عناق الحمير والأبقار يخفف على البريطانيين عزلة كورونا

جولي بلوملي، ابنة مزارع دورست، تعتبر أن فيوتشر روتز ساعدت الشباب الذين كان بالنسبة إليهم التباعد الاجتماعي أمرا مدمرا.
الجمعة 2020/11/20
طرد الوحدة والقلق بين أحضان الحيوانات

تفتح مزارع الرعاية أبوابها أمام المزيد من البريطانيين الباحثين عن دعم يساعدهم على تجاوز حالاتهم النفسية، لاسيما مع عودة الإغلاق في البلاد بسبب كورونا، حيث توفر لهم جلسات علاجية تقوم على عناق الحيوانات أو تنظيف الحظائر. 

لندن – توفر مزارع بريطانية جلسات استرخاء للأشخاص الذين يعانون من تبعات فايروس كورونا النفسية، والمميّز في هذا العلاج أنّه بواسطة عناق الحمير والأبقار وتنظيف الحظائر، والاستمتاع بالهواء النقي، عوض جلسات العلاج النفسي عبر تطبيق زوم.

ومع إغلاق الخدمات العامة الحيوية للأشخاص الأكثر حساسية أو تقليصها إلى مكالمات الفيديو بسبب تدابير التباعد الاجتماعي، تمكنت مزارع الرعاية من البقاء مفتوحة حيث تتم الأنشطة في مساحات مفتوحة واسعة.

وفي مزرعة “فيوتشر روتز” بمقاطعة دورست (جنوب غرب إنجلترا) وجد ليام هولت البالغ من العمر 14 عاما أن قضاء الوقت في الهواء الطلق مع الحيوانات والأشخاص الآخرين كان له تأثير إيجابي على حالته العقلية.

وأكد هولت “كان لدي الكثير من المشكلات، كنت أعاني من التوتر والغضب باستمرار، وفاقم الإغلاق حالتي حتى صرت غير قادر على السيطرة على نفسي”.

وفي المزرعة ينشغل عادة الأطفال مرتدين أحذية موحلة بتنظيف حظيرة وإطعام الدجاج والخنازير الغينية والأرانب ومداعبة الأبقار والحمير وحتى قيادة الجرارات.

وتعمل “فيوتشر روتز” كمزرعة رعاية منذ عام 2006، وتستقبل أحيانا أطفالا وشبابا تحيلهم مدارسهم للعلاج بمساعدة الحيوانات والتدريب على مهارات الزراعة والطهي.

وقالت آبي إدميد (25 عاما) “كنت سأكون ميتة أو في السجن لولا هذا المكان، لأنني لم أكن لأتمكن بأي شكل من الأشكال من التعامل مع المجتمع لو لم آتي إلى هنا”.

وإدميد التي دأبت على المجيء إلى المزرعة منذ كانت طفلة هي الآن ممرضة متدربة وصارت تأتي للمساعدة كصديقة.

Thumbnail

وأشارت الممرضة العشرينية إلى أنها تحملت الكثير من الصدمات عندما كانت طفلة، مما جعلها تصبح عدوانية، مشددة على أن مزرعة الرعاية ساعدتها على تخطي الصدمة التي تعرضت لها.

وأضافت مبتسمة “لقد كان الأمر في الواقع يتمثل أساسا في فسح المجال أمامي للتجول والدردشة لبعض الوقت مع بقرة، وأنا معروفة جدا بفعل ذلك، فالبقرة لا تستطيع أن تفشي أسراري”.

وتعتبر جولي بلوملي، ابنة مزارع دورست والأخصائية الاجتماعية المحترفة التي أسست مزرعة الرعاية، أن فيوتشر روتز ساعدت الشباب الذين كان بالنسبة إليهم التباعد الاجتماعي أمرا مدمرا.

وتابعت “الشباب هنا لا يمكنهم تحمل الإغلاق.. لم يتمكنوا من أخذ جلسات علاج عبر تطبيق زوم، لأنهم بحاجة ماسة إلى الالتقاء بأشخاص آخرين وتكوين علاقات مباشرة معهم، وهذا أمر صعب حقا على الكمبيوتر”.

أما بالنسبة إلى إميلي تريس (15 عاما) كانت المزرعة ملاذا آمنا من المعاناة في المنزل والمدرسة، مؤكدة أن “أفضل شيء هو رؤية كيف يستمتع الآخرون مع بعضهم البعض ومع جميع الحيوانات”.

وفي مزرعة رعاية أخرى تدعى “باثوايز” في مقاطعة سوفولك (شرق إنجلترا)، يعمل مؤسسها جيف ستيفنز على الخروج بزائريه من حالات الوحدة.

وقال ستيفنز “العزلة تجتاح الناس.. إنهم عالقون في منازلهم، لذلك بإمكانهم المجيء إلى هنا، حيث يبدأون في الاختلاط مع 5، 10، أو 12 شخصا آخرين، لتنشأ بينهم علاقات ومحادثات مستمرة”.

وكانت سالي باين (31 عاما) تملأ أحواضا بأطعمة اللاما، وتعتني بالحمير وتنظف حظائر الحيوانات، جنبا إلى جنب مع والدتها سوزان، وكلاهما تبتسمان وتضحكان أثناء عملهما.

وأوضحت باين أنها تعاني “من مرض التوحد والقلق والاكتئاب، لذلك أحب المجيء إلى هنا لأنه يمنحني القوة، وهو أمر جيد لمرض التوحد، والهواء النقي والتمارين الرياضية المفيدة للصحة العقلية”.

وشددت والدتها سوزان على أن مزرعة الرعاية كانت بمثابة حصن لها ضد الشعور بالوحدة. وتابعت “لقد وجدت نوعا من الدعم هنا، فالتعامل مع طفل يعاني من صعوبات يجعل المرء يشعر بالوحدة الشديدة”.

وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أعلن عن فرض إغلاق جديد وشامل هو الثالث من نوعه خلال عام واحد بعد تزايد أعداد المصابين بفايروس كورونا، سيستمر لمدة شهر واحد بدأ في 5 نوفمبر الحالي.

وشملت الخطة الجديدة إغلاق جميع المطاعم والنوادي الليلية والنوادي الرياضية والأماكن غير الضرورية ومنع التجمعات حتى في المنازل مع الإبقاء على المدارس والجامعات مفتوحة، واستثناء مشاريع البناء والقطاع العمالي من إجراءات الإغلاق.

24