عزل نتنياهو لحظة محورية بالنسبة إلى الشرق الأوسط

القدس - يقترب عصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من نهايته رغم أن لا أحد يعرف على وجه التحديد كم من الوقت سوف يستغرق إطاحته من منصبه، لكن ذلك سيكون لحظة محورية بالنسبة للشرق الأوسط.
ويقول نومي بار يعقوب، الزميل المشارك في برنامج الأمن الدولي، في تقرير نشره معهد تشاتم هاوس إن الولايات المتحدة أشارت بوضوح إلى نفاد صبرها تجاه نتنياهو وتسعى إلى إقامة علاقات مع القيادة البديلة في إسرائيل.
وفي خطابه عن حالة الاتحاد، اعترف الرئيس الأميركي جو بايدن بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنه تحدث مباشرة إلى قيادتها، مشيرا إلى أن “المساعدة الإنسانية لا يمكن أن تكون اعتبارا ثانويا أو ورقة مساومة”.
وكانت الزيارة غير العادية إلى الولايات المتحدة التي قام بها عضو مجلس الوزراء الحربي بيني غانتس مؤخرا (على الرغم من رفض نتنياهو الصريح) غير مسبوقة ودليلا واضحا على سخط إدارة بايدن على رئيس الوزراء الإسرائيلي.
رحيل نتنياهو سوف يشكل فرصة حيوية لضخ الزخم في وقف دائم لإطلاق النار وعملية سلام ذات مصداقية
وبعد إجرائه محادثات مع نائبة الرئيس كامالا هاريس ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن، التقى أيضا وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون في لندن.
والأكثر إثارة للدهشة هو الدعوة التي أطلقها زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشارلز شومر، وهو أعلى مسؤول يهودي منتخب في الولايات المتحدة، في الرابع عشر من مارس، لإجراء انتخابات إسرائيلية لاستبدال نتنياهو. كما دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى التنحي.
ويشير ثلاثة أعضاء في حكومة نتنياهو الحربية: وزير دفاعه يوآف غالانت، وبيني غانتس، وغادي آيزنكوت، إلى عزمهم تحديه على منصب رئيس الوزراء.
وفي استطلاعات الرأي الأخيرة التي أجرتها القناة 13 الإسرائيلية ومعهد الديمقراطية الإسرائيلي، أعرب حوالي 75 في المئة عن رغبتهم في رحيل نتنياهو.
وحتى داخل حزبه، الليكود، تجري مناورات لخلافته، مع ظهور تحديات أيضا من اليمين المتطرف الأرثوذكسي داخل ائتلافه.
وفي ظل هذه الظروف، لن يكون الأمر سوى مسألة وقت قبل أن ينهار الائتلاف وتتولى حكومة جديدة السلطة.
وأثناء وجوده في السلطة، لا يمكن تحقيق أي تقدم. والسؤال الوحيد المثير للقلق هو ما حجم الضرر الذي سيلحقه قبل رحيله، خاصة وأن هناك فترة ثلاثة أشهر قد يتمكن فيها من إلحاق ضرر كبير بمجرد سقوط حكومته وقبل انتخاب وتشكيل حكومة جديدة.
وسيكون رحيل نتنياهو لحظة مفصلية بالنسبة لإسرائيل والشرق الأوسط والعالم. وسوف تتاح لإسرائيل فرصة حقيقية لتعزيز أولويات جديدة، وأفكار جديدة، والاندماج في المنطقة وستكون أيضا فرصة فريدة لتحقيق الزخم لعملية سلام جديدة.
وسوف يحظى تشكيل حكومة ائتلافية إسرائيلية جديدة تتألف من أحزاب المعارضة الآن والتي من المرجح أن يقودها جنرال سابق بدعم الولايات المتحدة رغم أن طبيعة ونطاق هذا الدعم سوف يعتمدان على هوية الرئيس الأميركي المقبل.
ويشير بار يعقوب إلى أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة سوف تحاول تمهيد طريق آمن للسلام، وسوف تحتاج هذه الحكومة إلى دعم كل من الولايات المتحدة والدول العربية.
ويجب أن تكون الحكومة الإسرائيلية الجديدة مقتنعة بأن الدولة الفلسطينية ستكون أفضل طريق لحماية أمن إسرائيل.
وسوف تحتاج الحكومة الجديدة أيضا إلى الاقتناع بأن الدولة الفلسطينية ستكون أفضل طريق لحماية أمن إسرائيل.
وقد يبدو الأمر واضحا للدول العربية، لكنه ليس واضحا على الإطلاق للإسرائيليين بعد السابع من أكتوبر. ولا بد من معالجة مخاوف الإسرائيليين الحقيقية من أن تدعم الدولة الفلسطينية هجوما آخر من هذا القبيل.
ويجب أن يرتكز السلام على مبادرة السلام العربية لعام 2002، كما اتفقت عليها جميع الدول العربية والإسلامية في عام 2007. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة ومتصلة على أساس حدود عام 1967 مقابل التطبيع الإسرائيلي مع الدول العربية.
وهناك عقبات كبيرة تتجاوز نتنياهو، إذ تعتقد عناصر داخل السياسة الإسرائيلية والفلسطينية أن تصعيد العنف من شأنه أن يخدم مصالحها. وما زال هناك قدر كبير من الدعم لحماس في الضفة الغربية، وسوف يتطلب الأمر زعامة جديدة على الجانب الفلسطيني وعلى الجانب الإسرائيلي أيضا.
واستقال رئيس وزراء السلطة الفلسطينية وحكومته في أواخر فبراير تحت الضغط من أجل الإصلاح. وفي الرابع عشر من مارس، عين الرئيس عباس كبير مستشاريه الاقتصاديين محمد مصطفى رئيسا جديدا للوزراء خلفا لمحمد اشتية، لكن سيتعين على محمود عباس، رئيس السلطة منذ 19 عاما، أن يفسح المجال أيضا.
وفي الوقت الحالي، وبما أنه لا توجد طريقة لمعرفة متى سيتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، فمن الضروري إدخال كميات كبيرة من المساعدات إلى غزة ومعالجة المجاعة والمعاناة الشديدة، ولحسن الحظ أبحرت أول سفينة إلى غزة محملة بـ200 طن من المساعدات.
وفي الوقت نفسه، لا ينبغي أن تتوقف الجهود الرامية إلى إخراج الرهائن، وهو أمر أساسي لحمل إسرائيل على الموافقة على وقف إطلاق النار وتدفق مساعدات كبيرة.
ولكن مهما بدا وقف إطلاق النار بعيدا، يتعين على الولايات المتحدة والعالم العربي أن يستعدا لسقوط نتنياهو الآن. وينبغي أن تفعل ذلك جميع الدول العربية التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عاجلا وليس آجلا.
وسوف يشكل رحيله فرصة حيوية لضخ الزخم في وقف دائم لإطلاق النار وعملية سلام ذات مصداقية، ويتعين على العالم أن يستعد لاغتنام هذه اللحظة من أجل منع حرب أخرى وتأمين السلام والاستقرار في المنطقة.