عمران خان نجم الكريكت الذي فشل سياسيا في تجنب مصير أسلافه

رئيس وزراء باكستان لا يزال يحظى بشعبية لدى شرائح واسعة من الشعب إلا أن هجومه العنيف على المعارضة المتهمة بـ"الخيانة" يمكن أن يلعب ضده.
الاثنين 2022/04/11
النجاح في السياسة لا يشبه الكريكت

 

إسلام أباد- أجبر رئيس وزراء باكستان عمران خان، النجم السابق لرياضة الكريكت على مواجهة مصير أسلافه، بعد أن اضطر الأحد إلى ترك منصبه كرئيس للوزراء قبل انتهاء ولايته، بصورة تضررت من مناوراته السياسية وخطابه المثير للجدل.

ولم يكمل أي رئيس وزراء ولايته في باكستان، ولم يشكل هذا النجم الرياضي السابق البالغ من العمر 69 عاما استثناء. وقد أطيح بموجب مذكرة لحجب الثقة تم التصويت عليها في الجمعية الوطنية، بعدما قام بكل شيء لتأجيل هذا الأمر المحتوم، والذي اعتقد قبل سبعة أيام أنه نجا منه عبر حصوله على عدم طرح المذكرة على التصويت وأن يتم حل المجلس، لكن المحكمة العليا قضت بأن كل هذه العملية غير دستورية.

وقدّم شهباز شريف الذي قاد جهود المعارضة في البرلمان للإطاحة بنجم الكريكت السابق خان، الاثنين أوراق ترشيحه لمنصب رئيس الوزراء الباكستاني المقبل إلى البرلمان.

◙ صعوبات خان تزايدت مع تدهور الوضع الأمني، لاسيما منذ تولي حركة طالبان السلطة في أفغانستان المجاورة

وشريف (70 عاما) هو زعيم حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية، وهو الشقيق الأصغر لرئيس الوزراء السابق نواز شريف الذي شغل المنصب ثلاث مرات.

وإثر كل ذلك رأى خان في تغريدة عبر توتير أن بلاده تتعرض لـ”مؤامرة أجنبية لتغيير النظام”، وأن النضال ضدها “يبدأ اليوم”.

ولا يزال عمران خان يحظى بشعبية لدى شرائح واسعة من الشعب الباكستاني، لكنه لم يقل كلمته الأخيرة من دون شك بالنسبة للانتخابات المقبلة، إلا أن أداءه وميله في الأيام الأخيرة لزيادة الانقسامات في المجتمع الباكستاني، عبر شن هجمات عنيفة على المعارضة المتهمة بـ”الخيانة”، يمكن أن يلعب ضده.

ووصل عمران خان إلى السلطة عام 2018 بعد فوز حزبه “حركة إنصاف” في الانتخابات التشريعية بشعارات شعبوية، تجمع بين وعود الإصلاح الاجتماعي والمحافظة الدينية ومكافحة الفساد.

وبعد عشرين عاما على دخوله السياسة، أثمرت مثابرة الرجل الذي يحبه الملايين من الباكستانيين لقيادته فريق الكريكت الوطني إلى فوزه الوحيد بلقب كأس العالم في 1992.

وفي رئاسة الحكومة، استفاد الرجل الذي يدعو إلى “باكستان الجديدة”، أولا من صورته كرافض للفساد ومن سأم المجتمع من الحزبين التقليديين اللذين احتكرا السلطة لعقود مع الجيش.

غراف

وخلال جائحة كوفيد – 19، اختار عدم فرض إغلاق وطني من شأنه “تجويع الناس حتى الموت”، وهو قرار لقي شعبية وأثبت نجاحه. فقد ظل الباكستانيون البالغ عددهم 220 مليون نسمة معظمهم من الشباب، بمنأى عن الوباء إلى حد، بعيد 30 ألف وفاة. لكنه ورث وضعا ماليا متأزما فاقمته خياراته الرديئة والوضع الاقتصادي المتدهور، ما أدى إلى تراجع شعبيته في الأشهر الأخيرة ودفع حلفاء له في الائتلاف الحاكم إلى الانضمام إلى المعارضة لمحاولة إطاحته من المنصب.

