عودة السينما ودور العرض في السعودية.. قطرة سيعقبها مطر

وافق مجلس إدارة الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع برئاسة وزير الثقافة والإعلام السعودي عواد بن صالح العواد، أثناء جلسته في النصف الأول من ديسمبر الجاري على إصدار تراخيص للراغبين في فتح دور للعرض السينمائي بالمملكة العربية السعودية، ومن المقرّر البدء بمنح التراخيص بعد الانتهاء من إعداد اللوائح الخاصة بتنظيم العروض المرئية والمسموعة في الأماكن العامة خلال مدة لا تتجاوز 90 يوما.
وأشاد مؤسس ومدير مهرجان أفلام السعودية الشاعر أحمد الملا بهذا القرار، معتبرا إياه أنه قرار صائب وأتى بعد جهد من المهتمين بهذا الجانب الثقافي الأساسي في حياة الشعوب، وبارك لصناع الأفلام السعوديين وهواة السينما.
ولا يخفى على المتابع للمشهد الفني مدى حساسية كلمة “سينما” لدى المتلقي السعودي بسبب هيمنة تيار الصحوة وانعكاس هذه الهيمنة لثلاثة عقود على وعي المتلقي البسيط إزاء بعض المفردات، فقد كانت المفردة قادرة على إشعال حروب لا يمكن إطفاء نارها دون خسائر اجتماعية.
لكن الحامل السياسي أذاب هذه الحروب بخطاب واحد من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حين قال “سندمرهم وفورا” في إشارة إلى تيار الصحوة الإسلامي، وقبل خطاب الأمير وبعده شهدت الساحة الفنية مجموعة فعاليات سينمائية على مستوى الداخل والخارج كان لها الحضور المؤثر في تفاصيل المشهد لهذا العام الذي شارف على الانتهاء.
المخرج السعودي محمد سلمان يرى أن النقد السينمائي في السعودية والخليج غائب، فالنقد يعني صناعة سينمائية وهي غير موجودة فعليا
ولعل أبرز هذه الأحداث هي الدورة الرابعة لمهرجان أفلام السعودية في الدمام، ومسابقة للأفلام القصيرة، ومهرجان أفلام الأطفال، وملتقى ليالي الأفلام السعودية في الرياض، ومسابقة أفلام أبوعجرم في الشمال، وتدشين “بيت السينما” في فنون الدمام، حيث شهد المشهد الثقافي السعودي تدشين وانطلاق فعاليات أول بيت للسينما يعرض أفضل الأفلام السينمائية السعودية التي سبق وأن فازت في مهرجان أفلام السعودية خلال دورته الرابعة.
وشهدت ليلة الانطلاق حضورا جماهيريا لافتا للمهتمين بالسينما من مخرجين وممثلين وجمهور، فقد كان العرض مقابل تذاكر رمزية، ومع هذا كان الجمهور جاهزا للدفع وملتزما بالحضور لمشاهدة الأفلام التي يسمع عنها ولا يراها.
وعن المشهد السينمائي في السعودية عام 2017 يتحدث لـ”العرب” الفنان السعودي إبراهيم الحساوي قائلا “بشيء من الثقة وبإيمان كبير أستطيع أن أقول إن عام 2017 هو عام الفيلم السعودي بامتياز، وبلا منازع، سواء على المستوى المحلي أو حتى العالمي”.
ويضيف “إذا تحدثنا عن مستوى المشاركات والجوائز التي حصدها الفيلم السعودي محليا وعالميا فالقائمة طويلة، إذ لم يشارك الفيلم سعودي في محفل أو مهرجان إلاّ وخرج بجائزة، لعل آخرها فوز ريم البيات بأفضل إخراج عن فيلمها ‘أيقظني’ في مهرجاني مدريد وميلان السينمائي، وفوز فيلم ‘وسطي’ لعلي الكلثمي في نيويورك”.
