علماء من المملكة المتحدة يحاولون ابتكار علاج لداء البطانة الرحمية المهاجرة

للمرة الأولى منذ 40 عاما، يحاول العلماء في بريطانيا اكتشاف أول علاج غير هرموني وغير جراحي على الإطلاق لداء البطانة الرحمية المهاجرة، وقد أجروا تجربة سريرية لتقييم مدى فاعلية العلاج الجديد “ثنائي كلورو أسيتات” في السيطرة على الألم الذي تتعرض له المصابات بهذا الداء. ومن المقرر أن يبدأ البحث الجديد، الذي تموله مؤسسة “ويلبينج أوف ويمين” والحكومة الأسكتلندية، في الخريف المقبل.
لندن - أجرى علماء من المملكة المتحدة تجربة سريرية لتقييم مدى فاعلية علاج جديد محتمل لداء البطانة الرحمية المهاجرة، وذلك للمرة الأولى منذ 40 عاما.
وأفادت وكالة أنباء “بي إيه ميديا” البريطانية بأن باحثين من جامعات إدنبرة وأبردين وبرمنغهام يسعون لمعرفة ما إذا كان من الممكن أن يساعد عقار الـ”ثنائي كلورو أسيتات” في السيطرة على الألم الذي تتعرض له المصابات بهذا الداء.
وفي حال نجح العقار الجديد فإنه من الممكن أن يكون أول علاج غير هرموني وغير جراحي على الإطلاق لداء البطانة الرحمية، بالإضافة إلى كونه أول علاج جديد منذ 40 عاما.
وسوف تتم دعوة نحو 100 امرأة مصابة بهذه الحالة للانضمام إلى التجربة السريرية.
وتقدر منظمة “إندوميتروزيز يو كيه” أن هناك 1.5 مليون امرأة في المملكة المتحدة يعانين من داء البطانة الرحمية، وهي حالة تنمو فيها الأنسجة المشابهة لبطانة الرحم في أماكن أخرى، مثل المبايض وقناتي فالوب، ويشار إلى أنها حالة تستمر مدى الحياة، ويمكن أن تسبب ألما شديدا وشعورا بعدم الراحة.
في حال نجح العقار الجديد، فإنه من الممكن أن يكون أول علاج لداء البطانة الرحمية على الإطلاق، غير هرموني وغير جراحي
ومن المقرر أن يبدأ البحث الجديد، الذي تموله مؤسسة “ويلبينج أوف ويمين” والحكومة الأسكتلندية، في الخريف المقبل.
ويعرّف خبراء “مايو كلنيك” داء البطانة الرحمية، أو الانتباذ البطاني الرحمي، بأنه اضطراب مؤلم في أغلب الأحيان ينتج عن نمو نسيج مشابه للنسيج الذي يبطِّن الرحم من الداخل (بطانة الرحم) خارج الرحم. ويصل نوع الانتباذ البطاني الرحمي الأكثر شيوعًا إلى المبيضين وقناتي فالوب والأنسجة المبطنة للحوض. وفي حالات نادرة، يمكن العثور على نسيج شبيه ببطانة الرحم خارج المنطقة التي توجد فيها أعضاء الحوض.
وفي حالة الانتباذ البطاني الرحمي يعمل النسيج المشابه لبطانة الرحم كالنسيج الطبيعي من حيث الثخانة والتحلل والنزيف مع كل دَورة حيض. لكن بسبب عدم قدرة هذه الأنسجة على الخروج من الجسم تنحبس داخله. وعندما يصل الانتباذ البطاني الرحمي إلى المبيضين قد تتشكل أكياس يطلق عليها اسم ورم بطانة الرحم. وقد تتهيج الأنسجة المحيطة لتؤدي في النهاية إلى ظهور أنسجة ندبية والتصاقات، أو أشرطة من أنسجة ليفية قد تسبب التصاق أنسجة الحوض وأعضائه ببعضها البعض.
وقد يسبب الانتباذ البطاني الرحمي ألمًا شديدًا في بعض الأحيان، خاصة خلال دورات الحيض. وقد تظهر أيضًا مشاكل الخصوبة. ولحسن الحظ هناك بعض العلاجات الفعالة.
