علاج دقات القلب غير المنتظمة: نجاح تونسي يفضي إلى استبدال الكيّ والأقراص بالعملية

تقنية جديدة تمكن من مداواة أكبر عدد من المرضى في حصة صباحية واحدة.
الجمعة 2024/08/30
الدكتور محمد سامي المورالي الطبيب المشرف على العملية

يعد استئصال مرض الارتجاف الأذيني، سابقة في تاريخ تونس الطبي حيث تمكن فريق من الأطباء من علاج ثلاثة مرضى بتقنية جديدة ستساهم في حماية المريض كما الطبيب من آثار أشعة الكيّ ولن يتجاوز معدل التدخل الطبي على المريض الواحد 45 دقيقة على أقصى تقدير، بعد ما كانت مدة العلاج بجميع مراحلها من تشخيص وتخدير تستغرق أربع ساعات على الأقل.

تونس - نجح فريق طبي تونسي بقسم القلب بالمستشفى الجامعي الرابطة (حكومي)، في علاج ثلاثة مرضى يعانون من الارتجاف الأذيني أو ما يعرف بدقات القلب غير المنتظمة باعتماد جهاز متطور تقنيا وتكنولوجيا بعيدا عن العلاج التقليدي.

ويعد استئصال مرض الارتجاف الأذيني، سابقة في تاريخ تونس المصنفة الأولى في شمال أفريقيا.

ويعود هذا النجاح، كما تحدث رئيس قسم أمراض القلب والشرايين بمستشفى الرابطة، الأستاذ محمد سامي المورالي، في لقاء مع وكالة تونس أفريقيا للأنباء، إلى الفريق الطبي المختص الذي عمل لسنوات على متابعة مختلف التطورات التكنولوجية في مجال علم الإيقاع وعلم الإثارة الكهربائية في القلب وتشخيصه، وشارك أعضاؤه في عدة مؤتمرات حول العالم تناولت آخر التقنيات في هذا المجال في ظل الانتشار الكبير لمرض دقات القلب في أرجاء المعمورة.

وأوضح المورالي أن هذا الانتشار الواسع للمرض دفعهم نحو الاشتغال على أن يكون المرفق العمومي الصحي رائدا وسباقا في اعتماد التكنولوجيات الحديثة لعلاج المرضى التونسيين.

التدخل الطبي له إيجابيات أهمها تقليص الخطر على المريض وضمان نسبة نجاح عالية والوصول إلى أكبر عدد من المرضى

وقال “توّج تعب السنين بتعزيز المستشفى بجهاز اقتنته وزارة الصحة بتمويل من وزارة الشؤون الاجتماعية الممثلة في الصندوق الوطني للتأمين على المرض، وذلك في إطار الشراكة مع الرابطة لتعزيز الخدمات الاستشفائية والعلاجية المتطورة.

وأكد أن هذا النجاح الطبي يمثل إنجازا تونسيا حصريا إذا ما تمت مقارنته بدول أخرى، منها الولايات المتحدة الأميركية التي لم يمض ستة أشهر على تسلمها شهادة رسمية لاستغلال هذه التقنية كما أن عددا قليلا من المراكز الصحية في أوروبا اعتمدت هذه التقنية في استئصال الارتجاف الأذيني.

وشهد علاج الارتجاف الأذيني في تونس مراحل علاجية متطورة من المداواة بالأقراص إلى الكيّ بالذبذبات الحرارية ذات التصوير ثلاثي الأبعاد، وصولا إلى إجراء عملية بجهاز تقني حديث حقق نتائج سريعة وناجعة ومضمونة على ثلاثة مرضى بينهم حالة مرضية معقدة، خضعوا للعلاج بواسطته تحت إشراف إطارات طبية وشبه طبية وفق ما أفادت به الأخصائية في أمراض القلب والمختصة في نبضات القلب غير المنتظمة، الأستاذة سناء والي.

