علماء يحقنون أشخاصا بالملاريا لدراسة تأثيراتها على المدى الطويل

يسعى علماء بريطانيون لفهم المزيد عن العدوى المنتكسة للملاريا في الشهور التي تلي إصابة الشخص أول مرة من خلال لدغة بعوضة. وسوف يرسل العلماء خمسة أشخاص أصحاء ليتم تعريضهم للدغات بعوض مصاب في مختبر بهولندا، ثم سيعودون إلى أوكسفورد في بريطانيا حيث ستتم مراقبتهم قبل علاجهم لوقف الانتكاسات المحتملة. وتسبب طفيليات البلازموديوم عدوى الملاريا التي تنتقل إلى الإنسان عبر لدغات البعوض.
لندن - تعتزم بريطانيا إرسال أشخاص إلى هولندا ليتم حقنهم عمدا بشكل من أشكال الملاريا حتى تتسنى للعلماء دراسة تأثيراته، بحسب وكالة الأنباء البريطانية “بي.أي ميديا”. بلازموديوم فيفاكس نوع من الملاريا يمكن أن يظل كامنا في الكبد ويمكن أن ينشط مجددا بعد شهور أو سنوات من أول مرة أصيب الشخص به، مما يتسبب في انتكاسات.
ويريد العلماء بمجموعة أوكسفورد للقاحات فهم المزيد عن العدوى المنتكسة في الشهور التي تلي إصابة الشخص أول مرة من خلال لدغة بعوضة. ولفعل هذا سوف يرسل العلماء خمسة أشخاص أصحاء ليتم تعريضهم للدغات بعوض مصاب في مختبر بهولندا، ثم سيعودون إلى أوكسفورد في بريطانيا حيث ستتم مراقبتهم قبل علاجهم لوقف الانتكاسات المحتملة.
وقالت البروفيسور أنجيلا ميناسيان، رئيسة الباحثين في التجربة من جامعة أوكسفورد، “دراسة إثبات المفهوم هذه هي الأولى من نوعها التي يتم فيها إدخال عدوى ملاريا فيفاكس انتكاسية في متطوعين أصحاء تحت ظروف بحثية مسيطر عليها.” وأضافت “وبفعل هذا نهدف إلى الإجابة على أسئلة رئيسية بشأن الانتكاسات وكيف يستجيب لها الجهاز المناعي.”
وتابعت “نعلم أن أكثر من 80 في المئة من ملاريا فيفاكس عالميا ترجع إلى عدوى انتكاسية وتتسبب في ألم كبير لدى كل من البالغين والأطفال في أجزاء كثيرة من العالم.” وجرى إطلاق الدراسة الجديدة واسمها “دراسة تحدي ملاريا” من جانب جامعة أوكسفورد بالتعاون مع مختبر درابر لاب بهدف تغيير الفهم عن هذا النوع من الملاريا.
◙ أكثر من 80 في المئة من ملاريا فيفاكس ترجع إلى عدوى انتكاسية وتتسبب في ألم كبير لدى البالغين والأطفال
وفي نهاية فترة الدراسة التي تستمر ستة أشهر، سوف يتم إعطاء كل المشاركين في الدراسة أقراص مضادة للملاريا إلى جانب عقار يسمى “بريماكين” الذي يقضي على الطفيليات الكامنة في الكبد. وتسبب طفيليات البلازموديوم التي تسمى “المتصورة” عدوى الملاريا التي تنتقل إلى الإنسان عبر لدغات البعوض الذي يحمل العدوى، ويوجد العديد من أنواع طفيليات المتصورة ولكن خمسة أنواع فقط منها تسبب الملاريا للإنسان وهي:
- بلازموديوم فلسبروم التي تسمى المتصورة المنجلية: تنتشر في أفريقيا، ومسؤولة عن معظم الوفيات بسبب الملاريا حول العالم.
- بلازموديوم فيفاكس التي تسمى المتصورة النشيطة: تنتشر في آسيا وأميركا الجنوبية، وتسبب أعراضا أخف من النوع السابق ولكن يمكن أن تبقى في الكبد لمدة 3 سنوات، مما يؤدي إلى عودة الإصابة بالملاريا بشكل متكرر.
- بلازموديوم أوفال التي تسمى متصورة بيضوية: تنتشر في غرب أفريقيا، ويمكن أن تبقى متواجدة في الكبد لعدة سنوات دون ظهور أي أعراض.
