عدوى فايروس الهربس تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني

ربط الباحثون بين الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني والإصابة بنوعين من فايروس الهربس، وهما الفايروس المضخم للخلايا “سي.إم. في” وفايروس الهربس البسيط من النوع الثاني. وأكدوا أنهما يقللان من عدد الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس، أو قد يوقفان البروتينات التي تتحكم في كيفية استقلاب الخلايا للسكر وتحويله إلى طاقة، وهو ما قد يفسر كيف يمكن ربط العدوى بمرض السكري.
ميونخ (ألمانيا) - توصلت دراسة جديدة إلى أن نوعا شائعا من فايروسات الهربس يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
واتبعت الدراسة الحديثة، التي أجراها الباحثون في جامعة لودفيج ماكسيميليان وهيلمهولتز ميونخ في ألمانيا، بحثا سابقا يشير إلى أن الفايروسات بما في ذلك الحصبة الألمانية والتهاب الكبد (ج) مرتبطة بمرض السكري من النوع الأول (أحد أمراض المناعة الذاتية غير المرتبطة بالسمنة).
وقام الباحثون بتجنيد أكثر من 1200 من البالغين بمستويات طبيعية من السكر في الدم. ووقع اختبار المشاركين بحثا عن ثمانية فايروسات معروفة للهربس، بما في ذلك فايروسات الهربس البسيط الأول والثاني، اللذان يسببان تقرحات البرد والهربس التناسلي، على التوالي، وفايروس الحماق النطاقي (جدري الماء والقوباء المنطقية)، وفايروس إبشتاين بار والفايروس المضخم للخلايا، وهو واسع الانتشار وعادة ما يكون أقل أعراضا ولكنه يمكن أن يسبب أعراضا شبيهة بأعراض الأنفلونزا.
وكان الفايروس المضخم للخلايا “سي أم في” شائعا جدا، حيث أظهر 46 في المئة من المشاركين نتائج إيجابية للأجسام المضادة، وهو مؤشر على الإصابة السابقة، بينما كان 11 في المئة إيجابيين لفايروس الهربس البسيط من النوع الثاني. وكان لدى معظمهم أيضا أجسام مضادة لأكثر من نوع واحد من فايروسات الهربس.
الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بالهربس كانوا أكثر عرضة بنسبة 59 في المئة للإصابة بمقدمات السكري أو مرض السكري
وبعد سبع سنوات، أصيب 364 من المشاركين في الدراسة بمقدمات السكري. وأولئك الذين ثبتت إصابتهم بفايروس الهربس في البداية كانوا أكثر عرضة بنسبة 59 في المئة للإصابة بمقدمات السكري أو مرض السكري من أولئك الذين لم تظهر عليهم علامات إصابة سابقة بالهربس.
وكان المصابون بالفايروس المضخم للخلايا أكثر عرضة بنسبة 33 في المئة للإصابة بمقدمات السكري أو مرض السكري، وفقا للورقة البحثية المنشورة في مجلة دياباتولوجيا.
ولم يجد الباحثون صلة بين النوع الثاني من السكري وفايروسات الهربس المسببة لجدري الماء أو قروح البرد أو القوباء المنطقية.
وقال الدكتور تيم وولفلي، الباحث في علم الأعصاب والمؤلف الرئيسي للدراسة، لموقع “غود هلث” “أعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي يركز فيها البحث على كيف يمكن لفايروس الهربس أن يحفز مقدمات مرض السكري، ما يؤدي إلى النوع الثاني من المرض. بحثنا جديد لأننا تحققنا مسبقا لمعرفة ما إذا كان الأشخاص موضوع الدراسة لديهم أجسام مضادة لأنواع مختلفة من فايروسات الهربس”.
وتابع “الكثير من الناس لا يعرفون أنهم أصيبوا بنوع أو أكثر من أنواع فايروس الهربس، لكنه شائع للغاية. وبينما اقترحت دراستنا أن حدوث مقدمات السكري تم تفسيره بشكل أساسي حسب العمر ومؤشر كتلة الجسم والكوليسترول وغلوكوز الصيام، فإن كلا من فايروس الهربس البسيط من النوع الثاني والفايروس المضخم للخلايا يزيدان من المخاطر”.
وكشفت نتائج أبحاث سابقة أن بعض الفايروسات قد تقلل من عدد الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس، أو أن الفايروسات قد توقف البروتينات التي تتحكم في كيفية استقلاب الخلايا للسكر وتحويله إلى طاقة، وهو ما قد يفسر كيف يمكن ربط العدوى بالنوع الثاني من السكري.
وأشار الباحثون إلى أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت الوقاية من عدوى فايروس الهربس يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالسكري.
وقال الدكتور وولفلي “تسلط هذه النتائج الضوء على الصلة بين الفايروسات ومرض السكري ومقدمات مرض السكري، والحاجة إلى المزيد من البحث لتقييم إستراتيجيات الوقاية من فايروسات الصحة العامة، بما في ذلك ربما تطوير لقاحات فعالة ضد فايروسات الهربس”.

وأكدت الدكتورة فاي رايلي، مديرة الاتصالات البحثية في منظمة السكري في المملكة المتحدة أنه في الوقت الحالي، أفضل طريقة لتقليل مخاطر الإصابة بداء السكري، هي اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن وممارسة النشاط البدني بانتظام.
وتتسبَّبُ عدوى فايروس الهربس البسيط في حدوث عوارض متكررة من البثور الصغيرة المؤلمة والمليئة بالسائل على الجلد أو الفم أو الشفتين (قرحات الزكام) أو العينين أو الأعضاء التناسليَّة.
تنتشر هذه العدوى الفايروسية المُعدية بشدَّة من خلال التعرض المباشر للقرحات، أو في بعض الأحيان ملامسة المنطقة المصابة عندما لا توجد قرحات.
ويُسبِّبُ الهربس ظهور قرحاتٍ أو بثورٍ في الفم أو على الأعضاء التناسلية، وغالبًا مع الإصابة الأولى بالعدوى، تحدث الحُمَّى مع شعورٍ عامٍّ بالمرض.
ويُصيب الفايروس بالعدوى أجزاءً أخرى من الجسم في بعض الأحيان بما في ذلك العين والدماغ.
ويُميِّز الأطباء بسهولة عادةً القرحات التي يُسبِّبُها الهربس، ولكن يكون من الضروري في بعض الأحيان تحليل موادٍ مأخوذةٍ من الالتهاب أو إجراء اختباراتٍ دمويَّة.
ولا يوجد دواء يمكنه التخلّص من الفايروس، ولكن يُمكن للأدوية المضادة للفايروسات أن تُساعد على تخفيف شدَّة الأعراض وزوالها في وقت مُبكِّر.
والهربس البسيط هو أحد أنواع فايروسات الهربس ويوجد نوعان منه، فايروس الهربس البسيط من النوع الأول، وهو السبب المعتاد لحدوث قرحات الزكام على الشفاه (هربس الشفة ) والقرحات في قرنية العين، وفايروس الهربس البسيط من النوع الثاني وهو السبب المعتاد للإصابة بالهربس التناسلي.