ويشير الخبراء إلى أن الأعراض الأولية للانتباذ البطاني الرحمي هي الآلام في الحوض، وغالبًا ما تكون مصاحبة لفترات الحيض. وعلى الرغم من أن العديد من النساء يعانين من التشنج أثناء فترات الطمث، فإن اللاتي يعانين من انتباذ بطاني رحمي يصِفن آلام الطمث بأنها أسوأ بكثير من المعتاد. وقد يزيد الألم أيضًا بمرور الوقت.
1.5
مليون امرأة في المملكة المتحدة يعانين من داء البطانة الرحمية
وتشمل العلامات والأعراض الشائعة للانتباذ البطاني الرحمي أساسا فترات طمث مؤلمة (عُسر الطمث).
وقد يبدأ ألم الحوض والتشنج قبل فترة الطمث ويمتد لعدة أيام بعد بدايتها. وقد تشعر المرأة بآلام أسفل الظهر وفي البطن أيضًا. كما قد تواجه فترات طمث ثقيلة بين الحين والآخر أو نزيفًا بين فترات الطمث (النزيف بين فترات الحيض).
وفي بعض الأحيان يُشخَّص الانتباذ البطاني الرحمي لأول مرة لدى الباحثين عن علاج للعقم. وقد تصاب المرأة بالتعب أو الإسهال أو الإمساك أو الانتفاخ أو الغثيان خاصة أثناء دورات الحيض.
وقد لا تكون شدة الألم مؤشرًا موثوقًا على شدة الحالة. فقد تشعر المرأة بألم شديد عند إصابتها بحالة انتباذ بطاني رحمي بسيطة، أو تشعر بألم بسيط أو منعدم عند إصابتها بحالة انتباذ بطاني رحمي متقدمة.
ويُخلَط بين الانتباذ البطاني الرحمي في بعض الأحيان وبين الحالات الأخرى التي يمكن أن تسبب آلام الحوض، مثل مرض التهاب الحوض أو تكيس المبيض. كما يمكن الخلط بينه وبين متلازمة القولون المتهيج، وهي حالة تسبب نوبات الإسهال والإمساك والتشنج البطني. ويمكن أن تصاحب متلازمة القولون المتهيج الانتباذ البطاني الرحمي، ما قد يعقّد التشخيص.
والانتباذ البطاني الرحمي يمكن أن يكون حالة صعبة العلاج. وقد يؤدي التشخيص المبكر وفريق طبي متعدِّد التخصصات وفهم تشخيص الحالة إلى تحسين التحكم في الأعراض.
قد تؤدي مشكلة في الجهاز المناعي إلى عجز الجسم عن التعرف على نسيج بطانة الرحم الذي ينمو خارج الرحم وتدميره
وعلى الرغم من أن السبب الدقيق للإصابة بالانتباذ البطاني الرحمي غير مؤكَّد، فإن التفسيرات المحتمَلة تشمل الحيض الارتجاعي وتحوُّل الخلايا الجنينية وتحوُّل الخلايا الصفاقية.
وفي حالة الحيض الارتجاعي يتدفَّق دم الحيض الذي يحتوي على خلايا بطانة الرحم عبر أُنبوبَي فالوب إلى جوف الحوض بدلًا من الخروج من الجسم. وتلتصق خلايا بطانة الرحم هذه في جدار جوف الحوض وأسطح أعضاء جوف الحوض، حيث تنمو وتستمر في اكتساب السماكة وتنزف على مدار كل دَورة الحيض.
وفي حالة تحوُّل الخلايا الصفاقية، فيما يعرف باسم “نظرية الحث”، يقترح الخبراء أن الهرمونات أو العوامل المناعية تُعزِّز تحويل الخلايا البريتونية، الخلايا التي تبطن الجانب الداخلي من البطن، إلى خلايا تشبه خلايا بطانة الرحم.
أما في حال تحوُّل الخلايا الجنينية فقد تحول هرمونات مثل الإستروجين الخلايا الجنينية، الخلايا في المراحل المبكرة من النمو، إلى غرسات خلايا بطانة الرحم أثناء فترة البلوغ.
وبعد إجراء عملية جراحية، مثل استئصال الرحم أو العملية القيصرية، قد تلتصق خلايا بطانة الرحم بالشق الجراحي.
كما قد تنقل الأوعية الدموية أو سائل الأنسجة (اللمفاوية) خلايا بطانة الرحم إلى أجزاء أخرى من الجسم.
وقد تؤدي مشكلة في الجهاز المناعي إلى عجز الجسم عن التعرف على نسيج بطانة الرحم الذي ينمو خارج الرحم وتدميره.