عطر أنس عباس الدمشقي يفوح في عواصم العالم

عطر أنس عباس هو منتج فريد يتميز بتغير رائحته بمرور الوقت، حيث يجمع بين مكونات متنوعة تعكس تراث سوريا وثقافتها ويفوح هذا العطر اليوم في مدن وعواصم اشتهرت بالماركات العالمية.
دمشق - انطلق الشاب السوري أنس عباس من محل صغير في قلب دمشق، حاملاً “رسالة عطرة” بفضل ابتكاره لعطر يتغير عبيره كل بضع دقائق، وقد سجّل هذا الاختراع في موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
أنس، الذي يبلغ من العمر عشرين عاماً، ورث مهنة صناعة العطور عن والده وبدأ في احترافها منذ عام 2014. استطاع أن يطوّر نفسه ويبتكر عطراً يحمل اسم “دمشق بلد الياسمين”، حيث مزج فيه مجموعة من المكونات بنسب محددة، ليصدر رائحة مركزة عند وضعه، تتغير بمرور الوقت إلى روائح أقل تركيزاً.
حظي هذا العطر بشهرة واسعة في العالم العربي والخليج، بالإضافة إلى أوروبا، حيث حقق رواجاً خاصاً في فرنسا، بريطانيا، والولايات المتحدة، وقد تم تكريمه بلقب سفير الشباب العربي، فضلاً عن منحه رقم عضوية في موسوعة غينيس.
وفي حديثه لوكالة أنباء “شينخوا” قال أنس “جميع مكونات العطر من سوريا، وقد صممته بتركيبات متنوعة، حيث تنبعث رائحة الياسمين عند الشم للمرة الأولى، تليها رائحة العود والفانيليا في المرة الثانية، ثم مزيج آخر في المرة الثالثة”.
وبمهارة واضحة، يقوم أنس بملء عدد من الزجاجات بعطور متنوعة، ثم يعيد تفريغها استعداداً لخلطها ووضعها في عبوة واحدة. ويشير إلى أن عطوره لقيت إقبالاً كبيراً من السوريين وغير السوريين، حيث يتلقى يومياً عشرات الطلبات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقد نجح في جذب زبائن من لبنان والإمارات والمغرب، كما أن بعض الأشخاص من مدينة العطور الفرنسية حصلوا على عطره.
وقدم أنس اختراعه الجديد في مسابقة لجذب المواهب الشابة في مجال العطور بلبنان، حيث حقق المركز الثالث متفوقاً على أكثر من 90 منافساً. وبعد ذلك، قدم طلباً لتسجيل عطره في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، وتحقق حلمه بعد عام ونصف العام عندما تلقى اتصالاً يُخبره بتسجيل عضويته برقم 144267، ليصبح بذلك أصغر خبير عطور في سوريا.
◙ أنس قدم اختراعه في مسابقة لجذب المواهب الشابة في مجال العطور بلبنان، حيث حقق المركز الثالث متفوقاً على أكثر من 90 منافسا
وقال أنس “عانيت كثيراً خلال عام كامل في صنع العطر، ثم قدمته لموسوعة غينيس عبر صديق في سلطنة عمان، وبعد عام ونصف العام، تلقيت هاتفياً خبر دخوله الموسوعة العالمية، حيث يتغير عبيره كل بضع دقائق”. في عام 2016، ابتكر أنس عطر “هيرميست” للشعر، وهو منتج صعب التطبيق لأنه يتطلب مكونات ومعايير خاصة لتجنب أيّ ضرر قد يصيب الشعر أو حدوث حساسية أو تساقط. وقد حقق هذا المنتج شهرة كبيرة وأصبح متواجداً في أهم سلسلة مراكز التجميل في سوريا.
تجاوز “هيرميست” الحدود المحلية، وأصبح متوفراً في دول الخليج وأوروبا. يقول أنس “طورت هذا المنتج وابتكرت صابوناً للوجه وسوائل استحمام للجسم، وأصبح براند ‘أنس عباس’ محل ثقة لدى الجمهور في العالم”. من خلال منصات التواصل الاجتماعي، يوضح أنس “تمكنت من الوصول إلى الناس عبر هذه المواقع، وصارت منتجاتي تُطلب إلكترونياً من أوروبا. قمت بتصميم عطور لمشاهير بمكونات يفضلونها، وكنت أنشر كل ذلك على صفحتي في فيسبوك وإنستغرام، مما أسفر عن تفاعل كبير”.
على حساباته الشخصية، يقدم أنس نصائح حول الروائح والعطور، مع شروحات علمية تفسر أسباب تغير الرائحة على الجلد، بالإضافة إلى تفاصيل عن تركيبات العطور. ويعتبر أنس أن مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون حلاً بديلاً للحصار المفروض جراء الحرب ووسيلة للتواصل مع الخارج، رغم التحديات اللوجستية في إيصال بضاعته بشكل سريع إلى زبائنه.
ومن بين الصعوبات التي واجهها خلال سنوات الأزمة كانت كميات المواد المستوردة وأسعارها، إذ كان يستورد 10 مليمترات فقط بدلاً من كيلوغرام واحد، متأثراً بتقلبات قيمة الليرة السورية مقابل الدولار. ورغم كل ذلك، يصر أنس على مواصلة مسيرته، حيث يقول مبتسمًا “كان لديّ دائماً حلم في صناعة العطور، وهذا الحلم لم يتوقف، بل يتطور ويستمر”.
يطمح أنس إلى تأسيس شركة عطور تحمل اسمه، ويتمنى أن تصل عطوره إلى جميع أنحاء العالم، مفضلاً البقاء في سوريا لاستثمار جهوده في تطوير العطر. ويضيف “أتمنى من جميع العاملين في مجال العطور أن يحافظوا على جودتها، وأقترح إنشاء نقابة خاصة بالعطارين في سوريا لحماية هذه المهنة من أيّ انتهاكات قد تضرّ بسمعتها، مثل تركيب عطور تحتوي على مواد مسرطنة.أنا مستعد لتقديم المساعدة والاستشارة لكل من يحتاجها". ويضيف بالقول "العطر هو رسالة ولغة تنتقل بلا ترجمة، ويمكننا أن نوصل رسالة السلام إلى بلدنا من خلال العطور".