- بلازموديوم ملاري التي تسمى متصورة وبالية: تنتشر في أفريقيا وتعتبر نوعا نادرا جدا.
- بلازموديوم نولسي التي تسمى المتصورة النولسية: نوع نادر جدا ينتشر في جنوب شرق آسيا.
ويعتبر مرض الملاريا مرضا يهدد الحياة ينتقل عن طريق بعوضة الأنوفيليس التي تعيش في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية والتي تتغذى على دم الإنسان، حيث تحمل البعوضة طفيليات المتصورة (بلازموديوم)، وبعد أن يتم التعرض إلى لدغة البعوضة تنتقل الطفيليات عبر مجرى الدم إلى الكبد حيث تنضج في الكبد ثم تبدأ بمهاجمة خلايا الدم الحمراء.
وتصيب عدوى الملاريا الأشخاص الذين يعيشون في البلاد التي تنتشر فيها طفيليات الملاريا أو من خلال السفر إلى هذه البلاد أو عن طريق نقل الدم من شخص مصاب وغيرها من طرق الانتقال. وتظهر على الشخص المصاب أعراض الملاريا خلال 10 أيام إلى أربعة أسابيع من العدوى ومن هذه الأعراض:
- القشعريرة.
- الحمى.
- الصداع.
- التعب وألم في العضلات.
- فقر الدم.
- اصفرار الجلد والعينين.
- الفشل الكلوي.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الملاريا مرض قابل للعلاج. والعلاجات التوليفية القائمة على مادة الآرتيميسينين هي الأدوية المضادة للملاريا الأكثر فعالية المتاحة اليوم والدعامة الأساسية للعلاج المُوصى به لمَلاَرْيا المُتَصَوِّراتِ المِنْجَلِيَّة، التي تعد أشد طفيليات الملاريا فتكا على مستوى العالم.
وتجمع العلاجات التوليفية القائمة على مادة الآرتيميسينين بين اثنين من المستحضرات الصيدلانية النشطة ذات آليات العمل المختلفة، بما يشمل مشتقات الآرتيميسينين المستخرجة من نبتة الشيح الحولي والدواء الشريك. ويتمثَّل دور مركب الآرتيميسينين في الحدّ من عدد الطفيليات خلال أول ثلاثة أيام من العلاج، في حين أن دور الدواء الشريك هو القضاء على الطفيليات المتبقية.
ونظرا لأنه من غير المتوقع أن يُطرح في السوق أي بديل لمشتقات الآرتيميسينين خلال السنوات المقبلة، فلا بد من الحفاظ على نجاعة العلاجات التوليفية القائمة على مادة الآرتيميسينين، ولهذا السبب توصي المنظمة بإعطاء العلاج للمريض فقط إذا كانت نتيجة اختبار الملاريا إيجابية. ولا تؤيد المنظمة ترويج أو استخدام المواد النباتية من الأرطماسيا (سواء أكانت في شكل شاي أو أقراص أو كبسولات) للوقاية من الملاريا أو علاجها.
ويشكل ظهور المقاومة الجزئية للآرتيميسينين وانتشارها، التي تعرف بأنها تأخر التخلّص منها بعد العلاج بدواء يحتوي على مادة الآرتيميسينين، ومقاومة العقاقير الشريكة للعلاجات التوليفية القائمة على مادة الآرتيميسينين تهديدات كبيرة للجهود الرامية إلى الحد من العبء العالمي للملاريا.
ومن المؤكد الآن في أفريقيا وجود المقاومة الجزئية للآرتيميسينين في كل من إريتريا وأوغندا ورواندا وجمهورية تنزانيا المتحدة، ويُشتبه في وجودها كذلك في كل من إثيوبيا والسودان وزامبيا وناميبيا. ورغم أن الدراسات تثبت النجاعة العالية للعلاجات التوليفية القائمة على مادة الآرتيميسينين، ما زالت هناك مخاوف بشأن جودة البيانات المتعلقة بنجاعتها ومعدلات التغطية بها.
لذا تدعو المنظمة، في إطار تنفيذ إستراتيجيتها بشأن التصدي لخطر مقاومة الأدوية المضادة للملاريا في أفريقيا، البلدان التي تستوطن فيها الملاريا والشركاء العالميين في مجال مكافحة الملاريا إلى تعزيز جهود ترصد نجاعة الأدوية المضادة للملاريا ومقاومة المرض للأدوية، وإلى ضمان اختيار أنجع العلاجات بموجب سياسات العلاج الوطنية.