علماء بريطانيون يبتكرون اختبارا سريعا للأمراض الوراثية

سيكون بمقدور الأطباء البريطانيين الذين ابتكروا اختبارا سريعا للأمراض الوراثية أن يكتشفوا تغيّرات في الحمض النووي وحتى عيوبا وراثية نادرة، وبإمكان الاختبار أن يحلل 22 ألف جين في جينوم الإنسان لتكون النتائج جاهزة بعد يومين،على عكس ما كان معمولا به في السابق، حيث كانت الاختبارات تستغرق أسابيع. ويسعى العلماء حاليا في دراساتهم لتقليص وقت انتظار نتائج الاختبار إلى بضع ساعات.
لندن - ابتكر العلماء البريطانيون في مصلحة الصحة الوطنية اختبارا سريعا يسمح باكتشاف الأمراض الوراثية المختلفة في فترة وجيزة من الزمن، وفق ما أكدته "ذي غارديان" البريطانية. وقالت المديرة التنفيذية لخدمة الصحة الوطنية أماندا بريتشارد إن هذا الابتكار هو حدث ثوري بالنسبة إلى نظام رعاية الصحة البريطاني وطب الجينوم، إذ أن الاختبار الجديد سيساعد في التشخيص السريع للمرض لدى الأطفال المصابين بأمراض خطيرة وإنقاذ حياتهم.
وأوضحت أن مثل هذه الاختبارات كانت تستغرق إلى حد الآن بضعة أسابيع، ما أجّل العلاج الهام لحياة المريض إلى حد بعيد. أما الاختبار الذي طوّره الأخصائيون البريطانيون فيحلل 22000 جين في جينوم الإنسان لتكون النتائج جاهزة بعد يومين.
وسيكون بمقدور الأطباء أن يكتشفوا بواسطة الاختبار السريع تغيّرات في الحمض النووي وحتى عيوبا وراثية نادرة. ويستمر العلماء حاليا في دراساتهم حتى يتقلص وقت انتظار نتائج الاختبار إلى بضع ساعات. وتنطوي الاختبارات الجينية على فحص الحمض النووي، وهو قاعدة البيانات الكيميائية التي تحمل تعليمات وظائف الجسم. ويمكن أن تكشف الاختبارات الجينية التغييرات (الطفرات) في الجينات التي يمكن أن تتسبب في اضطراب ما أو المرض.

وقال خبراء "مايو كلينيك" إنه على الرغم من إمكانية تقديم الاختبارات الجينية لمعلومات هامة لتشخيص الاضطراب وعلاجه والوقاية منه، إلا أن هناك حدودا. على سبيل المثال، إذا كان الشخص يتمتع بصحة جيدة، فإن النتيجة الإيجابية الناتجة عن الاختبارات الجينية لا تعني دائما أنه سيصاب بمرض. وعلى الجانب الآخر، في بعض الحالات، لا تضمن النتيجة السلبية عدم إصابته باضطراب معين.
ويرى الخبراء أن تحدث المريض إلى الطبيب، أو اختصاصي طب الوراثيات أو استشاري الوراثيات عما سيفعل بالنتائج هو خطوة مهمة في الاختبارات الجينية. وعندما لا يؤدي الاختبار الجيني إلى تشخيص ولكن لا يزال هناك شك في السبب الجيني، تُقدِّم بعض المرافق تسلسل الجينوم، وهي عملية لتحليل عينة من الحمض النووي المأخوذ من الدم.
ولدى كل شخص جينوم فريد من نوعه، يتكون من الحمض النووي في كل جينات الشخص. ويمكن أن يساعد هذا الاختبار المعقد في تحديد المتغيرات الجينية التي قد تتعلق بالصحة. وعادة ما يقتصر هذا الاختبار على النظر فقط في أجزاء ترميز البروتينات للحمض النووي الذي يطلق عليه الإكسوم.
وقال أطباء بريطانيون إنهم جربوا تقنية رائدة لفحص الأمراض الوراثية، قبل إجراء عمليات للتلقيح الصناعي تتيح للوالدين إنجاب أطفال يتمتعون بصحة جيدة ولا تنتقل إليهم الأمراض والاضطرابات الوراثية المدمرة.
وقد سمحت هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية باستخدام التقنية الجديدة قبل عمليات التلقيح الصناعي التي ينفذها أطباء الخصوبة في لندن في ولادة أجنة أصحاء، وفق ما ذكرته صحيفة “تلغراف” البريطانية على موقعها الإلكتروني.
وتتطلب إجراءات الاختبار التقليدية للأجنة شهورا من العمل حتى تعطي نتائجها لكشف الأمراض الوراثية المحتملة التي قد تنتقل لهم من الوالدين، لكن التقنية الجديدة المعروفة باسم "كاريومابينغ" تستغرق أقل من أسبوعين فقط، ويمكن أن تكشف مجموعة من الأمراض الوراثية التي تهدد صحة الأجنة.
وبفضل التقنية الجديدة استطاع الأطباء عزل الجينات المسؤولة عن هذا المرض الوراثي بعد إجراء مسح الحمض النووي لوالدة جنين تبلغ من العمر 26 عاما، ثم أجرى الزوجان عملية التلقيح الصناعي التقليدية، ونتجت عنها ولادة طفل بصحة جيدة.
◙ الاختبارات الجينية تنطوي على فحص الحمض النووي، وهو قاعدة البيانات الكيميائية التي تحمل تعليمات وظائف الجسم
وكان الطفل لوكاس ميانجو معرضا بشكل كبير لخطر وراثة شكل نادر من مرض ضمور العضلات يجعله يمشي ويقوم بالمهام اليومية بصعوبة، لكنه وفق التقنية الجديدة استطاع تجنب هذا المرض النادر، وولد الطفل بصحة جيدة. وقال خبير الخصوبة بول سرحال (مؤسس مركز الصحة الإنجابية والوراثية بلندن) إن التقنية تعتمد على خصائص فريدة من نوعها، لفحص الجينات الوراثية واكتشاف الأمراض، مضيفا أنه بإمكانها تحديد فرص الإصابة بأمراض مثل متلازمة داون وغيرها، الأمر الذى يمكن الوالدين من تجنب نقل تلك الأمراض الوراثية لأبنائهم.
وعلى الصعيد العالمي، تشير التقديرات إلى أن حوالي 7.9 مليون ولادة أو 6 في المئة من مجموع الولادات التي تحدث سنويا تعاني من وجود خلل وراثي المنشأ أو خلل وراثي جزئي. ومع ارتفاع معدل انتشار الاضطرابات الوراثية مثل الأمراض الهيموغلوبينية (كالثلاسيميا، وفقر الدم المنجلي)، فإن دول إقليم شرق المتوسط تشارك بجزء كبير في هذا العبء بما يقدر بـ26 في المئة من مجموع الولادات السنوية المصابة بالثلاسيميا في جميع أنحاء العالم.