عسير تتزين بالبنفسج وتتنفّس عطر الجاكرندا

تحوّلت منطقة عسير إلى لوحة طبيعية مبهرة مع بداية موسم إزهار أشجار الجاكرندا، التي انتشرت بظلالها البنفسجية في عدد من المواقع الجاذبة، لتصبح مقصدا لعشاق الطبيعة والتصوير، وسط مناخ معتدل يلف قمم جبال السروات.
عسير (السعودية)- استقطب موسم إزهار أشجار الجاكرندا الأهالي والمقيمين في منطقة عسير، للاستمتاع بألوانها البنفسجية التي تنشر البهجة مع حلول فصل الربيع، في ظل اعتدال درجات الحرارة في المحافظات الواقعة على امتداد سلسلة جبال السروات.
وترسم الأوراق البنفسجية المتناثرة بين الأغصان مشهدا ساحرا يأسر عشاق الطبيعة ومحبي التقاط الصور الفريدة. وإلى جانب هذا الجمال البصري، تفوح رائحة الجاكرندا العطرية التي تعبق الأجواء، لتأخذ الزائرين في رحلة حسية أقرب إلى عالم من الخيال.
وتضم منطقة عسير، ولاسيما مدينة أبها، أكثر من 15 ألف شجرة من أشجار الجاكرندا، تشهد إقبالا متزايدا على زراعتها في الحدائق العامة وبجوار المنازل، لما تضفيه من لمسة جمالية ساحرة على المكان.
ويتوافد مئات المتنزهين إلى أبرز المواقع التي تشكّل لوحات فنية طبيعية من أشجار الجاكرندا، مثل شارع "الفن" وحديقة "المطار"، حيث أصبحت "جاكرندا عسير" علامة فارقة في السياحة الموسمية بالمدينة، يجتذب سحرها الزوار لالتقاط الصور التذكارية والاستمتاع بأجوائها المبهجة.
وكتب الناشط محمد بن صالح عبر حسابه في منصة إكس أن "أبها فازت بإنعاش بصري" بفضل أشجار الجاكرندا، التي لا توجد في الكثير من مدن المملكة، بينما وصف عبدالعزيز السحيباني تلك الأشجار بأنها “لوحة بديعة" تزيّن شوارع المدينة، في حين شبّه المغرّد جمال فران تساقط الزهور البنفسجية على الطرقات بـ”سجادة خيالية”، مشيراً إلى أنها أضافت إلى أبها جمالاً فريدا.
ورصدت وكالة الأنباء السعودية (واس) إقبال المتنزهين والسياح على المواقع المزدانة بأشجار الجاكرندا، خاصة شارع الفن، حيث تشكّل زخات المطر مشهداً جمالياً يأسر الأنظار، ويزيد من بهاء الألوان الزاهية لتلك الأشجار.
وتستمر فترة إزهار الجاكرندا مدة تصل إلى ثمانية أسابيع، وتبعث رائحة عطرية فواحة تزداد وضوحاً بعد نزول المطر. وفي هذا السياق أوضح أمين منطقة عسير أن الأمانة قامت بزراعة مليون وردة موسمية في عدة مواقع داخل المدينة، إضافة إلى الآلاف من أشجار الجاكرندا التي تزيّن الشوارع والحدائق خلال فصل الربيع وبداية الصيف.
◙ أزهار الجاكرندا البنفسجية تضفي جمالا استثنائيا على المناظر الطبيعية في أبها حتى تبدو المدينة خلال فصل الربيع وكأنها معرض فني مفتوح
وساهمت هذه الأشجار في تعزيز مكانة أبها كوجهة سياحية ذات طابع بيئي وفني، خاصة في ظل دعم فعاليات “صيف عسير” والمواسم السياحية المتنوعة. كما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لمدينة أبها وهي تتزين بالجاكرندا، مبدين إعجابهم بالمشاهد الخلابة.
وتُعد مدينة أبها، الواقعة في جنوب غرب المملكة، من أبرز الوجهات السياحية، لما تتمتع به من طبيعة خلابة وتضاريس متنوعة ومناخ معتدل. ومن أبرز عناصر الجمال التي تضفي على المدينة رونقا خاصا شجرة الجاكرندا ذات الأزهار البنفسجية الزاهية.
وتعود أصول شجرة الجاكرندا إلى المناطق الاستوائية في أميركا الجنوبية، وقد انتشرت في أنحاء مختلفة من العالم نظراً لجمالها وقدرتها العالية على التأقلم مع البيئات المتنوعة. وفي المملكة تتركز زراعتها في المناطق الجنوبية المعتدلة، حيث تُمثل مدينة أبها بيئة مثالية لنموها وإزهارها.
ويضم جنس الجاكرندا حوالي 45 نوعا من الأشجار والشجيرات. وهي متساقطة الأوراق في البيئات ذات الشتاء القارس، ودائمة الخضرة في المناطق المعتدلة. وقد يصل ارتفاع الشجرة إلى أكثر من 18 متراً، وتنمو بسرعة لتبلغ نحو 3 أمتار في السنة الأولى من زراعتها. وتمتاز بكثافة نموها وانتشارها غير المنتظم، وتُزرع لأغراض الظل والتزيين في الشوارع والحدائق العامة.
وتضفي أزهار الجاكرندا البنفسجية جمالاً استثنائياً على المناظر الطبيعية في أبها، حتى تبدو المدينة خلال فصل الربيع وكأنها معرض فني مفتوح، تزيّنه الأزهار المتناثرة على الأرض بفعل زخات المطر.
وتسهم أشجار الجاكرندا في تلطيف المناخ المحلي بظلالها الوارفة، ما يجعل الأجواء أكثر اعتدالاً وراحة للسكان والزوار على حد السواء، لاسيما خلال أشهر الصيف. كما تساعد على تنقية الهواء من الغبار والجزيئات الملوثة، وتُطلق الأكسجين، ما يُسهم في تعزيز الصحة البيئية وجودة الحياة.
وأصبحت شجرة الجاكرندا جزءا من الهوية الثقافية والطبيعية لمدينة أبها، إذ تُقام حولها فعاليات ومهرجانات متنوعة خلال موسم الإزهار، تتضمن عروضا فنية وموسيقية تعكس تراث المنطقة وتعزز التفاعل المجتمعي.
وتُمثل الجاكرندا رمزا للجمال والاستدامة البيئية، ومع استمرار جهود التشجير في المدينة تظل أبها وجهة سياحية تزدهر بجمالها الطبيعي وتبعث البهجة في نفوس ساكنيها وزائريها.