أما على مستوى الصنعة والمحتوى، فيقول الحساوي “وجدنا تطورا ونقلة نوعية في مستوى الأفلام السعودية، ونضجا لدى مخرجي السينما الشباب السعوديين ممّن يتصدّرون المشهد السينمائي في العديد من المناسبات والمحافل، والمبهج في هذا الحراك اكتشاف مواهب وأسماء جديدة تضاف إلى قائمة صناع الأفلام في السعودية”.
|
ويضيف الحساوي “كل ما حدث في عام 2017 من حراك في المشهد السينمائي السعودي، يؤكد ويقول إن الناس على جاهزية تامة لاستقبال صالات السينما في السعودية بما فيهم المخرجون وصنّاع الأفلام فإنهم جاهزون للعرض والتشغيل”.
ويضيف في الشأن نفسه “في 2017 أنتجت مجموعة من الأفلام السعودية الطويلة عرض البعض منها على بعض الخطوط الجوية المحلية والعربية، مثل فيلم ‘بلال’، و’بركة يقابل بركة’، وفيلم ‘حراشف’، وكذلك من المهم الإشارة إلى مسابقة ‘إثراء’ للفيلم الطويل، حيث عُرض فيلم ‘جود’ الوثائقي، ومع العرض تم الإعلان عن جوائز للفيلم القصير الذي نالته ضياء يوسف، وفي الفيلم الطويل نال الجائزة عبدالعزيز الشلاحي وعبدالمحسن الضبعان”.
وتعمل إدارة مهرجان أفلام السعودية على استحداث جائزة للفيلم السينمائي الطويل في يناير 2018، كما ستشهد الساحة السينمائية قريبا أفلاما سعودية طويلة لمخرجين مهمين مثل هند الفهاد وبدر الحمود وعبدالعزيز الشلاحي، وعليه يقول الحساوي “يمكن القول من خلال كل ذلك أن عام 2018 سيكون عام الفيلم الروائي السعودي الطويل”.
وعن الحركة النقدية السينمائية في السعودية والخليج لهذا العام يرى المخرج السعودي محمد سلمان أن النقد السينمائي جملة كبيرة جدا، وهي تعني وجود صناعة سينما في الخليج، لكنها غير موجودة فعليا.
وفي هذا الخصوص يقول “كل ما يحدث هي اشتغالات مبعثرة ما بين أفراد أو جهة تهتم بالسينما، فإن يتم إيجاد صناعة للسينما بشكل حقيقي فسوف تكون هناك حركة نقدية”.
ويجزم بقوله “لا يوجد نقد سينمائي خليجي، وإن كانت هناك بعض الكتابات هنا وهناك عن الأفلام، لكن هذا لا يعدّ نقدا، وإن احتوى على شكل نقدي، فهي مجرد كتابة انطباعية عن فيلم أعجب من كتب عنه، فالنقد عملية إبداعية يكتمل بها الفيلم حين يذهب الناقد بالفيلم إلى منقطة لم يكتشفها أحد وليس بإعادة سرد حكاية الفيلم، والناقد الحقيقي لا يتكلم عن الأفلام من وجهة نظره الشخصية وحالته المزاجية، لذلك فأن تكون ناقدا هو أمر صعب جدا يحتاج إلى سوبرمان أو نبي سينما”.
وفي السياق نفسه يتفق المخرج السعودي الهوليوودي حمزة طرزان مع سلمان على غياب النقد السينمائي للأفلام المنتجة هذا العام، ويقول “يحزنني أن أقول أن حركة النقد نائمة، أو أنها لم تكن موجودة بالأساس، كلها اجتهادات شخصية، فعندنا الموضوع مهمّش، وعندما يستخدم يكون استخداما خاطئا، والمشكلة الأدهى هي أن جل من يكتبون عن السينما لا يمتون للسينما بأي شكل من الأشكال، فالنقد السينمائي تخصّص يُدرس، وليس وجهة نظر تطرح فقط، وما يحصل في العالم العربي آراء شخصية ومجاملات وتجريح بلا أي فائدة”.