وأوضحت الدكتورة والي أنّ 2 في المئة من الكهول في تونس يعانون من الارتجاف الأذيني وكانت طرق علاجهم تقليدية، قائلة “منذ أن كنت طبيبة مقيمة كان العلاج فقط بالأقراص ونسبة النجاح دون المأمول ثم تطور التدخل الطبي إلى الكيّ وهو تحديد مكان خروج الدقة لحرقها وهو الأمر نفسه بالنسبة إلى الارتجاف الأذيني إذ ندرك أن العروق المسترسلة من الرئتين هي السبب فنقوم بكيّ كل النقاط المحيطة بها”.

وبينت أن عملية مداواة دقات القلب غير المنتظمة تختلف من مريض إلى آخر مضيفة أنه في بداية العلاج يعطى المريض دواء وفي صورة الدقة يعالج بوسائل أخرى تكون أنجع وأقوى”.

وكشفت الدكتورة والي حجم المعاناة في مداواة مريض واحد إذ تستغرق مدة العلاج بجميع مراحلها من تشخيص وتخدير أربع ساعات على الأقل وبالتالي يقضي الفريق الطبي يوما كاملا في علاج مريضين أو ثلاثة في أقصى الحالات، في المقابل سيمكن هذا الجهاز من مداواة أكبر عدد من المرضى في حصة صباحية واحدة، موضحة أن التدخل الطبي بالتقنية الحديثة له إيجابيات أهمها تقليص الخطر على المريض وضمان نسبة نجاح عالية وتوفير وقت للوصول إلى أكبر عدد من المرضى.

وقال الدكتور مورالي “ستساهم الآلة في حماية المريض كما الطبيب من آثار أشعة الكيّ ولن يتجاوز معدل التدخل الطبي على المريض الواحد 45 دقيقة على أقصى تقدير.”

ويعدّ هذا النجاح محفزا للطموح في قسم القلب بمستشفى الرابطة، وتحديدا بقاعة القسطرة بقسم أمراض القلب بالرابطة، وهي القاعة الشاهدة على نجاح أول عملية استئصال للارتجاف الأذيني باستعمال التقنية المتطورة، وهو ما زاد من سقف طموح الأستاذة والي المتمثل في تعميم العلاج على الأطفال الذي يمثل تحديا كبيرا لسببين أولهما لتخصص المستشفى الجامعي الرابطة في علاج دقات القلب غير المنتظمة لدى الأطفال وثانيا ليكون العلاج متاحا للتونسيين دون استثناء.

وقالت والي “هدفنا علاج كل مريض داخل المرفق العمومي التونسي دون الحاجة إلى نقله خارج البلاد، يجب أن يعالج في تونس في مستشفى عمومي وهو ما يستدعي تظافر كل المتدخلين لمساعدتنا على أمل تعزيز القسم بأكثر معدات تضمن لكل مريض العلاج في أحسن الظروف”.

وأكد الدكتور سامي المورالي أن المفاوضات انطلقت مع وزارة الشؤون الاجتماعية قصد التوصل إلى إمضاء اتفاقية مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض للتكفل بمصاريف علاج الارتجاف الأذيني بالجهاز الطبي الحديث، معتبرا أن عالم طب القلب يتطور ويتغير وستحمل السنوات القادمة معها أجهزة متطورة وتقنيات وتكنولوجيات أكثر حداثة.

ومن المنتظر أن تجرى عمليات أخرى بقسم القلب بالمستشفى الجامعي بالرابطة لاستئصال الارتجاف الأذيني من 22 إلى 26 سبتمبر القادم.

وتتسبب دقات القلب المضطربة أو الارتجاف الأذيني في الجلطة الدماغية وقصور القلب نتيجة عدم العلاج المبكر حال الشعور بضيق في التنفس أو تسارع غير طبيعي لدقات القلب وكلما تأخر العلاج كانت مداواته أصعب ويعد التخطيط على القلب الخطوة الأولى للتثبت من سلامة نبضه.

16