عودة عقيلة صالح إلى رئاسة البرلمان الليبي تطوي صفحة الاستحقاق الرئاسي إلى أجل غير مسمى

طبرق (ليبيا)- يعود المستشار عقيلة صالح إلى أداء مهمته كرئيس لمجلس النواب الليبي بداية من جلسة الإثنين في مقر الانعقاد الرسمي بمدينة طبرق، شرقي البلاد. وأكدت أوساط ليبية لـ”العرب” أن صالح سيرأس جلسة الإثنين القادم التي ينتظر أن تكون امتدادا لجلسة الثالث من يناير الجاري التي تم تخصيصها للاستماع إلى إحاطة رئيس المفوضية الوطنية العليا المستقلة للانتخابات عماد السايح حول الأسباب التي أدت إلى تأجيل الاستحقاق الرئاسي من الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي إلى أجل غير مسمى، وبالتالي إلى عرقلة الجدول الانتخابي ومن ورائه خارطة طريق الحل السياسي.
وبينت الأوساط أن عودة صالح إلى رئاسة المجلس تشكّل مؤشرا مهمّا على أن الانتخابات لن تنتظم خلال الأشهر الثلاثة القادمة على الأقل، وهو ما ينسجم مع ترجيحات داخلية وخارجية لتأجيل الرئاسيات مدة عام آخر على الأقلّ، مع استمرار حالة الغموض حول مصير خارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي.
وكان صالح قد تخلى مؤقتا عن رئاسة مجلس النواب في الثاني والعشرين من سبتمبر الماضي، تنفيذا للمادة 12 من شروط الترشح للرئاسيات الواردة في قانون انتخابات الرئيس الصادر عن البرلمان في التاسع من سبتمبر، والتي تنص على حق كل مواطن سواء كان مدنيا أو عسكريا في الترشح شرط أن يكون متوقفا عن ممارسة مهامه قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر، مع إمكانية عودته إلى عمله السابق في حال لم يتم انتخابه.

إبراهيم الزغيد: عقيلة صالح سيعود لممارسة عمله وسيترأس جلسة الأسبوع المقبل
وأوضح عضو مجلس النواب إبراهيم الزغيد أن صالح سيعود لممارسة عمله كرئيس للبرلمان، وسيترأس جلسة الأسبوع المقبل في السابع عشر من يناير، وأن هذه العودة تأتي بعد مطالبة عدد من النواب بذلك، خاصة بعد تأجيل الانتخابات، لافتا إلى أن عقيلة سيقدم إحاطة كاملة حول زيارته الأخيرة للمغرب واجتماعه هناك برئيس مجلس الدولة خالد المشري.
وتمثل عودة صالح إلى منصة إدارة الجلسات البرلمانية إعلانا عن نهاية التزامه بالمادة 12، وهو ما يشير إلى أن الاستحقاق الرئاسي لن ينتظم في المدى المنظور، فيما سيكون على لجنة خارطة الطريق التي شكلها مجلس النواب خلال الفترة الأخيرة وضع جدول جديد للمرحلة القادمة وذلك بعد الانتهاء من عقد مشاورات مع مختلف الفرقاء.
ومن المنتظر أن تعلن اللجنة خلال جلسة الإثنين القادم عن الخطوات التي تمكنت من قطعها في هذا الاتجاه، ولاسيما بعد الاجتماعات التي عقدتها في طرابلس مع أعضاء المجلس الرئاسي ومجلس الدولة الاستشاري ومفوضية الانتخابات، ومع عدد من أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، بحسب بيان مقتضب لمجلس النواب، على أن تجتمع لاحقا مع المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المكلفة بالملف الليبي ستيفاني ويليامز.
وفي الثالث والعشرين من ديسمبر الماضي قرر مجلس النواب الليبي تشكيل لجنة تضم عشرة من أعضائه لإعداد مقترح خارطة طريق بعد تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في الرابع والعشرين من ديسمبر.
ويرى مراقبون للشأن الليبي أن مجريات الأحداث تدل على وجود توافقات جديدة قد تدفع استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه لمدة لا تقلّ عن عام، وهو ما يدعمه فاعلون أساسيون في المشهد السياسي وفي منصة الحكم يجدون في استبعاد الانتخابات فرصة للحفاظ على امتيازاتهم المالية والوظيفية والاجتماعية، ولاسيما في ظل غياب أي دور مؤثر للشارع ولمنظمات المجتمع المدني في الضغط من أجل تنظيم الانتخابات في موعد قريب.
ويضيف المراقبون أن الاجتماع السري المنعقد مؤخرا في الرباط بين صالح والمشري وضع الخطوط العريضة للمرحلة القادمة، ومن ذلك الاتجاه نحو العودة إلى المسار الدستوري والنظر في مسودة الدستور وتنظيم استفتاء شعبي حولها قبل تنظيم أي استحقاق رئاسي، وهو ما سيؤدي إلى إصدار قانون جديد للانتخابات الرئاسية مستوحى من المواد الدستورية بما يحول دون الوقوع في المطبات التي قطعت الطريق أمام تنظيم الرئاسيات في موعدها السابق.
ومن المقرر أن تفرز الأسابيع القادمة عودة الاجتماعات الثنائية بين مجلسي النواب والدولة سواء بالرباط أو القاهرة، لتحديد أولويات المرحلة القادمة، ومنها ما يتعلق بالمسار الدستوري الذي سيحتل صدارة الاهتمامات كقاعدة أساسية للانتخابات الرئاسية التي لن تنتظم قبل العام 2023.