عودة ترامب تشكل دعما إضافيا لقضية الصحراء المغربية

الرباط - شكل فوز الجمهوري دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، فرصة إضافية للمغرب لتعزيز موقفه في ملف الصحراء ويمنحه دعما إضافيا في هذا الملف الحساس، وأن تتجه واشنطن خلال الولاية الجديدة إلى استكمال إجراءات إقامة قنصلية أميركية في مدينة الداخلة، والتي كان ترامب قد أعلن عنها في معرض اعتراف واشنطن بسيادة المغرب عليها في ولايته الرئاسية الأولى.
واستحضر العاهل المغربي الملك محمد السادس الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء في ولاية دونالد ترامب السابقة، مؤكدا في برقية تهنئة إلى ترامب بمناسبة انتخابه مجددا رئيسا للولايات المتحدة، على “أن هذا الموقف التاريخي، الذي سيظل الشعب المغربي ممتنا لكم به، يمثل حدثا هاما ولحظة حاسمة، ويعكس بحق مدى عمق روابطنا المتميزة والعريقة، ويعد بآفاق أرحب لشراكتنا الإستراتيجية التي ما فتئ نطاقها يزداد اتساعا.”
وأبرز الملك محمد السادس، أن المملكة المغربية والولايات المتحدة قد تمكنتا من إقامة تحالف تاريخي وشراكة إستراتيجية لم تزدهما الأيام إلا رسوخا، مشيرا إلى أن “ما نتقاسمه من قيم ومصالح مشتركة في مجالات واسعة، مكننا من العمل سويا وبشكل دؤوب من أجل بناء مستقبل أفضل لشعبينا، والنهوض بعلاقاتنا وتعزيز دورها في دعم السلام والأمن والرخاء في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وخارجها.”
وفي الإطار ذاته ذكر السفير الأميركي السابق لدى المغرب، ديفيد فيشر، بشرف تعيينه كسفير لواشنطن لدى الرباط خلال فترة ترامب الرئاسية الأولى، مشيدا في منشور له على منصة إكس، بتجربته في المملكة المغربية وما حملته من إنجازات إيجابية في العلاقات المشتركة، وأكد على أن المستقبل بين البلدين يبدو أكثر إشراقا الآن، وعودة ترامب للرئاسة ستساهم في تعزيز الروابط الثنائية وتوسيع آفاق التعاون التجاري بين المغرب والولايات المتحدة.
وتوقع محسن الندوي، رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية، أن فوز ترامب بولاية رئاسية جديدة لن يحل قضية الصحراء بشكل نهائي، رغم أن أميركا هي صاحبة القلم في صياغة مسودة القرارات الخاصة بقضية الصحراء المغربية داخل مجلس الأمن. واستدرك الندوي قائلا “سيكون هناك الالتزام بإعلان ترامب لعام 2020، سواء بفتح القنصلية بالداخلة وأيضا بمبادرة الحكم الذاتي حلا وحيدًا للقضية، بالإضافة إلى دعم الاستثمارات الأميركية في جنوب المغرب، خاصة في العيون والداخلة.”
ورجح محمد بودن، الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة في تصريح لـ”العرب” أن يستمر تعزيز العلاقات بين الرباط وواشنطن وأنها ستظل قوية في المستقبل بالنظر الى التاريخ الحافل للعلاقات بين البلدين والمصالح الأميركية في الأطلسي والمتوسط وأفريقيا، والالتزامات المتبادلة، ومتطلبات تدبير الأزمات في عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، وبالنظر لمتطلبات المستقبل والأسلوب الدبلوماسي الديناميكي لدونالد ترامب فمن المنتظر أن يتم الإعلان عن بعض الاستحقاقات الجديدة في العلاقات الثنائية خلال السنوات القادمة لكن ثوابت العلاقات ستظل راسخة.
واعترفت إدارة دونالد ترامب بسيادة المغرب على صحرائه في ديسمبر 2020، في إنجاز دبلوماسي نوعي يحسب للرباط، والتزمت واشنطن بفتح قنصلية في الإقليم، ودعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع، والقابل للتطبيق في إطار السيادة المغربية.
وفي ظرفية جيوسياسية تتطلب إيجاد حلول عملية وتوطيد التعاون شدد سفير المغرب بالولايات المتحدة، يوسف العمراني، على أن العلاقات المغربية – الأميركية، تجسد الارتقاء الملحوظ لـ”تحالف استثنائي ما فتئ يتميز بمؤهلاته وآلياته والتزاماته المشتركة، كما تستمد جوهرها من توافق المصالح والإرادة الثابتة لمواجهة التحديات العالمية بشكل مشترك”.
وأبرز العمراني في حوار خص به مجلة “ليدرز”، “الأهمية الحاسمة لهذه الشراكة الإستراتيجية الثنائية مع الولايات المتحدة من أجل الاستقرار الإقليمي وتعزيز إشعاع دبلوماسية استباقية، لا تقتصر على تحفيز التنمية الشاملة فحسب، بل وتساهم كذلك في تحقيق النمو المستدام والمشترك الذي يعود بالنفع المتبادل على كافة الفاعلين المعنيين”.
ولفت محمد بودن، في تصريحه لـ”العرب” إلى أن العلاقات المغربية – الأميركية ستتعزز بسلسلة من الخطوات والتبادلات التي تم اتخاذها منذ سنة 2020. وأضاف الخبير المغربي أنه إذا كان الموقف الأميركي الثابت والصريح بشأن الوحدة الترابية للمملكة المغربية وزيارة الوفود الأميركية للصحراء المغربية يمثلان دافعا كبيرا لاستثمار مختلف فرص العمل بين البلدين فإن الإشادة المستمرة للولايات المتحدة بالأجندة التنموية للملك محمد السادس والدور المغربي الفاعل في جهود مكافحة الإرهاب يعكسان الأهمية الإستراتيجية الواضحة للمملكة المغربية في المنظور الأميركي تجاه أفريقيا الأطلسية والفضاء الأورو – متوسطي.
ومن المنتظر في الأشهر المقبلة من إدارة ترامب، العمل على دعم مفاوضات باستخدام المقترح المغربي كإطار وحيد للتفاوض، وتشجيع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة بالتعاون مع المغرب.
وشدد المسؤولون الأميركيون على أن المغرب شريك أساسي للولايات المتحدة، حيث تعزز التحالف الإستراتيجي بين الطرفين بتطبيق الشراكة العسكرية الممتدة إلى سنة 2030 وتنظيم مناورات الأسد الأفريقي سنويا بالمغرب ومواجهة ثنائية للتهديدات الإرهابية، واحتواء عدم الاستقرار الذي تعرفه منطقة دول الساحل، خاصة بعد تراجع النفوذ الفرنسي بهذه المنطقة.
وفي هذا السياق أبرز محسن الندوي، في تصريحات لـ”العرب” أن الولايات المتحدة ليس بيدها وحدها حل ملف الصحراء فهناك دول أخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن ننتظر أن تلتحق بالولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا أبرزها بريطانيا وروسيا والصين، مشددًا على أن الدبلوماسية المغربية أمامها الكثير من العمل لمحاولة إقناع هذه القوى الكبرى بأهمية مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لقضية الصحراء وطي الملف، والعمل على إخراج القضية من اللجنة الرابعة بالأمم المتحدة.