عروض سينمائية وثقافية لتوعية الشباب التونسيين بخطر المغامرة بحياتهم

تعمل قافلة "سينما أرينا" على تعزيز مهارات الشباب في تونس وأفريقيا لتحقيق تطلعاتهم وتساهم في دعم المشاريع الصغيرة لهؤلاء حتى تثنيهم عن التفكير في ركوب أمواج البحر إلى الضفة الأخرى من المتوسط، في رحلة خطيرة وغير شرعية بحثا عن مورد رزق غير مضمون في غياب الوثائق الشرعية للإقامة في الدول الأوروبية.
تونس - أمام شاشة كبيرة وسط حي شعبي في مدينة قفصة جنوب تونس، يتجمع الشباب والسكان المحليون لمشاهدة فيلم عن قصص الهجرة غير النظامية ثم عرض تمثيلي راقص أنتجه شباب الجهة.
بدأت قافلة “سينما أرينا” المتنقلة عروضها في الحي، في ختام جولة شملت 36 منطقة بلدية منتشرة في المناطق الحضرية والريفية في ست محافظات، وهي جندوبة والكاف وسلیانة والقصرین والقیروان وقفصة.
تأمل القافلة من خلال عروضها السينمائية والثقافية أن تقود الشباب في المناطق الداخلية في تونس، إلى استكشاف فرص بديلة عن المخاطرة بحياتهم في موجات الهجرة غير النظامية.
وتقول المنظمة إن الهدف من العروض الموجهة في الساحات العامة، هو إدارة حوار مفتوح مع الشباب حول بدائل الھجرة غیر النظامیة من أجل اتخاذ قرارات مدروسة وصحيحة.
استمرت العروض لأكثر من شهر بين أغسطس الماضي وسبتمبر بدعم من المنظمة الدولية للهجرة ووزارة الخارجية الإيطالية. وشملت أفلاما ومسرحيات وعروضا موسيقية وترفيهية.
ووفق العضوة في مكتب تونس للمنظمة جيرالدين دهوب، تعمل “سينما أرينا” على تعزيز مهارات الشباب لتحقيق تطلعاتهم، وكذلك دعم المشاريع الصغيرة.
6317
تونسيا وصلوا إلى إيطاليا منذ يناير 2024 حتى 23 سبتمبر 2024 بحسب أرقام وزارة الداخلية الإيطالية
كما يشارك المجتمع المدني ووسائل الإعلام “كعناصر فاعلة رئيسية في التغيير ويتم توعية الشباب بالمعلومات الأخلاقية والشاملة عن الهجرة والفرص الاجتماعية والاقتصادية المتاحة”.
وحسب بيانات المنظمة، استقطبت العروض التفاعلية أكثر من 8300 شخص في 34 أمسية وشارك ما يفوق ألف شاب في دورات التطوير المهني وإنشاء المؤسسات والبحث عن فرص العمل.
كما ساهم أكثر من 100 متطوع شاب في تنفيذ المبادرة وتم حشدهم من خلال الشركاء، مثل مراكز الشباب والمراكز الثقافية والهلال الأحمر التونسي والمجتمع المدني.
قال الشاب ياسين الذي شارك في حلقة نقاش أثناء تقديم القافلة لعروضها في جندوبة “كل ما أتمناه أن يجد الشباب فرص عمل في بلده وان يتوقف نزيف الهجرة وان لا يضطروا إلى المبيت في الشوارع وتحت الجسور في أوروبا”.
وبحسب أرقام وزارة الداخلية الإيطالية، فقد وصل 6317 مهاجرا تونسي إلى إيطاليا منذ يناير 2024 حتى 23 سبتمبر 2024. ويمثل هذا نسبة 13 في المئة من إجمالي الوافدين إلى إيطاليا في نفس الفترة، والبالغ عددهم قرابة 50 ألفا.
وتعني تلك المؤشرات أن الرحلات المغادرة من سواحل تونس قد تراجعت هذا العام بشكل حاد بواقع 78 في المئة مقارنة بنس الفترة في 2023. وتمثل مذكرة التفاهم الشاملة التي وقعتها تونس مع ايطاليا والاتحاد الأوروبي في يوليو 2023 عاملا رئيسيا في خفض أعداد المغادرين.
