علماء يثبتون تعرض الديناصورات لنزلات البرد

توصل فريق من علماء المتحجرات والأطباء البيطريين إلى نتيجة تعد أول دليل قوي على أن ديناصورات عاشت قبل 150 مليون عام تعرّضت لالتهاب في الجهاز التنفسي، وعانت من أعراض مشابهة لأعراض البشر عند الإصابة بنزلات البرد.
أونتاريو (كندا) – كشفت دراسة حديثة أجريت على متحجرات تعود إلى ديناصورات عاشت قبل 150 مليون عام أن هذه الحيوانات كانت تعاني من التهابات في الجهاز التنفسي مماثلة لتلك التي تُصاب بها الطيور حاليا.
وقال عالم المتحجرات كاري وودروف المتخصص في سحليات الأرجل ومعد الدراسة الرئيسي إنّ الاكتشاف “كان غريبا ولم أر هذه الحالة لدى أي ديناصور”.
وأضاف الباحث في متحف أونتاريو الملكي في جامعة تورونتو “أطلعت زملائي العلماء والأطباء البيطريين على المعلومات (…) وقالوا لي إنّ الأمر مذهل ويبدو أنّ الديناصور تعرّض لالتهاب في الجهاز التنفسي”.
ووفقا لصحيفة “ذا صن” البريطانية، تابع وودروف “لم يعثر على عدوى مثل هذه في أي ديناصور، لذا فهي تعطينا نافذة مثيرة على الماضي. منذ ملايين السنين، قبل اختراع اللقاحات وعلاجات الحلق، عانت من نفس الأعراض الجسيمة التي نشعر بها جميعا”.
وبحسب الدراسة المنشورة في “ساينتيفيك ريبورتس”، فإن هذه النتيجة تمثّل أوّل دليل قوي على وجود مرض معد لدى الديناصورات غير الطائرة التي انقرضت قبل 65 مليون سنة.
وكان هذا الحيوان الذي عاش في أواخر العصر الجوراسي (العصر الذهبي للديناصورات) قبل أكثر من 145 مليون سنة من نوع سحليات الأرجل، وكان عاشبا وطويل العنق، أما اسمه العلمي فهو “MOR 7029″ ولُقّب بـ”دوللي”. واكتُشف رفاته المتحجر عام 1990 في مونتانا بالولايات المتحدة.
وعندما فحص وودروف عظام رقبة “دوللي” بعد سنوات، تمكّن من تحديد نتوءات عظمية شكلها وملمسها غير مألوفين.
وما جعل العلماء يتوصّلون إلى هذه النتيجة هي النتوءات غير الطبيعية الموجودة في أسفل رقبة الحيوان، عند نقطة تداخل الأكياس الهوائية، وهي أكياس مملوءة بالهواء تتّصل بالرئتين، وتعتبر إحدى سمات أجهزة التنفس الخاصة بالديناصورات والطيور.
كاري وودروف: لم يعثر على عدوى مثل هذه في أي ديناصور، لذا فهي تعطينا نافذة مثيرة على الماضي
ثم حللت صورة المسح الضوئي القسم الداخلي من العظمة، مؤكدة وجود خلل حصل من خلال حادث جانبي استجابة لعدوى في الأكياس الهوائية.
ويُمثّل تحديد التشخيص أمرا صعبا، إذ لا يوجد أي أثر بيولوجي لهذه الأنسجة، وللتحقق من الأمر لجأ العلماء إلى أقرب سلالة حيّة لـ”دوللي” والمتمثلة بالطيور.
وأوضح وودروف أنّ المقاربة كانت منطقية من وجهة نظر التطوّر.
ولاحظ فريقه الذي يضم كذلك أطبّاء بيطريين وجود أمراض لدى الطيور لديها عوارض العظام نفسها.
ويتمتّع داء الرشاشيات، وهو عدوى فطرية تطال الجهاز التنفسي، بخصائص “متشابهة جدا”.
وأكّد عالم المتحجرات أنّ عدوى الجهاز التنفسي هذه هي الأكثر انتشارا بين الطيور حاليا، ومن وجهة نظر التطوّر لها مصدر ما.
وأضاف العالم أنّ الديناصور “دوللي” كان يعيش في مناخ حار ورطب، وهذه بيئة مؤاتية للعدوى الفطرية، مستبعدا تعرّض الديناصور لعدوى فايروسية كإنفلونزا الطيور لأنّها “لا تضرب العظام بالطريقة نفسها”.
ويسبّب داء الرشاشيات أعراضا تشبه تلك الخاصة بالإنفلونزا كالحمى والصداع والعطس والسعال، يمكن أن تكون قاتلة إذا تُركت من دون علاج.
وقال وودروف “لا بدّ أنّ ديناصور ‘دوللي’ شعر بألم كبير، وربّما هذه العدوى قتلته أو أضعفته، مما جعله فريسة سهلة لحيوانات مفترسة أخرى كالتريناصور”.
ويعتقد العلماء أن العدوى ربما انتشرت بسرعة بين الوحوش، ما تركها تسعل وتعطس وترتجف، لكن العدوى التنفسية لم تقتل الديناصورات باعتبار أنها استمرت في العيش لمدة 100 مليون عام أخرى بعد هذه الإصابة المسجلة.
ويصعب تشخيص الأمراض التي تعاني منها الديناصورات لأن أعضاءها وأنسجتها الرخوة لم تنج. لكن كان لديها أكياس هوائية في عظامها لمساعدتها على التنفس، مما يعني أن أمراض الجهاز التنفسي يمكن أن تنتشر هناك.