقدر محمد شمس الدين الباحث في الشركة الدولية للمعلومات، نسبة البطالة بـ35 في المئة، أي 480 ألف عاطل عن العمل، وعدد الشركات التي أقفلت (منذ بدء الأزمة) بلغ 18 ألف منشأة بين مؤسسة صغيرة ومتوسطة وكبيرة.
وتساءلت سارة أبي غانم (40 عاما)، الموظفة في شركة خاصّة "عن أي عيد عمّال تتحدّثون؟ بتنا جميعنا عاطلين عن العمل".
وقالت "بداية هذا العام أبلغنا صاحب الشركة بأنّه غير قادر على تأمين رواتبنا، فقرر إقفال الشركة إلى حين تحسّن الظروف".
وقالت كريستال نادر (29 عاما)، وكانت تعمل في مطعم دمره انفجار مرفأ بيروت، "بعد الانفجار وتضرّر المطعم الذي كنت أعمل به تم صرفنا من العمل".
وأضافت "لا زلت أبحث عن أي وظيفة لتأمين المأكل والمشرب فقط، لا أطمح لأكثر من ذلك".
وقال محمد الناطور (45 عاما) وهو محاسب، "مع الظروف الاقتصاديّة الرديئة، بتنا لا نستطيع الاعتراض على حسم رواتبنا لو بكلمة واحدة للحفاظ على الوظيفة".
فيما روت ريتا الدويهي (35 عاما) كيف حسمت الشركة التي تعمل بها أكثر من 40 في المئة من راتبها "ولم أستطع الاعتراض".
وفقا للبنك الدولي، فإن نسبة الفقر في لبنان تبلغ 55 في المئة.
وقال الخبير الاقتصادي، باتريك مارديني "هذه النسبة من الفقر مع انكماش اقتصادي بنسبة 20 في المئة أمر خطير".
وأضاف أن "التضخم الحاصل وارتفاع قيمة الدولار مقابل الليرة أدّيا إلى ارتفاع الأسعار، ما رفع تلقائيا نسبة الفقر وإقفال المؤسسات".