علاج جديد يعلن بداية نهاية مرض السل المقاوم للأدوية

نظام "بي بال" عالج أكثر من 90 في المئة من المرضى.
السبت 2022/09/03
تقدم كبير في علاج مرض السل

تمكن نظام جديد من الأدوية، يسمى “بي بال” يجمع ثلاثة أنواع من المضادات الحيوية هي البيداكيلين والبرتومانيد واللينزوليد، من أن يكون بداية نهاية لمرض السل المقاوم للأدوية، ذلك أن ما يقرب من 5 في المئة من الحالات مقاومة للمضادات الحيوية التي يصفها الأطباء للمرضى، ما يصعّب مهمة علاجها. واستطاع الدواء الجديد معالجة أكثر من 90 في المئة من مرضى السل.

باريس - شكّل الأربعاء يوما مفصليا في حياة الطبيب الأوكراني فولوديمير، إذ أنه آخر يوم تناول فيه علاجا جديدا مضادا للسل المقاوم للأدوية وُصف بأنه نقطة تحوّل في المعركة ضد هذا المرض.

وفي ما مضى، كان هذا الطبيب البالغ 25 عاما والمتحدر من كييف، يخضع لعلاج آخر أقل فعالية بنسبة النصف ويتطلب تناول عدد أكبر من الجرعات، ما تسبب له بمضاعفات عصبية.

لكنّ هذه الأعراض زالت عندما بدأ بعلاجه الجديد الذي خضع له لستة أشهر فقط، في مقابل عامين للعلاج السابق.

وقال فولوديمير الذي فضّل عدم ذكر شهرته، لوكالة فرانس برس “لقد كان ذلك سهلا جدا”.

السل كان يتصدر قائمة الأمراض المعدية الأكثر فتكا قبل وصول كورونا مع حصيلة وفيات تبلغ مليونا ونصف مليون سنويا

وبيّنت صورة شعاعية أجراها خلوّ جسمه من أي أثر للسل. وهو يعتزم حاليا العودة للعمل الأسبوع المقبل بعد إجازة مَرَضيّة استمرت ثمانية أشهر. وقال “أصبح في إمكاني الآن أن أعيش حياتي مجددا”.

وكان السل يتصدر قائمة الأمراض المعدية الأكثر فتكا في العالم، قبل وصول كوفيد – 19، مع حصيلة وفيات تبلغ مليونا ونصف مليون سنويا.

وما يقرب من 5 في المئة من الحالات مقاومة للمضادات الحيوية التي يصفها الأطباء للمرضى، ما يصعّب مهمة علاجها.

غير أن نظاما جديدا من الأدوية، يسمى “بي بال” لأنه يجمع ثلاثة أنواع من المضادات الحيوية هي البيداكيلين والبرتومانيد واللينزوليد، وُصف بأنه تقدم كبير منذ موافقة إدارة الأغذية والعقاقير (أف.دي.إيه) في الولايات المتحدة عليه سنة 2019.

وأظهرت الأبحاث في عام 2020 أن نظام “بي بال” عالج أكثر من 90 في المئة من المرضى، ولكن كان هناك معدل مرتفع من الآثار الجانبية المرتبطة بمضاد لينيزوليد الحيوي، بما في ذلك آلام الأعصاب أو تثبيط نخاع العظام (انخفاض في إنتاج الخلايا المسؤولة عن المناعة).

إلا أن دراسة نُشرت نتائجها مؤخرا في مجلة “نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين” غيّرت قواعد اللعبة: فقد أظهرت أن من الممكن تقليل جرعة لينزوليد إلى النصف من دون تقليل فعالية العلاج بشكل كبير.

وأجريت تجربة شملت 181 مشاركا يعانون من مرض السل المقاوم للأدوية في روسيا وجنوب أفريقيا وجورجيا ومولدوفا، وهي بلدان ترتفع فيها معدلات الإصابة بالسل.