وما أضعفه أكثر هو ارتفاع التضخم الذي بلغ 10 في المئة العام الماضي، والنمو الاقتصادي الذي ظل صفرا خلال السنوات الثلاث الماضية، والانخفاض الحاد في قيمة الروبية منذ يوليو، وتفاقم الديون.

كما تزايدت صعوبات خان مع تدهور الوضع الأمني، لاسيما منذ تولي حركة طالبان السلطة في أفغانستان المجاورة منتصف أغسطس.

وفُسرت عودة الحركة الأصولية إلى السلطة في البداية على أنها انتصار لباكستان التي طالما اتُهمت بدعمها، ولرئيس وزرائها الذي أطلق عليه لقب “طالبان خان”، لأنه لم يتوقف عن الدعوة إلى الحوار معها وتقويض الاستراتيجية الأميركية في أفغانستان.

لكن بعد سنوات من الهدوء النسبي، استُؤنفت بقوة في أغسطس هجمات حركة طالبان باكستان والفرع الإقليمي لتنظيم الدولة الإسلامية وجماعات انفصالية بلوشية، رغم تعهد كابول بعدم السماح باستخدام الأراضي الأفغانية في هذه الأغراض.

كما عانى عمران خان من تدهور علاقاته مع الجيش الذي اتُهم بالتدخل لصالحه خلال انتخابات 2018، رغم أنه يبدو من غير المرجح أنه كان بإمكانه البقاء في السلطة الأحد من دون موافقة ضمنية من الجيش.

ولم تحقق جهوده الرامية إلى تحويل باكستان إلى فاعل إقليمي رئيسي نجاحا كبيرا. فقد تراجعت علاقات إسلام أباد مع واشنطن والدول الأوروبية، لاسيما تحت تأثير خطاباته اللاذعة ضد الإسلاموفوبيا التي يعتبر أنها تختبئ في الغرب وراء ستار حرية التعبير.

وكانت نتائج تحركاته الخارجية متناقضة، فقد تقاربت باكستان مع الصين. أما الزيارة الرسمية التي قام بها خان إلى موسكو في نفس يوم اندلاع الحرب في أوكرانيا، فعادت عليه بالكثير من السخرية.

وخان ابن عائلة ثرية من لاهور وخريج جامعة أكسفورد. تزوّج ثلاث مرات بعد أن كان يُعرف بارتياده أفخم النوادي الليلية في لندن، وقد تعرض لانتقادات لتهاونه مع المتدينين المتشددين. وكان زواجه الثالث عام 2018 من بشرى بيبي المتحدرة من عائلة محافظة وترتدي الحجاب، وكثيرا ما يظهر حاملا مسبحة في يده، ودافع بشدة عن قانون مكافحة التجديف الديني المثير للجدل.

وفي نوفمبر، رفعت حكومته الحظر المفروض على “حركة لبيك باكستان”، بعد أن فُرض في أبريل إثر احتجاجات عنيفة مناهضة لفرنسا، نظمها هذا الحزب الإسلامي تنديدا بدعم فرنسا لحق رسم الكاريكاتور بما في ذلك النبي محمد.

وكثيرا ما يُتهم عمران خان بتقييد حرية التعبير في الصحافة، وقد أثار أيضا سخط منظمات نسوية من خلال إشارته عدة مرات إلى وجود رابط بين الاغتصاب وطريقة لبس النساء، في بلد ينتشر فيه العنف الجنسي.

◙ أحزاب المعارضة نجحت في حجب الثقة عن عمران خان بموجب مذكرة لحجب الثقة تم التصويت عليها في الجمعية الوطنية

 

7