عودة طالبان تهدد السفارات الغربية في أفغانستان

رئيس الوزراء الأسترالي يعلن إغلاق سفارة بلاده كإجراء احترازي لانسحاب القوات الدولية الوشيك.
السبت 2021/05/29
ماذا بعد انتهاء الانسحاب

كابول - تسيطر الهواجس على العديد من الدول الغربية من أن الانسحاب الأميركي المرتقب من أفغانستان سيخلّف فراغا أمنيا قد لا يمكن للحكومة في كابول ملؤه، واستبق بعضها أي هجمات محتملة لحركة طالبان المتطرفة بإغلاق بعثاتها الدبلوماسية وسط ترجيحات بأن تتبعها خطوات أخرى في الأسابيع القادمة.

ويختزل إغلاق أستراليا الجمعة سفارتها في كابول بسبب مخاوف من عدم استقرار الوضع الأمني عند انتهاء الانسحاب الجاري للقوات الأميركية، قلق البعثات الأجنبية وموظفيها المحليين في هذا البلد الذي مزّقته الحرب.

وأعلن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون الثلاثاء الماضي عن إغلاق السفارة مؤقتا اعتبارا من الـ28 من مايو “بسبب الانسحاب العسكري الدولي الوشيك من أفغانستان التي تضم بيئة أمنية غامضة تزداد غموضا”. وقال “سنستأنف وجودنا الدائم في كابول عندما تسمح الظروف بذلك”.

وستضطر السفارات الأجنبية على الأرجح إلى تغيير طريقة عملها بشكل جذري مع انتهاء انسحاب 2500 عسكري أميركي مازالوا موجودين في أفغانستان، بحلول الذكرى العشرين لاعتداءات الـ11 من سبتمبر 2001 والتي كانت سببا في الغزو الأميركي وفي أطول حرب يشهدها هذا البلد.

ويتصاعد القلق بين الآلاف من الموظفين الأفغان الذين يعملون في سفارات غربية أغلب حكوماتها تعمل ضمن تحالف عسكري دولي تقوده الولايات المتحدة ضد الإرهابيين في أفغانستان منذ سنوات طويلة، ويخشون أعمالا انتقامية من حركة طالبان التي تعتبرهم خونة.

ورأى المحلل السياسي الأفغاني سيد ناصر الموسوي أن النموذج الأسترالي يمكن أن يتكرر خلال الأشهر القليلة المقبلة. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن “الدول الغربية ليست مقتنعة بأن الحكومة الحالية ستتمكن من البقاء”.

وتؤكد السلطات الأفغانية أنها قادرة على منع طالبان من الاستيلاء على السلطة بقوة السلاح، لكنّ المتمردين الذين يواجهون يوميا قوات الأمن حققوا تقدما كبيرا على الأرض في الأشهر الأخيرة.

وتسيطر طالبان بشكل كامل أو جزئي على الكثير من المناطق وبدأت في تطويق العديد من المدن الكبرى في تكتيك مماثل لذلك الذي اتبعته عند استيلائها على السلطة قبل ربع قرن.

السفارات الأجنبية تغيير طريقة عملها بشكل جذري مع انتهاء انسحاب 2500 عسكري أميركي مازالوا موجودين في أفغانستان

ويرى مراقبون أن المقاتلين الإسلاميين المتشدّدين ينتظرون ربما انتهاء الانسحاب الأميركي قبل شن هجوم كبير قد يستهدف العاصمة، وبالتالي فإن احتمال دخول البلد في جحيم فوضى جديدة أمر وارد للغاية.

وحاولت طالبان تهدئة القلق عبر التشديد على أنها “لن تشكل أي تهديد” للدبلوماسيين وعمال الإغاثة الأجانب، وأنها ستوفر لهم “بيئة آمنة لأنشطتهم”. لكن السفارات والمنظمات غير الحكومية لم تنس السلوك الوحشي للمتطرفين عندما استولوا على كابول في 1996.

فقد اقتحموا خصوصا مجمع مباني الأمم المتحدة حيث اعتقلوا آخر رئيس شيوعي للبلاد نجيب الله أحمدزاي وقاموا بتعذيبه وقتله. وبعد ذلك بعامين كانت طالبان مسؤولة عن مقتل عشرة دبلوماسيين إيرانيين في قنصليتهم في مزار الشريف المدينة الكبيرة في شمال البلاد.

وكتبت صحيفة “ذا تلغراف” البريطانية أن المملكة المتحدة تستعد لإجلاء المئات من موظفي سفارتها مع عائلاتهم، مشيرة إلى رغبتها في ألا تتكرر مأساة سقوط سايغون في 1975 والتي أدت إلى عمليات إجلاء فوضوية بمروحية، متحدثة عن سقوط عاصمة فيتنام الجنوبية.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها تستعد لإجلاء مترجميها الأفغان. وقال رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارك مايلي “ندرك أن هناك عددا كبيرا من الأفغان الذين دعموا الولايات المتحدة والتحالف وأنهم قد يكونون في خطر”.

وأضافت أنه “من المهمّ جدا أن نفعل كل ما هو ضروري لضمان حمايتهم وإذا لزم الأمر لإجلائهم إذا كان هذا ما يريدونه”.

وحصل أكثر من 18 ألف أفغاني و45 ألفا من أفراد أسرهم بالفعل على تأشيرات وهاجروا إلى الولايات المتحدة في إطار برنامج للمترجمين الفوريين وأفراد العمليات الخاصة والذين جازفوا بالعمل مع الولايات المتحدة، لكن 18 ألف طلب ما زالت قيد الدراسة.

غراف

 

5