وفيما أظهر تناول 1200 ملليغرام من لينزوليد على مدى ستة أشهر فعالية عند 93 في المئة من الحالات، فإن هذا المعدل يتراجع إلى 91 في المئة عند تقليل الجرعة إلى النصف، إلى 600 ملليغرام.

نقطة تحوّل في المعركة ضد السل
نقطة تحوّل في المعركة ضد السل

وفي هذه التجربة، انخفض عدد المشاركين الذين يعانون من اعتلال الأعصاب المحيطية، الذي يسبب آلام الأعصاب، من 38 في المئة إلى 24 في المئة، بينما انخفض معدل كبت نقي العظم من 22 في المئة إلى 2 في المئة.

وقالت فرانشيسكا كونرادي من جامعة فيتفاترسراند في جنوب أفريقيا لوكالة فرانس برس “هذه بداية النهاية لمرض السل المقاوم للأدوية”، مضيفة “كلما عالجت مرض السل في وقت مبكر، قلّت العدوى، إنه مثل كوفيد من نواح عديدة”.

ومن الأسهل أيضا على المرضى تناول علاج “بي بال”، ففي حين أن العلاجات السابقة يمكن أن تتطلب تناول 23 قرصا يوميا وما يصل إلى 14 ألف حبة في المجموع على مدى عامين، يتكون “بي بال” من خمسة أقراص يوميا، أقل من 750 قرصا على مدار ستة أشهر.

وبالنسبة إلى ناتاليا ليتفينينكو، التي أشرفت على علاجات “بي بال” في أوكرانيا، فإن كمية الحبوب التي يمكن التحكم فيها بدرجة أكبر، تجعل من السهل على المرضى الذين نزحوا بسبب الحرب مواصلة العلاج.

وقالت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق من هذا العام إنها ستحدّث قريبا إرشاداتها للتوصية بأن يستخدم معظم مرضى السل المقاوم للأدوية “بي بال” مع 600 ملليغرام من لينزوليد.

ووصف خبيران في المجال لم يشاركا في الدراسة النتائج بأنها “تقدم كبير”.

التطورات تأتي في وقت أثارت فيه جائحة كوفيد مخاوف من موانع عدة تعترض مكافحة مرض السل

وكتب جاي ثويتس من جامعة أكسفورد البريطانية ونغوين فيت نهونغ من البرنامج الوطني لمكافحة السل الفيتنامي في مقال افتتاحي في مجلة “نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين”، أن علاج “بي بال” “هو أحد التطورات المميزة في البحث العلمي حول مرض السل هذا القرن”.

وتأتي هذه التطورات في وقت أثارت فيه جائحة كوفيد مخاوف من موانع عدة تعترض مكافحة مرض السل.

والسُل مرض معد خطير يُصيب الرئتين في الأساس. وتنتقل البكتيريا التي تتسبَّب في الإصابة بمرض السُل من شخص إلى آخر من خلال الرذاذ الذي يخرج في الهواء عبر السعال والعطس.

وبعدما كان هذا المرض نادرا في البلدان النامية، بدأت حالات عدوى السُّل في التزايد في عام 1985، ويرجع ذلك ، إلى حد ما، إلى ظهور فايروس نقص المناعة البشرية، وهو الفايروس الذي يتسبَّب في الإصابة بالإيدز. ويتسبَّب فايروس نقص المناعة البشرية في إضعاف الجهاز المناعي للشخص، حيث يكون غير قادر على مقاومة جراثيم السُل. وفي الولايات المتحدة، وبسبب برامج المكافحة القوية، بدأت نسبة السُل في الانخفاض مرة أخرى في عام 1993. لكنها لا تزال تُشكِّل مصدرا للقلق.

وتقاوم العديد من سلالات السُل الأدوية الأكثر استخداما لمعالجة المرض. ويجب أن يتناول الأشخاص المصابون بالسُل النشط أنواعا عديدة من الأدوية لشهور للقضاء على العدوى ومنع زيادة مقاومة المضادات الحيوية.

السل

17