عرض فرنسي سخي لتونس مشروط بإصلاحات صندوق النقد

تونس – أبدت فرنسا استعدادها لدعم تونس ومساعدتها على مواجهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بعرض مالي سخي وذلك لتكون قادرة على لعب دورها في التصدي للهجرة، لكنها ربطت ذلك بتنفيذ الحكومة الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي.
ويرى مراقبون أن العرض الفرنسي المشروط بتنفيذ الإصلاحات التي يريدها صندوق النقد الدولي من شأنه أن يحفز الحكومة التونسية على الإسراع في ذلك، والتخلي عن التردد المستمر منذ أكثر من ثلاثة أشهر، واستغلال الفرصة للذهاب في الإصلاحات خصوصا وأن تونس لا تملك بدائل فعلية تجنّبها اللجوء إلى مسار صندوق النقد ما قبل بالاتفاق معه.
ورغم أن العرض الفرنسي جاء على وقع مخاوف من الهجرة غير النظامية إلى أوروبا وقد ألمح إلى ذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأيضا رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الأسبوع الماضي، إلا من شأنه يساعد تونس في تخطي الضائقة المالية الخانقة التي ضاعفتها تداعيات جائحة كورونا والأزمة السياسية في البلاد، بعد تعثر صرف القسط الأول من اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي البالغ قيمته 1.9 مليار دولار أميركي.
وقال السفير الفرنسي في تونس أندريه إن بلاده مستعدة لتقديم تمويلات إضافية بما في ذلك 250 مليون يورو للمساهمة في تغطية الفجوة في الموازنة مقابل تنفيذ مخطط الإصلاحات الذي تم عرضه على صندوق النقد الدولي.
وأضاف السفير الفرنسي في تصريحات لوكالة تونس أفريقيا للأنباء "مستعدون كذلك لجعل المقرضين الدوليين يساهمون في تغطية حاجيات التمويل الإضافية لتونس".
وبحسب باران فإنّ الوضعيّة الاقتصاديّة وموازنة تونس معرّضة إلى "تعقيدات جمّة"، في غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وتقدر الفجوة المالية بموازنة الدولة لعام 2023 ما بين 1.5 و1.8 مليار دولار، وفق الدبلوماسي الفرنسي، ومن غير المتوقع أن يسد القسط الأول لقرض صندوق النقد الدولي بمفرده هذه الفجوة.
وقال باران إن فرنسا مستعدة لتقديم 250 مليون يورو، من بينها 50 مليون يورو يمكن صرفها مباشرة بعد المصادقة على القانون المتعلق بالشركات العمومية و200 مليون يورو يبقى صرفها رهين التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وتابع "في الأثناء فإنّ هذه المساعدة تبقى رهينة التنفيذ "الفعلي" لمخطط الإصلاحات، الذّي تمّ تقديمه إلى صندوق النقد الدولي".
وتشمل الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد أساسا المؤسسات العمومية المتعثرة والتحكم في كتلة الأجور ومراجعة نظام الدعم بما في ذلك أسعار المحروقات، وهي إجراءات يعارضها الاتحاد العام التونسي للشغل في غياب ما أسماه أمينه العام نورالدين الطبوبي "حكومة نابعة من مؤسسات وانتخابات" تملك "شرعية" فتح نقاش مثل هذا.
ويشير هؤلاء المراقبين إلى معارضة الإصلاحات مطلقا إلى حين "تغيير الحكومة" كما يريد الاتحاد، هي هروب من تحمل مسؤولية إخراج البلاد من أزمتها، وثقافة تقديم التنازلات المتبادلة، وتأجيل نقاط الخلاف إلى وقت ملائم، لافتين إلى أن ما يهم الاتحاد هو تحقيق المكاسب التي تعود بالفائدة على النقابيين والمنتسبين، وهذه الثقافة القطاعية تحد من دوره كشريك اجتماعي وطني.
وقال باران "يرغب صندوق النقد الدولي من تونس أن تمضي قدما في الرفع التدريجي لدعمها للوقود من أجل بلوغ الأسعار الفعلية".
وفرضت الحكومة التونسية زيادات شهرية بنسبة 3 بالمئة شهريا في أسعار الوقود لخفض كلفة الدعم لكن لم تحدث زيادة جديدة منذ نوفمبر 2022.
وعن توصيف ممثل الاتحاد الأوروبي بأن تونس وصلت لمرحلة انهيار اقتصادي، قال باران "لا أعلم إن كان يمكن الحديث عن خطر الانهيار، ولكن يوجد انشغال كبير بما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية في تونس، ولا أحد يأمل أن تتردى الأوضاع أكثر في البلاد".
وكان بوريل حذر الأسبوع الماضي من أن "الوضع في تونس خطير للغاية”.
وقال "إذا انهارت تونس، فإن ذلك يهدد بتدفق مهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي والتسبب في عدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. نريد تجنب هذا الوضع".
ووصفت تونس تلك التصريحات بأنها "انتقائية" و"لا تتناسب مع قدرة الشعب التونسي على الصمود وتجاوز المصاعب".
وبلغ حجم الاستثمارات الفرنسية في تونس في 2022 حوالي 187 مليون يورو ما يجعل فرنسا أول مصدر أجنبي للاستثمارات في البلاد، وتوجد بتونس قرابة ألف مؤسسة فرنسية بطاقة تشغيل تناهز 150 ألف شخص.