عودة النمو إلى الاقتصاد البريطاني تخفف من مخاوف الركود

لندن - عزز الجنيه الإسترليني الجمعة مكاسبه بعد أن أظهرت بيانات جديدة أن الاقتصاد البريطاني نما بأكثر من المتوقع في شهر يناير الماضي، مما أدى إلى تهدئة المخاوف من حدوث ركود متوقع قبل كشف وزير المالية جيريمي هانت عن ميزانية الربيع.
وذكر مكتب الإحصاءات الحكومي أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد زاد بنسبة 0.3 في المئة على أساس شهري، بعد انخفاض بنسبة نصف نقطة مئوية في ديسمبر 2022. وكان استطلاع أجرته رويترز لخبراء اقتصاديين قد أشار إلى نمو بنسبة 0.1 في المئة.
غير أن بالنظر إلى الصورة الأكبر، كان إجمالي الناتج المحلي ثابتا خلال الأشهر الثلاثة حتى نهاية يناير، فيما تفادت المملكة المتحدة بشق الأنفس الانزلاق في الركود نهاية العام الماضي.
وكانت أكبر قوى دافعة وراء النمو في يناير قطاع الخدمات، الذي نما بواقع نصف نقطة مئوية بعد التراجع بواقع 0.8 في المئة في ديسمبر.
وأوضح مكتب الإحصاء أن ثمة مجالات أخرى مثل التعليم دعمت إجمالي الناتج المحلي، حيث عاد الأطفال إلى الفصول المدرسية بعد عدد مرتفع بشكل غير عادي من الغياب في الفترة السابقة على عيد الميلاد.
وعاد قطاع النقل والتخزين إلى تحقيق نمو، فيما تعافت خدمات البريد جزئيا من تأثيرات إضرابات ديسمبر. كما قدم قطاع الترفيه بدعم من عودة مباريات الدوري الممتاز لكرة القدم بعد كأس العالم 2022 دفعة أخرى للاقتصاد.
ولكن في مؤشر على عمق مشكلات الاقتصاد، شهدت أنشطة التصنيع والتشييد انكماشا. وقال مكتب الإحصاءات إن “الناتج الاقتصادي في يناير وصل إلى مستوى يقل بنسبة 0.2 في المئة عنه قبل الجائحة في فبراير 2020”.
ومن غير المرجح أن تتسبب هذه البيانات في تغير جذري في النقاش الدائر داخل بنك إنجلترا المركزي بشأن رفع أسعار الفائدة مجددا خلال اجتماع مجلسه هذا الشهر.
وقال هانت، الذي من المقرر أن يقدم الميزانية السنوية بعد أيام، إن الاقتصاد البريطاني أثبت أنه “أكثر قوة مما توقع كثيرون، لكن هناك طريقا طويلا يتعين قطعه”.
واعتبر ماثيو رايان، رئيس إستراتيجية السوق في إيبيري، في تصريح لوكالة رويترز إن “في هذه المرحلة، نحن بعيدون عن الاقتناع بأن الركود الفني في عام 2023 هو النتيجة التي توصل إليها الكثيرون في السوق”.
ويعتقد الخبير أن مرونة الاقتصاد البريطاني ستوفر دعما لائقا للإسترليني خلال الأشهر المقبلة، بعد أن ارتفعت قيمته في آخر مرة أمام العملة الأميركية بنسبة 0.54 في المئة ليبلغ 1.19 دولار.
وفي خضم ذلك كانت الأسواق مشغولة في أماكن أخرى، حيث اتبعت أسهم البنوك الأوروبية نظيراتها الأميركية على انخفاض بعد أن أعلنت مجموعة أس.في.بي المالية، المقرض التكنولوجي، عن خطط لجمع الأموال، ما أدى إلى انخفاض أسهمها بنسبة 60 في المئة.
وأثارت أس.في.بي تساؤلات حول الخسائر غير المحققة في محافظ السندات بين البنوك الأميركية، وما قد يعنيه ذلك بالنسبة لمتطلبات رأس المال، كما قال محللون.
مجموعة أس.في.بي المالية، المقرض التكنولوجي، تعلن عن خطط لجمع الأموال ما أدى إلى انخفاض أسهمها بنسبة 60 في المئة
وقال كريس تورنر، الرئيس الإقليمي للبحوث في المملكة المتحدة بشركة آي.أن.جي، “إذا كان لقصة الضغوط المصرفية المزيد من التقدم، فيمكننا أن نتوقع ضعفا في أداء الإسترليني، نظرا للحجم الكبير نسبيا للخدمات المالية في اقتصاد بريطانيا”.
وكان التركيز أيضا يتحول إلى التقرير المحوري للوظائف في الولايات المتحدة، وهو إحدى نقاط البيانات الرئيسية النهائية قبل اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) لشهر مارس الجاري.
ووفقا لمسح أجرته رويترز، فمن المحتمل أن تكون الوظائف غير الزراعية قد زادت بمقدار 205 آلاف الشهر الماضي، بعد أن زادت بمقدار 517 ألفا في يناير، وهو رقم قد يشهد رفع الاحتياطي الفيدرالي للفائدة والاحتفاظ بها لفترة أطول مما كان متوقعا في السابق.
وقال جورج فيسي، الخبير الاستراتيجي للعملات الأجنبية والماكرو في شركة كونفيرا، إن “البيانات فوق التوقعات يمكن أن تعزز ارتفاعا بمقدار 50 نقطة أساسية وتدعم المزيد من القوة للدولار الأميركي”.
وأضاف “إذا كانت جميع المؤشرات الرئيسية تشير إلى سوق عمل قوي في الولايات المتحدة، فمن المفترض أن تزداد احتمالية رفع سعر الفائدة الفيدرالية بشكل أكبر هذا الشهر، مما قد يؤدي إلى تقليل التوقيف في تقارير التضخم الأميركية المستحقة الأسبوع المقبل”.