وتعمل المنظمة الدولية للهجرة مع شركائها من أجل تعميم البرامج الثقافية ومن بينها “سينما أرينا” للحد من مخاطرة الشباب بحياتهم في البحر، ليس في تونس فقط ولكن في دول أخرى في أفريقيا.
وقال ريندان كيلي، رئيس وحدة الهجرة والتنمية بالمنظمة الدولية للهجرة بتونس، إن المبادرة تهدف إلى تزويد الشباب التونسي بمعلومات ملموسة عن مسارات الهجرة النظامية وتقديم معلومات عن فرص التدريب والتوظيف في تونس.
وأطلق برنامج “سينما ارينا” منذ العام 2002 من قبل الخارجية الإيطالية واهتم في الغالب في بداياته بالقضايا الصحية والاجتماعية. ومنذ عام 2018 دخل في شراكة مع المنظمة الدولية للهجرة للفت الانتباه إلى مخاطر الهجرة غير النظامية في ظل تفاقم الحوادث المأساوية لحالات الغرق الجماعية في البحر.
وسبق لهذا البرنامج أن زار خلال السنوات القليلة الماضية دول السنغال وكوت ديفوار وغينيا وغامبيا ونيجيريا، قبل أن يحط الرحال في تونس. واستقطب خلال جولاته في تلك الدول أكثر من 221 ألف شخص.
لكن المنظمة الدولية للهجرة تعمل أيضا بمعية منظمات أخرى شريكة، على مساعدة الكثير من المهاجرين الذين توافدوا من دول أفريقيا جنوب الصحراء وتقطعت بهم السبل في تونس في طريقهم لعبور البحر المتوسط.
وفي مايو 2024 أعلنت المنظمة تيسير العودة الطوعية الآمنة لـ173 مهاجرا من بنين إلى بلادهم، من بينهم 14 عائلة وكلهم استفادوا من مساعدات المغادرة، مثل الدعم الاجتماعي والطبي وخدمات الإقامة ومستلزمات النظافة الصحية والأطفال وقسائم الطعام والملابس ومن حزمة إعادة الإدماج الاجتماعي والاقتصادي في بلادهم.
كما ساعدت 166 مهاجرا على العودة الطوعية إلى بلدهم غامبيا مستفيدين من برنامج إعادة الإدماج لبناء حياة جديدة.

ويضاف هؤلاء إلى حوالي 7100 مهاجر من دول أفريقيا جنوب الصحراء كانوا غادروا تونس قبل ذلك ضمن نفس البرنامج، في الفترة الممتدة بين مارس 2023 ومايو 2024، وفق وزارة الداخلية التونسية.
تفيد بيانات وزارة الداخلية الايطالية بتسجيل انخفاض في عدد الوافدين على طريق وسط البحر الأبيض المتوسط، بنسبة 62 في المئة في عام 2024. وحتى تاريخ 23 سبتمبر 2024، وصل بالفعل الى سواحل ايطاليا 47 ألف مهاجر مقارنة بنحو 133 ألفا في نفس الفترة من عام 2023.
ومع ذلك، تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن التحليل المعمق يظهر أنه حتى عدد الوافدين في العام الماضي والبالغ 157 الف، لم يكن بحد ذاته يمثل حالة طوارئ من حيث الحجم، إذ انه لا يتعدى نسبة 0.3 في المئة من السكان الإيطاليين و0.07 من السكان الأوروبيين.
ووفق المنظمة تعد تلك الأعداد أقل بكثير من تلك المسجلة في الماضي في البحر الأبيض المتوسط، كما هو الحال عندما وصل أكثر من 850 ألف مهاجر ولاجئ إلى اليونان في عام 2015، في طريقهم إلى دول غرب أوروبا.
بالإضافة إلى ذلك، تؤكد المنظمة الدولية للهجرة أن حوالي 85 في المئة من تدفقات الهجرة في غرب أفريقيا تتحرك داخل أفريقيا ولا تذهب إلى أوروبا.
وفي تقدير المنظمة فإن حالة الطوارئ ليست رقمية هذا العام، كما لم تكن كذلك في عام 2023، لكنها حالة طوارئ إنسانية بالتأكيد، بدليل وفاة وفقدان 1121 شخصا على طريق وسط البحر الأبيض المتوسط في عام 2024 وحتى يوم 18 سبتمبر، أي بمعدل 4 مهاجرين يموتون يوميا.